أوباما يأمر الخزانة الأميركية ببدء خفض الضرائب ويتأهب لأول ميزانية في عهده

أكد أنه سيبذل كل ما هو ممكن للسيطرة على العجز الضخم

أمر باراك أوباما الخزانة الاميركية أمس بتنفيذ تخفيضات ضريبية تشمل 95 في المائة من الاميركيين (أ. ب)
TT

أمر الرئيس الاميركي باراك أوباما الخزانة الاميركية أمس بتنفيذ تخفيضات ضريبية تشمل 95 في المائة من الاميركيين وفاء بتعهد قدمه خلال حملته الانتخابية، يأمل أن يساعد على انتشال الاقتصاد من الركود.

والتخفيضات الضريبية جزء من خطة تعاف اقتصادي قيمتها 787 مليار دولار أقرها الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون رغم معارضة جمهورية. والهدف هو وضع مزيد من المال في جيوب الاميركيين وتنشيط الاقتصاد عن طريق زيادة إنفاق المستهلكين.

وقال أوباما في خطابه الإذاعي الأسبوعي «يسرني أن أعلن أن وزارة الخزانة بدأت هذا الصباح توجيه أرباب العمل الى خفض حجم الضرائب المحتجزة من المرتبات مما يعني أنه بحلول أول ابريل (نيسان) ستبدأ كل أسرة في كسب ما لا يقل عن 65 دولارا اضافية كل شهر».

وقال «لم يشهد تاريخنا قط سريان خفض ضريبي أسرع من هذا أو استفادة هذا العدد الكبير من الاميركيين الكادحين منه».

ومع خسارة عشرات آلاف الاميركيين لوظائفهم في خضم تباطؤ اقتصادي عالمي يقول أوباما ان اصلاح الاقتصاد الاميركي يأتي على رأس أولوياته. وقد أقر بأن نجاحه أو إخفاقه في هذا سيكون السمة المحددة لرئاسته.

وخاض أوباما حملة الرئاسة الاميركية العام الماضي، متعهدا بالغاء تخفيضات ضريبية للقلة الثرية أقرها سلفه جورج بوش واجراء خفض يشمل 95 في المائة من الاميركيين.

ويأتي اعلانه بعد يوم من قول أحد أكبر مستشاريه الاقتصاديين الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) بول فولكر ان الاقتصاد العالمي ربما يتدهور بوتيرة أسرع منه خلال الركود العظيم في ثلاثينات القرن الماضي.

ومنذ تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) يسعى أوباما الى طمأنة شعبه بأن حكومته تعالج الازمة الاقتصادية بجرأة وسرعة وسط مؤتمرات شبه يومية للإعلان عن إجراءات لكبح نزع ملكية العقارات ودعم البنوك المتداعية وإنقاذ صناعة السيارات المعتلة واقرار برنامجه لتحفيز الاقتصاد في الكونغرس.

ونالت الاجراءات ردود أفعال مبكرة متباينة من أسواق المال التي تساورها الشكوك بشأن نجاحها في وقف دوامة التراجع الاقتصادي.

وتتضمن الحزمة تخفيضات ضريبية قيمتها 282 مليار دولار - حاول الجمهوريون من دون جدوى زيادة قيمتها - ومشاريع أشغال عامة تشمل الطرق السريعة والسكك الحديدية قيمتها 120 مليار دولار.

وعمل البيت الابيض جاهدا على تهدئة المخاوف من تأميم القطاع المصرفي الاميركي في وقت هبطت فيه اسهم مصرفي «سيتي غروب» و«بنك اوف اميركا» في بورصة وول ستريت. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في لقاء مع الصحافيين ان «الإدارة ما زالت تؤمن بقوة ان نظاما مصرفيا خاصا يتناسب مع الطريق الواجب اتباعه».

واكد غيبس ان القطاع «سينظم بما فيه الكفاية» من قبل الدولة.

وادى هذا التصريح الذي نقل على الهواء مباشرة الى تراجع اسهم المصارف في بورصة نيويورك.

ومن ناحيته، دحض متحدث باسم وزارة الخزانة الاميركية «الشائعات حول السوق» وذلك ردا على تعليقات المحللين الذين يعتبرون ان تأميم بعض المصارف امر لا بد منه. وقال المتحدث اسحق بيكر، في رسالة الكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية «هناك الكثير من الشائعات حول السوق، كما يحصل دائما، لكن يجب ان لا ننظر الى هذه الشائعات على انها مؤشر على السياسة التي تنتهجها إدارتنا».

واضاف «كما قال وزير الخزانة تيموثي غايتنر سوف نحافظ على نظام مالي يمسكه ويديره القطاع الخاص». وكان عدد من المعلقين اعلن ان الصعوبات التي يمر بها مصرفا «بنك أوف اميركا» و«سيتي غروب» تجعل تأميمها أمراً لا بد منه. ومن المتوقع ان يسعى الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال أسبوع دقيق إلى الإبقاء على أمل القيام بإصلاح اجتماعي واسع النطاق بالتوازي مع تحديد مستوى العجز الهائل في الميزانية الاتحادية حين سيتوجه بخطاب إلى الكونغرس يعرض فيه اول ميزانية في عهده.

وسيلقي اوباما مساء الثلاثاء اول خطاب كبير له كرئيس امام مجلسي الكونغرس مجتمعين. وسيكشف الخميس الخطوط العريضة لمشروع ميزانية عام 2010.

وفي الحالتين يريد اوباما تقديم صورة صريحة لاقتصاد متعافٍ، وتأكيد ضرورة خفض النفقات العامة. وحذر المتحدث باسم اوباما، روبرت غيبس من ان العجز المدرج في مشروع الميزانية سيكون «اكبر بكثير وأسوأ بكثير مما كنا نتصوره للوهلة الأولى».

واضاف ان اوباما الذي تعهد باعتماد الشفافية تخلى عن بعض «الألاعيب» التي كان اسلافه يجملون بها الوضع.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فان نفقات الحرب في العراق وأفغانستان مثلا، ستظهر في مشروع الميزانية بعد أن كانت تدرج ضمن مشاريع قوانين مالية. والفارق الناجم عن هذا التغيير على مدى عشر سنوات يبلغ 2700 مليار دولار من العجز الإضافي، بحسب الصحيفة. ويتوقع ان يبلغ عجز الميزانية هذا العام رقما قياسيا عند 1500 مليار دولار ،خصوصا بسبب الأزمة والخطط الهائلة للتصدي لها.

ويشير اوباما الى ان الرئيس السابق جورج بوش ورّثه هذا العجز وديونا تضاعفت خلال ثماني سنوات. وهو يدافع عن ضرورة هذه الخطط على الامد القصير وبينها خطة بقيمة 787 مليار دولار وقعها الثلاثاء الماضي حتى وان كانت تفاقم الوضع بشكل مؤقت. وهو يؤكد انه «على الامد البعيد فان نمونا الاقتصادي يتطلب احتواء العجز الاتحادي، والاستثمار في ما نحتاج اليه والتخلي عما لا نحتاجه».

ومن المقرر ان يجتمع أوباما غدا في «قمة» أعضاء من حكومته وبرلمانيين وخبراء. ويعتبر خفض العجز مع توسيع نطاق الإجراءات الاجتماعية قضية معقدة ومحفوفة بالمخاطر سياسيا. وتنذر المعارضة الشديدة لخصوم اوباما الجمهوريين بشأن خطة الانعاش الاقتصادي بصعوبة التعاون بينهما حين يتعلق الأمر بالالتزام بشأن قضية مثيرة للجدل مثل الضمان الاجتماعي.

غير ان المتحدث باسم اوباما قال ان الرئيس سيؤكد الثلاثاء امام الكونغرس انه يعتزم الوفاء بوعده وقال «ان الناس سيرون بلا ريب ان الرئيس يتحرك بسرعة لنستثمر في الطاقات المتجددة لنقلص تبعيتنا تجاه النفط الاجنبي واننا نتخذ اجراءات حتى يتمتع ملايين الاميركيين بتغطية صحية أفضل وحتى يحصل من لا يملكون تأمينا صحيا عليه». وسيتم نشر المشروع الخميس وسيحتوي على توقعات النفقات والمداخيل الاتحادية للسنوات العشر المقبلة. وسيتم تفصيله في وقت لاحق من العام.

كما سيبحث الكونغرس هذا الأسبوع قانونا لنفقات تسيير الدولة حتى أكتوبر (تشرين الأول).

من جهة اخرى وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس ببذل «كل ما هو ممكن» للسيطرة على العجز الضخم في موازنة الولايات المتحدة، الذي يمكن ان يتجاوز 1200 مليار دولار بعد تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي التي وقع عليها قبل أيام. وقال اوباما في حديثه الإذاعي الأسبوعي انه وإدارته مصممان على بذل «كل ما هو ممكن للسيطرة على نسب عجز هائلة، في الوقت الذي يتعافى فيه اقتصادنا».

ووصف الرئيس الأميركي مشروع الموازنة لعام 2010 الذي سيعلنه الخميس بأنه «متواضع في تقييماته، واضح، ويكشف بالتفصيل استراتيجية الاستثمار في ما يحتاج اليه الاميركيون» وحسب آخر الارقام التي اعلنها مكتب الموازنة التابع للكونغرس فان العجز في الموازنة لعام 2008- 2009 سيصل الى رقم قياسي يبلغ 1200 مليار دولار اي 3.8 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي الخام.

ولا تشمل هذه الارقام كلفة خطة الانعاش الاقتصادي البالغة 787 مليار دولار التي وقع عليها اوباما الثلاثاء ويفترض ان تساهم في خلق ملايين الوظائف.

وقال اوباما «ثلاثة ملايين اميركي ونصف المليون سيتوجهون الان الى العمل، لانجاز ما تحتاج اليه الولايات المتحدة».

كما أعلن انه ابتداء من هذا السبت سيبدأ الاميركيون بالاستفادة من تخفيضات ضريبية تتضمنها خطة الإنعاش الاقتصادي سيستفيد منها 95 في المائة من الاميركيين.

ويتألف ثلث خطة الإنعاش الاقتصادي من تخفيضات ضريبية. وتابع الرئيس الاميركي «لم يسبق في تاريخنا ان طال خفض الضرائب هذا العدد من العمال، كما لم يسبق ان كان لخفض الضرائب هذا التأثير السريع».

الا انه استدرك «لن يكون اي من هذه الأمور سهلا، فالطريق طويل تتخللها عوائق.

إلا إنني متأكد باننا كشعب ستكون لنا القوة والحكمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية وتجاوز الازمة.