لجنة الأوراق المالية والبورصات تتهم شركات ستانفورد بتقديم مليار دولار قروضا «زائفة»

زوّرت بيانات مالية لمستثمرين قاموا بموجبها بشراء إيداعات وصلت قيمتها إلى8 مليارات دولار

لورا بندرجست هولت عقب القبض عليها (رويترز)
TT

في نهاية فصل الخريف الماضي، أرسل أحد رجال المبيعات البارزين في «ستانفورد فاينانشال غروب» في ميامي رسالة على عجل عبر البريد الإلكتروني إلى لورا بندرجست هولت، المسؤولة الاستثمارية الرئيسية في شركة السمسرة. حيث أراد عميل لديه 20 مليون دولار في بنك ستانفورد في أنتيغوا سحب نقوده، إذ كان يشعر بالقلق على سلامتها من الناحية المالية. وفي الواقع، كانت النقود تبعد كل البعد عن أن تكون في وضع آمن. فداخل إمبراطورية ستانفورد، كان روبرت ألن ستانفورد ومساعده الرئيس جيمس دافيس يستعدان للتخلص من كمية كبيرة من محفظة البنك الاستثمارية عن طريق بيعها ونقل مئات الملايين من الدولارات داخل وخارج هيكلة البنك الذي يتكون من 3 طبقات. ولكن قالت السيدة بندرجست هولت، التي كان يجري إعدادها لتولي دور في ستانفورد منذ أن كانت في الخامسة عشرة من عمرها عن طريق السيد دافيس، لرجل المبيعات إنه يمكنه كتابة تقرير يفيد بأنه لا توجد مشاكل في أي شيء وأن أصول عميله آمنة. وفي يوم الجمعة، اتهمت لجنة الأوراق المالية والبورصات السيد ستانفورد والسيد دافيس بالقيام بـ«عملية احتيال كبيرة» على مدار العقد الماضي، أساءا خلالها استخدام الأموال وقدما أكثر من 1.6 مليار دولار في صورة قروض «زائفة» إلى السيد ستانفورد.

واتهمت اللجنة، في شكوى تم مراجعتها، الرجلين بتزوير البيانات المالية التي يتم تقديمها إلى المستثمرين الذين اشتروا شهادات إيداع تصل قيمتها إلى 8 مليارات دولار تبين أن عوائدها أكبر من أن تكون واقعا. وفي يوم الجمعة أيضا، مثلت السيدة بندرجست هولت في جلسة استماع في هوستون بعد أن ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض عليها لحجب معلومات عن فريق تحقيق يتبع لجنة الأوراق المالية والبورصات ينظر في أحد أكبر عمليات الاحتيال المالية الدولية المشتبه بها. وتقول السلطات إنها لم تكشف عن مدى علمها بمآل أصول في البنوك تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار عندما كانت تدلي بشهادتها أمام اللجنة في مطلع فبراير (شباط). ويقول محامي الدفاع عنها دان كوغدل إنها سوف تقول إنها غير مذنبة عندما يتم توجيه الاتهامات إليها في دلاس، حيث تم رفع تهمة جنائية ضدها. ويضيف أنه لا يوجد دليل على أنها لم تتعاون مع المحققين. ولكن، على الجانب الآخر يقول محامي الحكومة بول بليتير: «إنها أحد ثلاثة أفراد كان لديها علاقة بـ6 مليارات دولار ضاعت على المستثمرين الآن».

وقد أظهر العديد من المقابلات مع موظفين سابقين في ستانفورد وما أدلى به الشهود في وثائق المحكمة أنه بمرور الوقت أحاط المديرون البارزون أنفسهم بمجموعة من الأصدقاء والأقارب والمعارف كان لديهم خبرة مالية ضعيفة. ويوم الجمعة، قالت لجنة الأوراق المالية والبورصات إن هذه العلاقات أنشأت بيئة لم تسمح بـ«رقابة مستقلة» على أصول البنك الموجودة في أنتيغوا. وفي الواقع، فإن هذه العلاقة الحميمة كانت تعني عدم سؤال السيد ستانفورد والسيد دافيس عما كانا يقومان به، حسب ما يقوله موظفو ستانفورد. وفي شهادات سابقة أدلت بها للجنة الأوراق المالية والبورصات، قالت السيدة بندرجست هولت إن ستانفورد ودافيس يعرفان وحدهما وضعية مليارات الدولارات المخبأة في جزء غير واضح من محفظة البنك تعرف باسم الطبقة الثالثة. وتغطي الطبقة الأولى 10 في المائة من أصول البنك وهي في صورة نقدية، فيما تمثل الطبقة الثانية 10 في المائة أيضا من الأصول وكانت تحت إشراف بندرجست هولت وتستثمر مع أكثر من 12 مدير صناديق في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، فإنه طبقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، قبل أربعة أيام فقط من شهادتها، أعطت بندرجست هولت عرضا في مكتب ستانفورد في ميامي حضره دافيس، وعدد من المسؤولين التنفيذيين في ستانفورد ومحام من الخارج لم يُعرّف يمثل ستانفورد فاينانشال. وكان الهدف من الاجتماع هو مناقشة التفاصيل المالية التي سوف تحتاج إلى عرضها في شهادتها أمام لجنة الأوراق المالية والبورصات. وحسب الشهادات الخطية الخاصة بمكتب التحقيقات الفيدرالية، فإنه خلال الاجتماع قام «المسؤول س»، أو السيد دافيس، بإعطائها قرص بيانات يظهر أن مجموعة أصول الطبقة الثانية تضمنت أكثر من 3 مليارات دولار في صورة حيازات عقارية و1.6 مليار دولار تبين أنها «قرض إلى حامل أسهم» يعتقد الحضور أنه السيد ستانفورد. وقد كانت هذه المعلومات بمثابة صدمة لعدد من المسؤولين التنفيذيين الحضور، حيث كان يقال لهم جميعا أكثر من مرة إن استثمارات الشركة شرعية. يذكر أن عدد منهم يتعاون في الوقت الحالي مع المحققين الحكوميين. ومع ذلك لم تكشف بندرجست هولت خلال شهادتها أمام لجنة الأوراق المالية والبورصات هذه التفاصيل، على الرغم من الأسئلة التي كررت عليها أكثر من مرة. وترك توماس سوبلوم، وهو محامي بروسكور روز، الذي مثل الشركة وكان حاضرا خلال شهادة بندرجست هولت أمام لجنة الأوراق المالية، الدفاع عنها في اليوم الذي أعقب الشهادة. وبعد يومين، تنصل سوبلوم، الذي قضى 20 عاما مع لجنة الأوراق المالية والبورصة قبل أن يدخل في نشاط خاص، من كافة العروض الشفهية والمكتوبة التي قدمها من قبل أمام اللجنة لصالح الشركة. ولا ترد أي من مكاتب سوبلوم على المكالمات التليفونية. ولم يتسن الوصول إلى ستانفورد ودافيس، اللذين وجهت لهما تهم جنائية. ويبدو أن علاقات بندرجست هولت وولاءها لـ«ستانفورد فاينانشال» لهما جذور قوية. تزوجت بندرجست هولت من جيمس هولت، الذي كان يدير صندوق تحوط كان يتولى حصة من الأصول الموجودة في بنك أنتيغوا. كما أن أحد أقارب زوجها كان يشرف على فريق يضم 20 محللا راقبوا أداء العديد من مديري الأصول. ويقول نائب رئيس بارز رفض ذكر اسمه لأنه ما زال يعمل في ستانفورد: «كان يعلمها السيد دافيس على تولي المزيد من المسؤوليات». لدى الاثنين مكاتب قريبة من بعضها بعضا في ممفيس، المحور المالي لإمبراطورية ستانفورد، حيث كان يمكن لدافيس أن يسافر في بعض الأحيان من منزله في بادوين، على بعد 120 ميلا، على متن إحدى الطائرات الخاصة التابعة للشركة، حسب ما يقوله موظف سابق. وأشرفت بندرجست هولت، الذي كان يعمل أحد أقاربها سكرتيرا لدافيس، على حصة صغيرة مما يفترض أنها أصول قيمتها 8 مليارات دولار في أنتيغوا من خلال مكتب ممفيس. ويقول بعض المقيمين إن دافيس رعى أربعة موظفين آخرين على الأقل من بادوين منذ أن كانوا في سن المراهقة. تقابل كل من دافيس وستانفورد في جامعة بايلور، ولديهما شخصيات مختلفة بصورة كبيرة، الأمر الذي كان يعني مسؤوليات مختلفة داخل الشركة. ويقول عضو منتدب سابق في البنك: «شخصية ستانفورد هي الحديث، فيما يتعامل دافيس مع المال». ويضيف المسؤول السابق إن دافيس لديه صورة صحية، حيث إنه يتناول مذيبات البروتين ويمارس التمارين بصورة منتظمة في صالات الألعاب أو يمارس العدو. وكان ينظر إلى دافيس على أنه رجل دين، حيث كان يفتتح الكثير من اجتماعات «ستانفورد فاينانشال» بالدعاء بأن يتخذ المسؤولون التنفيذيون في ستانفورد قرارات استثمارية صحيحة، حسب ما أفاد مستشار مالي آخر سابق. ويتمتع دافيس بسمعة مشابهة داخل مسقط رأسه، حيث لعب دورا رئيسا في الحياة المدنية والدينية، فقبل عدة أعوام بدأ في الذهاب إلى كنيسة لايف واي كوميونيتي، في الوقت الذي كانت تذهب فيه زوجته إلى كنسية معمدانية كان يذهب إليها لأعوام طويلة. وقابل دافيس بندرجست هولت عن طريق الكنيسة المعمدانية، عندما كانت صغيرة، حيث كان يبلغ عمرها حوالي 15 عاما. والتحقت بندرجست هولت، وهي سيدة طويلة وودودة، بـ«ستانفورد فاينانشال» في عام 1997 وقت أن تخرجت في الجامعة، حيث كانت تدرس الرياضيات. ويقول ستانلي هودلستون، راعي الكنيسة المعمدانية الأولى في بالدوين: «إنها تتسم بالنشاط، وهي عضو متدين في كنيستنا، إنها رائعة للغاية وتحظى بالإعجاب».

بيد أنه، خلال العام الماضي، عندما بدأت الشركة في بيع الأوراق المالية والأموال التي لديها في الطبقة الثانية من محفظتها المالية، واجهت بندرجست هولت تساؤلات حادة في الوقت الذي تزايدت فيه الشكوك لدى بعض المحللين داخل الشركة. لاحظ البعض عمليات سحب كبيرة ظهرت في البنك. وفي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) سحب البنك 100 مليون دولار وبعد أسبوعين 100 مليون دولار أخرى وبعد أسبوعين آخرين 50 مليون دولار. أضف إلى ذلك، تبين أن حوالي 541 مليون دولار في صورة رأسمال جديد زعم البنك الموجود في أنتيغوا ضخها أنها تعتمد على أصول كان البنك قد اشتراها في عام 2008 مقابل 88.5 مليون دولار، حسب ما تشير إليه وثائق المحكمة. كان قد كشف عن ذلك خلال الاجتماعات التي عقدت في ميامي والتي أفضت إلى مثول بندرجست هولت أمام لجنة الأوراق المالية والبورصة للإدلاء بشهادتها. وبعد ذلك، عندما سألتها اللجنة عن حيازات الطبقة الثالثة، أجابت بندرجست هولت: «لو كنت أعلم شيئا عن الطبقة الثالثة، لكنت أخبرتكم إياه...صدقني».

* خدمة «نيويورك تايمز»