«ستاربكس» تسعى للتأقلم مع الأزمة الاقتصادية.. وإعادة رسم صورتها كعلامة تجارية ذات أسعار مناسبة

سئِمت من تصنيفها كشركة لا تبيع سوى مشروبات خاصة يصل سعرها إلى 4 دولارات

TT

عندما شرعت سلسلة مقاهي «ستاربكس» في تقديم نمط جديد من وجبات الإفطار صباح أمس، لمحاولة تحقيق توازن مهم يقوم على ضرورة أن تكون أسعار الوجبات رخيصة إلى حد ما بدرجة تجتذب العملاء المقتصدين في إنفاقاتهم، وفي الوقت ذاته باهظة إلى حد ما بدرجة تجتذب العملاء الذين يولون اهتماماً أكبر بالجودة عن السعر. وتعدّ وجبات الإفطار التي تبلغ تكلفتها 3.95 دولار ـ ومؤلفة من قهوة وساندويتش بيض وطحين الشوفان أو كعكة القهوة ـ أحدث محاولة تبذلها ستاربكس من أجل إعادة رسم صورتها كعلامة تجارية ذات أسعار مناسبة. وتوفر هذه الوجبات، التي تطلق عليها ستاربكس «الإفطار المزدوج»، على العميل 1.20 دولار. وفي إطار جهودها الأوسع نطاقاً لاجتذاب العملاء المعنيين بصورة خاصة بالقيمة، تعرض ستاربكس بطاقات خصم وتدرب موظفيها على اقتراح أكياس القهوة غير المطحونة والأخرى سريعة التحضير على العملاء الذين يفضلون القهوة الممزوجة بالحليب التي يبلغ سعرها 4 دولارات. وفيما يخص هذا النمط من القهوة، من الواضح أن الشركة سئمت من تصنيفها كشركة لا تبيع سوى مشروبات خاصة يصل سعرها إلى 4 دولارات. في هذا الصدد، أوضح تيري دافنبورت، رئيس شؤون التسويق في ستاربكس، أن: «التسعير عند مستوى 3.95 دولار يرمي للتغلب على وجهة النظر القائمة بأن أسعارنا تتركز عند 4 دولارات ـ ذلك أن هذا المستوى يقل عن أربعة دولارات، كما أنه لا يغطي توفير شراب فحسب، وإنما يغطي كذلك طعاماً معه». وتعمد ستاربكس حالياً على تعديل القوائم المعلقة داخل المحال الخاصة بها. وبينما احتلت المشروبات الخاصة مرتفعة السعر، مثل فرابتشينو، فيما قبل المكانة الأبرز في القوائم، تسلط القوائم الجديدة بدلاً من ذلك الضوء على أنواع القهوة المخمرة والمثلجة التي يبلغ سعرها 2 دولار. وتحرص الشركة على توجيه المعنيين بخدمة العملاء إلى أن غالبية المشروبات يقل ثمنها عن 3 دولارات، بحيث ينقلون هذه المعلومة إلى العملاء الذين يشكون من الأسعار. من جانبهم، يناضل المسؤولون التنفيذيون بالشركة من أجل التغلب على التراجع الذي منيت به عائدات الشركة في الفترة الأخيرة، علاوة على محاولتهم التقليل من صعوبة تحقيق توازن بين القيمة والمكانة الرفيعة التي تتمتع بها العلامة التجارية. في هذا الصدد، أوضح هوارد شولتز، الرئيس التنفيذي للشركة، أنه: «إذا كنا نمثل علامة تجارية استثنائية، فإن ذلك لا يعني أنه ليس باستطاعتنا توفير منتجات بأسعار في متناول شريحة أكبر من العملاء، أعتقد أنه عندما نقوم بذلك، سنصبح أقوى لأننا سنحتفظ بقاعدة عملائنا الرئيسة، مع اجتذاب عملاء جدد». لكن دايفيد موريس، المحلل البارز لدى شركة منتل المعنية بالأبحاث المرتبطة بالسوق، يرى أنه سيكون من الصعب تحقيق ذلك. وعلق على الأمر بقوله: «من الضروري تقليل السعر، لكن عليهم توخي الحذر كي لا يخسروا المكانة الرفيعة التي قامت عليها العلامة التجارية». وأوضح دافنبورت أن عملاء ستاربكس التقليديين يتنوعون بين المهنيين ممن يملكون سيارات بي إم دبليو، الذين غالباً ما يرتادون مقاهي ستاربكس مرتين يومياً، وآخرين يبدون حرصاً أكبر في نفقاتهم، وعادة ما يرتادون ستاربكس مرة كل شهر، بل وتباعدت زياراتهم الآن بدرجة أكبر. وأضاف: «المجموعة الأخيرة ضخمة العدد، لذا فإن اجتذاب زيارة أخرى إضافية كل شهر من هؤلاء الأفراد يشكل خطوة هائلة». وتلك أيضاً هي المجموعة التي تحاول مطاعم «ماكدونالدز» اجتذابها من خلال عرضها قهوة ممزوجة بالحليب منخفضة السعر. لكن ستاربكس أدركت أن عملاءها لا يرغبون في الحصول على أنماط طعام شبيهة بتلك التي يطرحها ماكدونالدز باسم إيج مكفينز. يذكر أن ستاربكس طلبت من 50 من عملائها داخل ثلاث ولايات تدوين ما تناولوه في وجبة الإفطار في المنزل على مدار أسبوعين، وفي المطاعم على مدار أسبوعين. واكتشف مسؤولو ستاربكس أنه في الوقت الذي أولى البعض الأولوية الكبرى للسعر، أبدى آخرون استعدادهم لدفع المزيد من المال مقابل الحصول على طعام صحي بدرجة أكبر، وبه قدر كاف من البروتين لمنحهم شعوراً بالشبع حتى وقت الغداء. وشرح إيان كرانا، مدير شؤون الأطعمة الساخنة والباردة في ستاربكس، أن الأمر: «في الجزء الأكبر منه، يتعلق بجودة المكونات، ويقرر العملاء إذا ما كان السعر مناسباً على أساس هذه المكونات. واليوم، ظهر قطاع آخر من العملاء بدرجة متنامية تكمن الأهمية الكبرى بالنسبة لهم، بكل صدق، في السعر». كان التحدي يتمثل في الخروج بتوليفة جديدة من الإفطار ترضي جميع الأذواق، حيث قضى فريق تطوير الطعام عاما كاملا في تكوين نوعين من الساندويتشات، وعلى الرغم من خلط البيض والجبن في الأواني الضخمة لتصب بعد ذلك في علب، ثم تخبز ثم تجمد وتشحن إلى مراكز التوزيع في العالم لكي يتم تجميعها، إلا أنهم يرغبون في أن تبدو حديثة الصنع لتلبي حاجات الزبائن الذين لا يحبون منافذ بيع الأطعمة السريعة.

وقالت لاني ليندسي سورديللو، مدير الطعام والمخابز، إنه في البداية، قدم صاحب المصنع الذي يزود ستاربكس بأقراص البيض، بيضاً مستديرا في إطار مزخرف على نحو رائع ، لكن الشركة رفضتها وطلبت المزيد من البيض الخالي من هذه الزخارف كي يبدو مشابها للبيض الطازج، وقد مزج خبراء الطعام في ستاربكس جبنة بارما الحريفة مع البيض لمنع الرائحة من التسرب إلى المتاجر وتغطي رائحة القهوة.

تقدم ستاربكس عددا من التخفيضات بالنسبة لمجموعتي العملاء، فالعملاء المنتظمون الذين لا يأبهون بالسعر يدفعون 25 دولارا للحصول على بطاقة تمنحهم خصما بقدر 10% على الأطعمة والقهوة، كما تقدم لعملائها من المقتصدين غير الدائمين تخفيضات كتلك التي قدمتها الربيع الماضي، عندما وزعت بطاقات لشرب القهوة مجانا كل يوم أربعاء لمدة ثمانية أسابيع. قال دافنبورت: «نحن لا نلقي بتلك القسائم اعتباطاً، لكن خفض الأسعار يجب أن يكون أمرا جديرا بالتصديق من جانبنا، إذ يجب أن تبدو وكأنها نابعة من الشركة بصورة صادقة لعملائنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»