أوباما يسعى لخفض عجز الميزانية الأميركية إلى النصف بنهاية فترته الرئاسية

عبر تقليص الإنفاق الحربي في العراق وزيادة الضرائب على ذوي المداخيل العالية

يأمل أوباما تخفيض العجز من 1.3 تريليون دولار إلى 533 مليار دولار بنهاية فترته الرئاسية
TT

يقدم الرئيس أوباما خطة الأسبوع الحالي لتخفيض عجزالميزانية الفيدرالية إلى النصف نهاية فترته الأولى في الحكم، عن طريق تقليص حجم الإنفاق في الحرب على العراق، وزيادة الضرائب على الأشخاص الذين يحققون دخلا سنويا يزيد على 250.000 دولار، وفقا لما صرح به مسؤول في الإدارة يوم السبت الماضي.

ويقترح مخطط الميزانية الفيدرالية الذي يقدمه أوباما المساعدة على تقليص العجز بالتخلص من التبذير وعدم الكفاءة في الحكومة، حتى مع إطلاق الإدارة مبادرات سياسية طموحة ومكلفة مثل زيادة توفير الرعاية الصحية وتقليل انبعاث الغازات.

وصرح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لأن الميزانية لم تعلن بعد بأن ميزانية أوباما الأولى تحتوي على اقتراح بتخفيض العجز الذي يبلغ 1.3 تريليون دولار، الذي ورثه عندما تولى الحكم إلى 533 مليار دولار بنهاية فترته الرئاسية الأولى، ليصل به إلى نسبة 3 في المائة من الاقتصاد. وبينما يبدأ في الترويج لخطته من أجل تحقيق هذا الهدف، سيجتمع الرئيس مع مجموعة مختارة من المشرعين والخبراء يوم الاثنين في اجتماع يعلن البيت الأبيض أنه سيركز على إحالة المسؤولية المالية إلى عمل الحكومة. وسيتحدث مباشرة إلى الكونغرس غدا الثلاثاء حول حالة البلاد، ليمهد الطريق من أجل عرض خطته للميزانية يوم الخميس.

ويعد تأكيد أوباما على المسؤولية المالية مكونا أساسيا لمحاولته للترويج للميزانية سياسيا، وهو وقاية من المنتقدين، حيث يفكر البيت الأبيض في تقديم أموال إنقاذ حكومية طائلة للبنوك وشركات السيارات ويتحرك من أجل تطبيق خطة إنقاذ أصحاب المنازل. وقد وصف الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس خطة التحفيز التي قدمها أوباما بالإنفاق المتهور. وعلى الأرجح، فقد يتسبب اعتزام الإدارة زيادة الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة في العام المالي المقبل في احتجاجات عنيفة.

وحتى مع حديثه عن الحاجة إلى وقف انهيار القطاعات الاقتصادية الرئيسة، كرر أوباما نصيحته بأنه على من يتلقى أموال الإنقاذ أن يتصرف فيها بحذر وتحمل للمسؤولية.

ويوم السبت الماضي، أكد الرئيس في خطابه الأسبوعي الذي يبث إذاعيا وعلى شبكة الإنترنت على أن الحكومة سوف ترتب أوضاعها الداخلية أيضا. فقال أوباما:«لا يمكننا أن نحقق نموا مستمرا من دون السيطرة على عجز ميزانيتنا».

وقال:إن ميزانيته«معتدلة في تقييمها، ونزيهة في محاسبتها، وتسرد بالتفصيل (استراتيجيته) في استثمار ما نحتاج إليه، وتقليص ما لا نحتاج إليه، واستعادة الانضباط المالي».

وقد ورث الرئيس بوش فائضا في الميزانية من الرئيس كلينتون، ولكن ارتفع العجز أثناء فترة إدارة بوش. وفي الأشهرالأخيرة من رئاسة بوش، رفعت خطة الإنقاذ الحكومية الفيدرالية للأسواق المالية عجز الميزانية إلى ما يزيد على تريليون دولار. ومنذ تولي أوباما الحكم، وقع الكونغرس على خطة تحفيز اقتصادي قيمتها 787 مليار دولار. ولكن في حين يدرس أوباما حل المشكلات التي كانت في انتظاره لدى وصوله إلى المكتب البيضاوي، يستعد أيضا للالتفات إلى بنود في السياسة المحلية،التي كان قد وعد بها أثناء حملته الانتخابية. ويحاول أوباما، بالكشف عن خطته للميزانية، أن يجذب الانتباه إلى بعض من تلك المبادرات، أهمها خطته لإصلاح نظام الرعاية الصحية.

وقد كان البيت الأبيض يستعد لجعلها أول مبادرة سياسية في جدول أعماله. ولكن تعطلت الخطط عندما انسحب زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ توم داشل، الذي كان مرشح أوباما ليكون مسؤولا عن المشروع، من ترشيحه للمنصب بعد اكتشاف عدم سداده للضرائب عن دخله من سيارة وسائق وأموال أخرى حصل عليها بعد أن غادر مجلس الشيوخ عام 2005.

وربما تُقلص خطة الميزانية من الإنفاق على بعض البرامج الصحية، مما يجعل من الممكن أن تزداد الأموال المخصصة لزيادة الرعاية الصحية.

ويقول مساعدون أيضا: إن الرئيس يخطط للبدء في تناول تغير المناخ والاستقلال في مجال الطاقة، وهما موضوعان متكرران في حملته، مع تقديم خطط للحد من انبعاث غازات البيوت الزجاجية والاعتماد على البترول الأجنبي.

وسيفي أيضا إجراء مهم مخفض للتكاليف في خطة الرئيس، وهو انسحاب قوات القتال من العراق، بأحد تعهدات الحملة الانتخابية.

وقد أضافت الحربان في العراق وأفغانستان ما يقدر بـ 135.6 مليار دولار من التكاليف الإضافية على ميزانية البنتاغون المقدرة بـ512 مليار دولار في العام الحالي، وفقا لأرقام البنتاغون.

وسينتج عن سحب القوات من العراق توفير صاف، حتى على الرغم من إرسال الرئيس المزيد من القوات إلى أفغانستان.

وبناء على حقائق تاريخية، تتكلف الحرب في العراق أكثر من الحرب في أفغانستان، كما أن وجود القوات الأميركية في العراق أكبر بكثير. وحتى بعد مضاعفة القوات الأميركية قواتها في أفغانستان، سيظل حجمها أقل من نصف حجم القوات الموجودة حاليا في العراق.

ولم يضع الرئيس حتى الآن مخططا لنوع القوات التي يريد أن يحتفظ بها في العراق، إن كان سيحتفظ بقوات هناك، وما هي تكلفتها المحتملة. وربما تقدم خطة الميزانية صورة واضحة في هذه المسألة.

وينتظر البيت الأبيض توفير أموال بعد انتهاء التخفيضات الضريبية المؤقتة التي وضعها بوش، بحلول عام 2011، التي تنطبق على أصحاب الدخول التي تزيد على 250.000 دولار سنويا. وقد دعا أوباما لإلغاء هذه التخفيضات عندما كان مرشحا للرئاسة.

وهناك أيضا فكرة فرض ضرائب على الدخل الاستثماري الذي يحققه مديرو صناديق التحوط باعتباره دخلا، بدلا من اعتباره أرباح على رأس المال، مما يمكن أن يرتفع معه المعدل من 15 في المائة إلى 35 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، يقول مسؤولو الإدارة: إن الرئيس سيتخذ خطوات من أجل جعل الحكومة تعمل بفاعلية ومن أجل إلغاء البرامج غير الناجحة، على الرغم من أن خطأ آخر في اختيار أحد المرشحين قد تسبب في إبطاء هذه المبادرة:حيث انسحبت نانسي كيلفير، التي كانت مرشحة لتولي مهمة جهود التخلص من البرامج غير الفعالة، بسبب قضايا تعلق بالضرائب الشخصية. وسيكون هناك أيضا جزء يتعلق بـ «نزاهة وضع الميزانية» في خطاب الميزانية، بشأن «محاسبة خفة اليد» التي يقول مصدر في الإدارة: إنها كانت جزءا من عملية وضع الميزانية في الماضي. وتقول المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي:«لا يجب أن نتسامح مع هذا النوع من الخداع عندما يتعلق الأمر بالمحاسبة على أموال الضرائب العامة».

وعلى الرغم من أن عرض أوباما العام لميزانية العام المالي الذي يبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) سيكون في يوم الخميس، إلا أن خطة الإنفاق الكاملة لن تظهر قبل أبريل (نيسان). ولكن بدأ الترويج للخطة منذ عطلة نهاية الأسبوع، حيث وعد أوباما في خطابه الإذاعي بـ«السيطرة على العجز المتفجر في الميزانية».

ومن المهم تقليص حجم العجز في الميزانية من أجل قوة الاقتصاد على المدى الطويل، وقد قال:«لا يمكننا أن نحقق نموا مستمرا من دون السيطرة على عجز ميزانيتنا».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»