كازاخستان تتهم سماسرة بأنهم وراء ارتفاع أسعار شعيرها في الأسواق السعودية

سفيرها خيرات لاما شريف لـ : سنوقع قريبا مع الرياض اتفاقية لدعم وحماية الاستثمارات

السفير الكازاخستاني لدى السعودية خيرات لاما شريف
TT

حمل خيرات لاما شريف سفير جمهورية كازاخستان لدى السعودية، من وصفهم بـ«السماسرة والوسطاء»، مسؤولية ارتفاع أسعار الشعير الكازاخستاني الذي يصدر إلى أراضي المملكة. واقترح من أجل الخروج من هذه الدوامة، أن يبادر المستثمرون السعوديون بمشاريع زراعية في الأراضي الكازاخستانية.

ونشطت مجموعة من الوفود الرسمية السعودية بزيارة الجمهورية الآسيوية التي تعد إحدى دول الاتحاد السوفياتي السابق في عام 2008، وبداية العام الجاري أيضا، وهي الزيارات التي قال عنها السفير لاما شريف بأنها جاءت بغرض دراسة السوق الكازاخستاني، فيما وصف المباحثات التي جرت بين تلك الوفود والمسؤولين في بلاده بـ «المثمرة».

وكشف خيرات في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض عن أن بلاده كازاخستان والسعودية، أنهيا مؤخرا اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي بينهما، وهما في صدد التوقيع على اتفاقية لدعم وحماية الاستثمارات بين البلدين. ولم يعط السفير أرقاما دقيقة، حول حجم الاستثمارات المشتركة بين السعودية وكازاخستان، إلا أنه أشار إلى أن هذا الموضوع سيكون مثار بحث في الدورة الثالثة للجنة الحكومية الكازاخستانية – السعودية المشتركة، التي ستعقد في مايو (أيار) المقبل في مدينة أستانة العاصمة الجديدة لجمهورية كازاخستان.

وطبقا لخيرات لاما شريف فإن بلاده اقترحت على الرياض، إنشاء شركة نقل مشتركة بين شركات سعودية وشركات من آسيا الوسطى، تهتم بنقل البضائع من آسيا الوسطى إلى الخليج وبالعكس عبر مرفأ بندر عباس الإيراني ومرفأ الدمام السعودي. والمرفأ الأخير قال السفير أنه يمكن له أن يصبح مركزا للتجارة الإقليمية، لافتا إلى أن خطوة إنشاء هذا الخط البري سيؤدي إلى تخفيض تكاليف نقل البضائع بشكل كبير. > في الفترة الماضية زار جمهورية كازاخستان أكثر من وفد رسمي سعودي تناول العلاقات بين البلدين لا سيما الاستثمارات الزراعية هناك، هل لنا التعرف إلى ماذا تم الاتفاق عليه حتى الآن في هذا المجال؟

- أنتم على حق، نشط الجانب السعودي بشكل واضح في عام 2008 في دراسة السوق الكازاخستاني. بإيعاز من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز زارت في عام 2008 وبداية عام 2009 وفود سعودية حكومية جمهورية كازاخستان، وقد تشكلت هذه الوفود أحياناً من قيادات وزارية وإدارية مختلفة وممثلين عن شركات سعودية مختلفة. كان اهتمام الجانب السعودي في هذه الزيارات منصباً على آفاق التعاون بين البلدين في المجال الزراعي. وكان المهندس أحمد بن محمد السدحان مدير عام المكتب الوطني للإستراتيجية الصناعية لوزارة التجارة والصناعة السعودية على رأس أحد الوفود التي زارت كازاخستان. أجرت الوفود السعودية محادثات مثمرة مع المسؤولين في وزارة الزراعة الكازاخستانية، وشركات «ساري أرقا» و«توبيل» الوطنية الزراعية. وتعرفت الوفود السعودية كذلك على عمل الشركات الزراعية الكبرى، وعلى الأراضي المزروعة بالقمح والشعير والمحاصيل الأخرى. كما شارك وفد سعودي في أعمال مؤتمر الاستثمار الدولي الذي أُقيم في مدينة قاراغاندا التي تعتبر أكبر مركز صناعي في بلادنا. بينما شارك وفد سعودي آخر برئاسة سليمان التركي مستشار وزير المالية السعودي في أعمال المنتدى الزراعي الاستثماري الدولي الأول «أغرواينفست كازاخستان 2008». أود هنا كذلك الإشارة إلى زيارة وفد رجال الأعمال السعوديين برئاسة المهندس عبد العزيز بن محمد البابطين الرئيس التنفيذي لشركة «نادك» الوطنية للتنمية الزراعية.

> لماذا اهتم الجانب السعودي بالناحية الزراعية بشكل خاص؟

- توجد إمكانات زراعية لا محدودة في كازاخستان. نحن ننتج كل عام حوالي 15 إلى 20 مليون طن من القمح والشعير. تجد منتجاتنا طلباً عليها في أسواق الشرق الأوسط والخليج. تشتري مصر على سبيل المثال سنويا أكثر من مليون طن من القمح. وتشير إحصاءاتنا إلى أننا نصدر سنويا إلى المملكة العربية السعودية حوالي 350 ألف طن من الشعير. إلا أن الشعير الكازاخستاني لا يصل إلى السوق السعودي إلا بأسعار عالية ما يعادل حوالي 400 دولار وذلك بسبب السماسرة والوسطاء. ولذا نحن على استعداد لتقديم أراضينا للجانب السعودي لزراعة القمح والشعير والذرة والصويا والمحاصيل الزراعية الأخرى، ثم نقل المحاصيل بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية. الشيء نفسه نقترحه على الجانب السعودي فيما يخص المواشي.

> هل أبلغكم الجانب السعودي عن حجم الاستثمارات المتوقعة في بلادكم في المجال الزراعي؟

- يقوم البلدان حاليا بدراسة آفاق التعاون في المستقبل. كل الاتفاقيات تنتظر انعقاد الدورة الثالثة للجنة الحكومية الكازاخستانية – السعودية المشتركة التي ستعقد في شهر مايو (أيار) من هذا العام في مدينة أستانة هي العاصمة الجديدة لبلادنا. سيحدد الجانبان في هذا الاجتماع حجم الاستثمارات بينهما. > ما هي التسهيلات التي ستقدمونها للاستثمارات السعودية في بلادكم وتحديدا في المجال الزراعي؟ - أعلن البنك الدولي أن كازاخستان هي واحدة من بين أفضل 20 بلداً في العالم في جذب الاستثمارات الأجنبية. دخلت إلى كازاخستان في السنوات الماضية استثمارات مباشرة بقيمة 100 مليار دولار أميركي من أكثر من 60 بلداً في العالم. وبلغت حصتنا حوالي 80 في المائة من الاستثمارات الأجنبية التي دخلت إلى منطقة آسيا الوسطى. ويعمل بنجاح مجلس المستثمرين الأجانب الذي يشارك فيه رئيس دولتنا نور سلطان نزاربايف شخصياً وقادة الشركات الاستثمارية الأجنبية الكبرى في العالم التي تعمل في بلادنا. تتلخص مهمة المجلس في البحث المستمر عن تحسين الجو الاستثماري في كازاخستان. أما ما يخص الاستثمارات السعودية، فقد انتهينا من مناقشة اتفاقية منع الازدواج الضريبي، ونعد في المستقبل لتوقيع اتفاقية دعم وحماية الاستثمارات. ستشكل هذه الاتفاقيات أساسا قانونيا لحماية حقوق ومصالح المستثمرين السعوديين. كما أقرت الحكومة الكازاخستانية قانون الأرض الذي يسمح للمستثمرين الأجانب باستئجار الأراضي الزراعية لمدة 10 سنوات قابلة للتمديد. > عن تمويل تلك الاستثمارات؟ وهل تم الاتفاق على آلية في هذا الجانب؟

- أنشأت كازاخستان منذ فترة صندوق «سامروق- قاظينة» الوطني للتنمية، الذي نقلت إليه كل الأصول الحكومية في كل المجالات الاقتصادية. تدخل في هذا الصندوق كبرى الشركات الوطنية القابضة وشركات الصناعات الثقيلة والخفيفة، والشركات الزراعية، وشركات النقل، والتعدين، وصناعة النفط والغاز والاتصالات.... الخ. لا يكتفي الصندوق بإدارة الأصول الحكومية، بل يعتبر مسؤولا عن نمو هذه القطاعات من الناحية الاستثمارية. أي أنكم تستطيعون الحصول على كل المعلومات التي تريدونها من خلال هذا الصندوق فيما يتعلق بمشاريع الأعمال في كازاخستان، والتشريعات الوطنية، والتسهيلات. وعرضنا على المستثمرين السعوديين 120 مشروعاً استثمارياً تشمل كل المجالات الاقتصادية. وإننا على استعداد لعرض هذه المشاريع على كل من يرغب من المستثمرين العرب، وما عليه للحصول على ذلك سوى التوجه للسفارة الكازاخستانية. > كم حجم التبادل التجاري بين البلدين حاليا؟ وإلى أين يميل الميزان التجاري؟

- بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2008 بين البلدين 68 مليون دولار. تبادل البلدان القمح والشعير والذرة والمنتجات الصناعية والمعادن ومنتجات الصناعة الخفيفة والثقيلة. غير أن حجم التبادل التجاري لا يتناسب طبعاً مع الإمكانيات الموجودة في البلدين. أنا متأكد أننا جميعا سنكون قريبا شاهدين على النمو الكبير للتجارة البينية والاستثمارات بين كازاخستان والمملكة العربية السعودية. وقد التقيت منذ فترة الدكتور فهد بن صالح السلطان الأمين العام لمجلس الغرف السعودية، وقد اتفقت معه على العمل سويا من أجل تنشيط العلاقات والصلات بين دوائر رجال الأعمال في البلدين، وتنظيم منتديات أعمال مشتركة في كازاخستان والسعودية. وقد اهتم الأمين العام لمجلس الغرف السعودية بشكل خاص بفكرة إنشاء شركة نقل مشتركة بين شركات سعودية وشركات من آسيا الوسطى للعمل على الخط البري يربط كازاخستان بدول الخليج. نقترح إنشاء شركة تهتم بنقل البضائع من آسيا الوسطى إلى الخليج وبالعكس عبر مرفأ بندر عباس الإيراني ومرفأ الدمام السعودي الذي يمكن له أن يصبح مركز التجارة الإقليمية. ويؤدى تشغيل هذا الخط إلى تخفيض تكاليف نقل البضائع بشكل كبير.

> ماذا عن الاستثمارات السعودية الأخرى لا سيما في المجال الصناعي؟

- كما قلت سابقا إن الشركات السعودية تولي اهتماما متزايدا للعمل في كازاخستان، وسأعطي هنا بعض الأمثلة:

تدرس «مجموعة الزامل» إمكانية استيراد منتجات الرصاص إلى المملكة بشكل دائم، وإمكانية شراء المصانع القائمة أو بناء مصنع رصاص جديد في كازاخستان. إني أحيي هذه الروح الموجودة لدى رئيس مجلس إدارة لشركة «مجموعة الزامل» السيد عبد الرحمن الزامل الذي يرأس مجلس رجال الأعمال الكازاخستاني السعودي. كما زار الأمير الوليد بن طلال كازاخستان في مارس (آذار) عام 2008، وقد استقبله رئيس البلاد، ورئيس الوزراء الكازاخستاني. تخطط شركة المملكة القابضة لبناء فندق الفور سيزونز Four Seasons في العاصمة أستانة. تملك شركة «الخرافي» خبرة كبيرة في تصدير الآليات الزراعية إلى كازاخستان، وهي تخطط لتوسيع عملها.

وفي الوقت نفسه زار وفد من شركة سابك في عام 2008 كازاخستان، والتقى مع المسؤولين في شركة «كازموناي غاز» الوطنية النفطية وناقش معهم إمكانية مشاركة الجانب السعودي في تنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبرى في قطاع النفط والغاز. وملك مجموعة صافولا في كازاخستان مصنعا لإنتاج الزيوت النباتية، ومن المتوقع أن يغطي هذا المصنع في عام 2010 حوالي 35 في المائة من حجم السوق الكازاخستاني.

> هل هناك استثمارات كازاخستانية في السعودية؟ وإن كانت موجودة فما هي مجالاتها؟ - لا يمكننا حتى الآن الكلام عن وجود استثمارات كازاخستانية في السعودية. مع ذلك فنحن نضع نصب أعيننا أن تكون الاستثمارات متبادلة، ما يدفع بالعلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية قدما إلى الأمام. وقد أثمرت هذه الجهود عن تأسيس شركة مشتركة «الجزيرة العربية للأنابيب» تشارك فيها رؤوس أموال كازاخستانية وسعودية. ستشارك هذه الشركة في إنشاء خطوط الأنابيب على الأراضي السعودية.

أود أن أقول هنا إنه في 26 و27 من فبراير (شباط) من هذا العام ستشهد مدينة ألماطا منتدى دوليا ضخما عن القمح « كاز غرين – 2009» . وتُعقد في شهر مايو (أيار) في مدينة أستانة اجتماعات منتدى الأعمال الكازاخستاني– السعودي. ونخطط هذا العام تنظيم معرض للمنتجات الكازاخستانية في المملكة تحت شعار «صنع في كازاخستان». أنتهز هذه المناسبة لأدعو كل رجال الأعمال والمستثمرين في المملكة ودول الخليج الأخرى للمشاركة في هذه الفعاليات الاقتصادية والتجارية المهمة. من جهتها سفارة جمهورية كازاخستان مستعدة لتقديم كل المعلومات والتسهيلات للحصول على التأشيرات والتواصل مع الفعاليات الكازاخستانية.