المركز المغربي للظرفية الاقتصادية ينتقد محدودية خطة الحكومة لمواجهة الأزمة المالية

دعا إلى تسريع وتيرة الاستثمارات العمومية وتدخل الدولة لتخفيض أسعار العقار

الحبيب المالكي رئيس المركز المغربي للظرفية مع إدريس جطو رئيس الوزراء المغربي السابق خلال المؤتمر السنوي للمركز المغربي للظرفية («الشرق الأوسط»)
TT

انتقد المركز المغربي للظرفية الاقتصادية محدودية خطة الإنقاذ التي أعدتها الحكومة المغربية لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية الدولية. ووصف خبراء المركز خطة الحكومة بأنها مجرد تدابير معزولة لا ترقى لمستوى مخطط وطني شامل ومتماسك في مواجهة الأزمة، إذ تقتصر على ثلاثة قطاعات صناعية فقط هي النسيج والجلد وقطع غيار السيارات.

وقال العربي الجعيدي، عضو الهيئة العلمية للمركز، إن الخطة التي أعلنتها الحكومة تمتاز بالوضوح التام فيما يتعلق باختيار الأولويات، التي حددتها في تدعيم السيولة المالية للشركات المتضررة ودعم الصادرات، غير أن الاستفادة الفعلية من هذا الدعم تعترضها مجموعة من الشروط الصعبة التحقيق، منها اشتراط هبوط رقم المعاملات بنسبة 20 في المائة.

وأضاف الجعيدي «هذا الشرط يمكن أن يدخلنا في متاهات وجدال قد لا ينتهي، إذ على أي أساس وضمن أي مدى يمكن قياس هذا الهبوط في رقم المعاملات، وكيف يمكن إثبات أن الهبوط فعلا ناتج عن الأزمة؟» وأوصى المركز المغربي للظرفية، خلال مؤتمره السنوي الـ19 الذي عقد أول من أمس في الدار البيضاء، بضرورة وضع سياسة لمواكبة الموسم الزراعي المتميز بإجراءات تحفيزية من أجل تحويل الإنتاج الزراعي القياسي المرتقب خلال السنة الجارية إلى رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي، وبتسريع وتيرة الاستثمارات العمومية التي أعلنتها الحكومة. كما أوصى الحكومة بالتدخل من أجل تخفيض أسعار العقار التي عرفت ارتفاعات كبيرة جدا خلال السنوات الأخيرة، وردها إلى مستويات معقولة ملائمة لإقلاع قطاع البناء والأشغال العمومية.

وأوصى المؤتمر بضرورة وضع خطة شاملة في مواجهة الأزمة، وعدم الاكتفاء بمجموعة من التدابير المعزولة التي تهم بعض القطاعات الصناعية دون أخرى.

ودعا حبيب المالكي، رئيس المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، إلى صياغة «ميثاق وطني للنمو الاقتصادي» يتجاوز الاعتبارات الظرفية للأزمة، ويشكل إطارا لتعبئة الطاقات وتسريع الإصلاحات وإيجاد أفضل الشروط لتفعيلها، إضافة إلى تشكيل الإطار العام لبرنامج الإنقاذ الحكومي في مواجهة آثار الأزمة العالمية بعد مراجعته وتوسيعه ليشمل كل القطاعات المرشحة للتأثر سلبيا بتداعيات الأزمة العالمية.

وقال المالكي إن المغرب في حاجة إلى استراتيجية شاملة ومنسجمة تحقق التناغم والانسجام بين مختلف المخططات القطاعية التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة. وأضاف «لدينا المخطط الأزرق للنهوض بالسياحة، والمخطط الأخضر للزراعة، ومخطط الإقلاع للصناعة، ومخطط السكن، وآخر للصناعة التقليدية. لكن على الرغم من الطابع الهيكلي لهذه المخططات إلا أنها تبقى مشتتة، وتفتقد الانسجام والتنسيق، وتحتاج إلى إطار شامل يعطيها معنى وهدفا ويحقق التناغم والانسجام بينها».

وقال المالكي إن الأزمة الاقتصادية العالمية، التي انتقلت إلى المغرب عبر قنوات التجارة الخارجية والمبادلات، بدأت تضع رحالها شيئا فشيئا، وأصبحت تتخذ طابعا بنيويا خلافا للتصور الذي انبنى عليه مخطط الإنقاذ الحكومي، الذي يعتبرها أزمة ظرفية. وأضاف أن الاقتصاد المغربي سيعرف أزمة نمو مرشحة للازدياد مع الانعكاسات السلبية لمخططات إعادة الهيكلة الصناعية التي تنتهجها الدول الصناعية الكبرى وبفعل التغيرات التي سيعرفها الطلب الخارجي خلال المراحل المقبلة.

وأشار المالكي إلى أن الأزمة الاقتصادية كشفت مدى هشاشة النسيج الاقتصادي المغربي ومحدودية نمط التصنيع المغربي المرتكز على قطاعات ذات قيمة مضافة ضعيفة. وأضاف «لا يمكن نكران المجهود الذي بذله المغرب في السنوات الأخيرة من أجل تنويع نسيجه الصناعي، لكن ذلك يبقى غير كاف. فنمط التصنيع المغربي يرتكز حتى الآن على أنشطة تقليدية لم تستطع النجاح في تحقيق تحولها مثل صناعة النسيج والألبسة، وهناك أيضا الصناعات الجديدة كصناعة الطيران والصناعات الإلكترونية، إضافة إلى الأنشطة المرحلة (أوفشورينج) التي تتميز بطابعها الهش والمتطاير رغم كل ما يمكن أن يقال حول أهميتها».