برنانكي يتوقع انتهاء الانكماش الأميركي في 2009

الأزمة الاقتصادية تسيطر على خطاب أوباما أمام الكونغرس

أوباما خلال اجتماعه مع تارو آسو رئيس وزراء اليابان في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

توقع بن برنانكي رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أمس انه يرى «احتمالا معقولا» بانتهاء حالة الانكماش الشديد التي تشهدها الولايات المتحدة هذا العام إذا ما حققت برامج التحفيز الاقتصادي والإنقاذ الأهداف التي وضعت لها، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وبقي برنانكي خلال شهادته نصف السنوية أمام الكونغرس حذرا في توقعاته مشيرا إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال يواجه «انكماشا خطرا».

وأشار إلى أنه يعول على المبادرات المختلفة للسلطات لمساعدة الاقتصاد والأسواق المالية.

وشدد على أنه «من الضروري جدا أن نواصل الجهود لإنعاش الميزانية من خلال تحرك قوي للدولة لإحلال الاستقرار في المؤسسات المالية والأسواق».

وأضاف «في حال نجحت الإجراءات التي تتخذها الإدارة والكونغرس والاحتياطي الفدرالي في إحلال نوع من الاستقرار المالي، فإنه في هذه الحالة فقط برأيي، ثمة احتمال معقول بأن ينتهي الانكماش الحالي في 2009 وأن يشهد عام 2010 انتعاشا» وقال إن الاحتياطي الفدرالي يتوقع أن «يستعيد الاقتصاد عافيته كاملة بعد الانكماش الحالي، بعد أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات على الأرجح».

وجاء ذلك في الوقت الذي اختتم فيه الرئيس الأميركي باراك اوباما الثلاثاء أول خطاب سياسي كبير يلقيه في الكونغرس ليتوجه بالتوصيات والتوجيهات إلى بلد تشتد عليه المخاوف الاقتصادية، وعرض برنامج عمله الطموح.

وبعد خمسة أسابيع على قيام إدارته في ظل أسوأ أزمة مالية تشهدها البلاد منذ ثلاثينات القرن الماضي، سيستخدم اوباما هذا المنبر السياسي المخصص للرؤساء للتكلم مباشرة إلى الأميركيين في كلمته التلفزيونية المهمة التي تلقى ترقبا كبيرا.

وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذا الخطاب أمام مجلسي الشيوخ والنواب، يشكل أول اختبار فعلي لرئيس جديد، يتيح له فرصة لطرح برامج جديدة وعرض فلسفته السياسية. لكن مع انهيار الوضع الاقتصادي، فإن اوباما سارع إلى التحرك من دون أن ينتظر هذه الفرصة الرسمية، فقام حتى الآن بإقرار خطة لإنعاش الاقتصاد بقيمة 787 مليار دولار بعدما اقرها الكونغرس بمجلسيه، وكشف عن خطة بقيمة 275 مليار دولار لوقف مصادرة المنازل وضاعف المساعي ولو بدون نتيجة حتى الآن لتثبيت الاستقرار في القطاع المصرفي. كذلك تعهد اوباما الاثنين بخفض العجز الهائل في ميزانية الدولة إلى النصف بحلول نهاية ولايته الرئاسية.

وسيعتلي اوباما منبر مجلس النواب في الساعة 21:00 (2:00 تغ) ليلقي أهم خطابات عهده الرئاسي حتى الآن أمام أعضاء إدارته وكبار ضباط الجيش وقضاة المحكمة العليا وأعضاء الكونغرس.

ويلقي اوباما خطابه مدعوما بموجة عارمة من التأييد الشعبي رغم ورود أنباء اقتصادية كارثية بشكل يومي. فقد كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه بي سي نيوز» الاثنين أن 68 في المائة من المستطلعين يؤيدون أداء اوباما وان 60 في المائة منهم مرتاحون لطريقة تعاطيه مع الاقتصاد.

وسيتوجه اوباما إلى جمهور شديد التنوع سواء في الولايات المتحدة أو في الخارج. وبين الأميركيين الذين سيستمعون إليه ملايين من الذين فقدوا أعمالهم أو انهارت معاشاتهم التقاعدية وتبخرت مدخراتهم. ويتوق المستثمرون في الأسواق الأميركية الرازحة تحت وطأة الأزمة التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ عقد، إلى قيادة جديدة تمسك بزمام الأمور. وبعد أسابيع ضاعف فيها التحذيرات الاقتصادية المتشائمة، يخضع اوباما لضغوط من اجل أن يحرك لدى الأميركيين الأمل في مستقبل مشرق، ويعود بذلك إلى رسالة الأمل التي شكلت لازمة حملته الانتخابية وحملته إلى البيت الأبيض. وأفاد كبار مساعدي الرئيس بشكل واضح انه بالرغم من الضائقة الاقتصادية، فإن اوباما يعتزم التبشير بالتغيير السياسي الكبير الذي وعد به.

ويشدد اوباما على أن إصلاح نظام الضمان الصحي والاحتباس الحراري والسعي لتحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، كلها مصالح تحظى بالأولوية ولو في ظل الأزمة الاقتصادية الشديدة.

وأعلن بيتر اوزاغ مدير مكتب الإدارة والميزانية الاثنين أن نظام الضمان الصحي هو مسألة ذات أولوية. وقال «إن أهم ما يمكننا القيام به لوضع هذه الأمة مجددا على سكة مالية مستديمة بعيدة الأمد هو الحد من الزيادة المطردة في تكاليف الضمان الصحي».

ومن المرجح بموازاة ذلك أن يوضح اوباما في خطابه أن الاستثمارات الضخمة في مصادر الطاقة النظيفة التي تنص عليها خطته لإنعاش الاقتصاد ستطلق ثورة خضراء يمكن أن تعزز قطاع الطاقة والتنمية الاقتصادية.

وبعدما تعهد اوباما الاثنين بخفض العجز الهائل في الميزانية الذي ورثه من إدارة جورج بوش بمعدل النصف بحلول نهاية ولايته الرئاسية عام 2013، من المرجح أن يسعى لتحقيق هامش التحرك الاقتصادي الذي يحتاج إليه للحد من الإنفاق.

وقال المتحدث باسمه روبرت غيبس إن «الرئيس يدرك انه لم ينتخب لترؤس سلسلة من الخيارات والقرارات السهلة بشكل جوهري، من اجل حملنا من الوضع الذي نحن فيه إلى الموقع الذي هو واثق بقدرة هذا البلد على إدراكه.» وتابع غيبس «إن بعض هذه القرارات سيكون صعبا»، متحدثا قبل يوم من إلقاء اوباما خطابه الذي يدشن تقليديا عهدا رئاسيا جديدا قبل أن يلقي الرئيس في السنوات اللاحقة ما يعرف بالخطاب حول وضع الاتحاد. وبالرغم من فشل اوباما في الفوز بتأييد القسم الطاغي من الجمهوريين لخطته من اجل إنعاش الاقتصاد، إلا انه من المؤكد انه سيتحدث عن تخطي الانشقاقات الحزبية. وقال أحد كبار أعضاء الكونغرس الجمهوريين دارل عيسى من كاليفورنيا متحدثا للصحافيين الاثنين على هامش «قمة المسؤولية المالية» في البيت الأبيض إنه يتطلع إلى سماع خطاب اوباما.

وقال «لا يمكن أن تعرفوا ما يبيعه البائع قبل أن يدق بابكم»، لكنه حذر اوباما الى وجوب تجنب عرض لوائح من خطط الإنفاق.

وأضفى اوباما بعض التشدد على كلامه عن التفاهم وتجاوز الخطوط الحزبية، فانتقد الجمهوريين الذين عارضوا خطة الإنعاش الاقتصادي خلال اجتماع لحكام الولايات الأميركية.

وقال اوباما وهو ينظر في اتجاه حاكم لويزيانا بوبي جيندال الذي يرد اسمه كمرشح جمهوري محتمل للرئاسة في المستقبل، «ما لا ارغب في أن نقوم به، هو أن نبقى أسرى التصرف القديم ذاته الذي يمنعنا من التحرك بشكل فاعل وبالتنسيق فيما بيننا.» وأضاف «سيكون هناك متسع من الوقت لاحقا للحملات»، وسيلقى جيندال الرد الجمهوري. ومن ناحية أخرى أعلن مسؤول في الإدارة أن اوباما سيعرض على الحاكم السابق لولاية واشنطن (شمال غرب) غاري لوك منصب وزير التجارة بعد انسحاب مرشحين سابقين.

وذكر الموقع الالكتروني لولاية واشنطن التي كان حاكمها الديموقراطي من يناير (كانون الثاني) 1997 إلى يناير (كانون الثاني) 2005، أن لوك البالغ التاسعة والخمسين من عمره اليوم، كان أول حاكم من أصل صيني في تاريخ الولايات المتحدة.