الحكومة الأميركية توافق على رفع حصتها في «سيتي غروب»

من خلال تحويل 25 ملياردولار من أسهم ممتازة إلى عادية

يُعد الاندماج الجديد الأكثر جرأة حتى الآن لتحقيق استقرار في مصرف سيتي غروب وأكثرها تعثرا في الوقت الحالي (أ ب)
TT

أعلن مصرف سيتي غروب الأميركي أمس، إتمام إبرام اتفاق مع الحكومة الفيدرالية الأميركية، لتستحوذ على حصة قيمتها 36 في المائة من المصرف النيويوركي، لتطمين المستثمرين أن المصرف قادرعلى الاستمرار، حتى في ظل خسائر متراكمة. وكانت قد استثمرت الحكومة بالفعل ما يقارب 45 ملياردولار في المجموعة، وعليها إعادة 25 مليار دولار عن طريق تحويل ما قيمته 25 مليار دولار من الأسهم الممتازة التي تملكها الحكومة في البنك الأميركي إلى أسهم عادية، الذي يحمي حقوق الملكية. وأضاف المصدر انه بمقتضى الاتفاق الذي يهدف إلى تعزيز قاعدة رأسمال البنك، فإن مؤسسة سيتي غروب لن تتلقى أي أموال جديدة من الحكومة الاميركية وسيتعين عليها ان تجد مستثمرين من القطاع الخاص على استعداد لتحويل أسهمهم الممتازة الى أسهم عادية. وستقوم الحكومة بمجاراة تحويلات أسهم مستثمري القطاع الخاص دولار،في مقابل دولار وبما يصل الى 25 ملياردولار.

في محاولة تعد الأكثر جرأة حتى الآن لتحقيق استقرار في مصرف سيتي غروب، أحد أكبر المؤسسات المالية في الولايات المتحدة ومن أكثرها تعثرا في الوقت الحالي، أعلنت وزارة الخزانة أمس أنها ستزيد حصتها في المؤسسة بنسبة كبيرة. فبعد أن فشلت محاولتي إنقاذ تصل قيمتهما إلى عدة مليارات من الدولارات في دعم المصرف، سوف تقوم الحكومة بزيادة حصتها في البنك من 8 في المائة إلى 36 في المائة. وفي إطار الصفقة، أشار رئيس البنك ريتشارد بارسونز في بيان، أن البنك سيقوم بإجراء تغيرات على مجلس إدارته، حتى يكون فيه أغلبية من المديرين المستقلين، ولكنه سيبقي فيكرام بانديت رئيسا تنفيذيا. وكان بعض المراقبين الفيدراليين يسعون من أجل إحداث هذا التغيير في مجلس الإدارة، حسب ما قاله أشخاص قريبون من الصفقة. وكان قد أعلن سيتي غروب أنه سوف يعرض مبادلة أسهم عادية مقابل ما يصل إلى 27.5 مليار دولار في صورة أوراق مالية مفضلة قائمة وأوراق مالية مفضلة ائتمانية بسعر تحويلي يبلغ 3.25 دولار للسهم، بفارق 32 في المائة على سعر الإغلاق أول من أمس. وسوف تطبق الحكومة هذه المبادلة على ما يصل إلى 25 ملياراً من أسهمها المفضلة بنفس السعر. وأكدت وزارة الخزانة في بيان أن عملية المبادلة تهدف إلى تعزيز القاعدة الرأسمالية لبنك سيتي غروب، فيما وافقت المؤسسة الاستثمارية التابعة لحكومة سنغافورة والأمير السعودي الوليد بن طلال ومؤسسة «كابيتال ريسيرتش غلوبال إنفستورز» ومؤسسة «كابيتال وورلد إنفستورز» على المشاركة في ذلك، حسب ما قاله بنك سيتي غروب في بيان. وسوف يمتلك حملة الأسهم الحاليين حوالي 26 في المائة من الأسهم البارزة. وقال سيتي غروب أيضا: إنه يحتمل أن يسجل رسوم إصلاح السمعة تصل قيمتها إلى 9.6 مليار دولار تراجعا في قيمة الأصول بسبب التردي الذي مُني به الأسواق المالية. وتقول وزارة الخزانة: إن هذه العملية، التي لا تتضمن ضخ المزيد من الأموال الحكومية في البنك، سوف تزيد من حجم استثمار وزارة الخزانة في سيتي غروب. ويقول البنك: إن حصة الأوراق المالية المفضلة التي لا تحول إلى أسهم عادية، سوف توضع في أوراق مالية مفضلة ائتمانية جديدة، بنسبة عوائد قيمتها 8 في المائة سنويا. وسوف يقوم البنك بتعليق الأرباح على أسهمه المفضلة وأسهمه العادية. ويقول بانديت:«يوجد هدف وحيد من عملية مبادلة الأوراق المالية هو زيادة الأسهم العادية الحقيقية. وهذه العملية، التي لا تتطلب المزيد من الاستثمار من دافعي الضرائب الأميركيين، ولا تغير من استراتيجية سيتي غروب ولا من عمليات أو حوكمته. لن يتضرر العملاء والشركاء من ذلك، وسوف يستمرون في الحصول على الخدمة عالية المستوى التي يتوقعوها من سيتي غروب في كافة أنحاء العالم. وكانت إدارة أوباما تعمدت عدم الحصول على حصة حاكمة في سيتي غروب، ولكن من المحتمل أن تكون عليها ضغوط كبيرة لتولي دورأكبر كثيرا في تشكيل مسار البنك. وبعد ضخ أكثر من 45 مليار دولار في البنك، سوف يصبح دافعو الضرائب أكبر حامل للأسهم في سيتي غروب. وتعد هذه الخطوة من أعنف الإجراءات التي يتخذها المسؤولون الفيدراليون من أجل منع انهيار مؤسسة يُنظر إليه على أنها «كبيرة جدا ولا يجب أن تنهار»، حيث إن سقوط البنك يمكن أن تكون له توابع في الأسواق العالمية. وكانت الحكومة قد حصلت أيضا على حصة كبيرة في «المجموعة الدولية الأميركية»، واستحوذت على «فاني ماي» و«فريدي ماك» أكبر شركتين عقاريتين في الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وحتى لم يكن لأي من هذه الصفقات ثمرة جيدة. وتحاول الإدارة الأميركية الإبقاء على البنوك في يد القطاع الخاص وتسعى للنأي عن الحديث عن التأميم. ولكن مع تراجع سعر سهم «سيتي غروب» وحاجته الملحة لرأسمال باتت عملية زيادة الحكومة لحصتها فيه أمر لا مفر منه. ومن المتوقع أن تكون الصفقة نموذجا مطروحا أمام المؤسسات المالية الأخرى، حيث يمكن أن ترى البنوك الكبرى الأخرى نفسها في موقف مشابه خلال الأسابيع المقبلة إذا ما أظهر «اختبار ضغط» جديد أنه لا يوجد لديها رأسمال كاف أو الكمية الكافية من الأسهم العادية لإرضاء المنظمين. ويقول مسؤولون في الإدارة: إنهم سوف يحولون استثمارات الأسهم المفضلة الحالية للحكومة إلى أسهم عادية وسوف يقومون بالمزيد من الاستثمارات لتحقيق الاستقرار داخل البنوك، إذا كان ذلك ضروريا. وتسعى صفقة سيتي غروب إلى التعامل مع نقص محتمل في الأسهم العادية التي يطلبها المستثمرون والمنظمون في الوقت الحالي. وبتحويل الأسهم المفضلة إلى أسهم عادية، سوف ترتفع حصة الحكومة من 8 في المائة إلى 36 في المائة، مما يعطي دافعي الضرائب المزيد من الخطورة ولكن مع احتمالية أكبر لتحقيق أرباح إذا ما تحسن وضع الشركة. بيد أن ذلك سوف يضعف موقف حملة الأسهم الحاليين في سيتي غروب. ومن بين حملة الأسهم العادية في سيتي غروب مستثمرون من وقت طويل مثل الأمير السعودي الوليد بن طلال ورئيس البنك السابق سانفورد ويل والعديد من صناديق المعاشات وصناديق إدارة الأصول الكبرى التي تدير الأموال لصالح مستمرين عاديين. وعلى سبيل المثال، يمتلك «فيدليتي انفستمنت»، الذي ضاعف من موقفه المالي في سيتي غروب العام الماضي، حصة تبلغ أكثر من مليار دولار. ويمكن لسيتي غروب أن يعزز من وضع الأسهم العادية عن طريق سحب الدين وإصدار أسهم جديدة عادية. وحتى الآن لم يوافق أي حملة الأسهم المميزين على مقايضة أسهمهم. ومن دون وقوف الحكومة إلى جانبهم، ستكون عملية بيع أكثر صعوبة بسبب الخوف من تدهور أوضاعهم.