مؤتمر الشعب الوطني الصيني يبحث تداعيات الأزمة الاقتصادية

بحث تحسين ظروف الحياة في الأرياف

قاعة الشعب الكبرى في بكين حيث ستعقد الدورة السنوية لمؤتمر الشعب الوطني الصيني (إ. ب. أ)
TT

يطرح قادة الصين أحدث ما لديهم من أفكار لدعم اقتصادهم في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية هذا الأسبوع لدى انعقاد مؤتمر الشعب الوطني (البرلمان)، في اجتماعه السنوي الذي يبدأ أعماله اليوم الخميس.

ودعا الرئيس هو جنتاو إلى «اتخاذ إجراءات أشد قوة وكفاءة لزيادة الطلب الداخلي وطلبات المستهلك على وجه الخصوص» للمساعدة على إنعاش الاقتصاد الصيني.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الرئيس الصيني قد حذر في خطاب ألقاه أواخر فبراير (شباط) الماضي في اجتماع خاص للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، المؤلف من 25 عضوا وصاحب كافة قرارات صناعة السياسات في البلاد، من أن الوضع الاقتصادي العالمي «صعب وشديد التعقيد».

ونقلت وسائل الإعلام الحكومية عن هو قوله، إن الأزمة المالية العالمية الحالية تعني أن النمو الاقتصادي الصيني «سيعاني من ضغوط التباطؤ» هذا العام.

وقال هو «إن القيادة الحازمة للحزب وما يحرزه النظام الاشتراكي من تقدم والجهود الموحدة من جانب جميع أفراد الشعب من كافة المجموعات العرقية، هي مصادر قوتنا التي سنتغلب بها على ما يواجهنا من صعوبات ونتصدى بها لتداعيات الأزمة المالية العالمية».

ووجه رئيس الوزراء وين جياباو رسالة مماثلة الأسبوع الماضي خلال أول جلسة سؤال وجواب له على الانترنت. وقال وين «علينا أن ندرك تماما أننا نواجه مهمة عسيرة وطويلة المدى».

واستطرد «علينا أن نعزز من عوامل الثقة في مواجهة الأزمة، وان نعد أنفسنا لتحركات أشد حزما وقوة إذا لزم الأمر».

وصرح ليو تينان، نائب وزير التنمية القومية ولجنة الإصلاح الأسبوع الماضي، بأن تحقيق نمو قدره (8) في المائة في إجمالي الناتج القومي ما زال أمرا يمكن بلوغه بعد أن سجلت الصين نموا قدره (9) في المائة عام 2008 رغم التباطؤ الذي حدث مع نهاية العام.

وقد طلبت الحكومة المركزية من المسؤولين المحليين وضع أولوية لخلق وظائف عقب فقدان ما لا يقل عن 20 مليون وظيفة بين العمال المهاجرين في المصانع القائمة على التصدير بجنوب وشرق البلاد.

وذكرت مجلة كاي جينج واسعة الانتشار هذا الأسبوع، أن قطاعات الصلب وبناء السفن والبتروكيماويات والالكترونيات بين اشد القطاعات التي تضررت بالفعل من تكدس العمالة.

كما ألقت المجلة أيضا بظلال من الشك حول كفاءة خطة التحفيز الاقتصادي الحكومي التي تتكلف 4 تريليونات يوان (586 مليار دولار) التي أعلن عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقالت انه ما لم يحدث ارتفاع حاد في الطلب الداخلي فإن الإجراءات التوسعية في حزمة التحفيز «ربما تؤدي لزيادة مصطنعة، حيث يمكن أن تخلق وهما بتسارع الطلب».

وصرح لي زاو أوشينج المتحدث باسم مؤتمر الشعب الوطني أن المؤتمر يعتزم مناقشة خطة التحفيز مع باقي الميزانية المركزية وضمان استخدام الأموال على النحو الصحيح. وقال لي للصحافيين «سيعكف مؤتمر الشعب الوطني على دراسة ومراجعة خطط (الميزانية)، كما ستعمل اللجنة الدائمة للمؤتمر على تطوير سبل الإشراف على تنفيذ الخط والميزانية».

وحذرت الحكومة قبل المؤتمر المسؤولين من مغبة الإسراف في الإنفاق على الاجتماعات والسفر.

وفي إطار الإجراءات التقشفية أيضا على ما يبدو، خفضت من أيام انعقاد المؤتمر إلى 9 أيام بدلا من 10 إلى 14 يوما على ما جرت العادة. واتخذ محللون صينيون مؤشر مشتريات المديرين بين عدة مؤشرات اقتصادية شهرية اخيرا على انه دليل على الانتعاش إذ ارتفع في فبراير (شباط) للشهر الثالث على التوالي.

إلا أن ذلك المؤشر لا ينطبق على قطاع عريض من أفراد الشعب الصيني ولا سيما بين الفلاحين. ففي منطقة نزهو في شرق الصين، يضحك ليانغ ديكين، الفلاح المعدم، عندما يطرح عليه سؤال حول ما قد يقدمه له البرلمان الذي يبدأ اجتماعه السنوي اليوم.

فقد صودرت الأرض التي كان يفلحها قبل يومين لإفساح المجال أمام مشروع منطقة تنمية اقتصادية في جو في شاندونغ الذي يعتبر من أنشط الأقاليم في البلاد. وبات لا يؤمن بالوعود.

ويقول ليانغ (58 سنة) «إن الحكومة المركزية تعدنا دائما بالروائع، لكن في الواقع لا نرى أبدا شيئا يصلنا».

وينتمي ليانغ إلى سكان الأرياف الذين نزحوا إلى المدن بين يوم وليلة كلما ازداد النمو الاقتصادي.

وفي حين انتقل ملايين الفلاحين إلى المدن بحثا عن العمل امتدت تلك المدن إلى أراضي ليانغ في قرية سونيجيا بعد نمو المدينة المجاورة.

ورغم انه يعارض مصادرة أرضه إلا أنه يرى انه محظوظ لأنه عثر على عمل كبستاني في منطقة تعمر حديثا في حين تعمل زوجته (56 سنة) في وظيفة متواضعة كناسة في الشوارع.

وتبلغ مواردهما تقريبا 1200 يوان شهريا (139 يورو) ويتلقيان سنويا 500 يوان تعويضا عن الأرض التي لن يسمح لهما بفلاحتها. وليس لهما صندوق تقاعد ويعيشان حياة من دون بذخ.

ويتوقع أن يبحث المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) تحسين ظروف الحياة في الأرياف. وسيعكف النواب بالخصوص على دراسة تعديلات حول قانون الملكية لحماية حق الفلاحين في امتلاك الأراضي.

وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية انه بينما تملك الدولة الأراضي في المدن، تقع في الأرياف تحت نظام الملكية الجماعية وتديرها السلطات المحلية التي بإمكانها حرمان الفلاحين من الأرض، الأمر الذي يتسبب في العديد من النزاعات.

ويرى لي غيغوو الفلاح الذي يعيش بين إقليمي شاندونغ وهيبي، أن الفساد متجذر في الأراضي الفلاحية إلى حد انه لا يأمل في أي تحسن.

وكان يفترض أن يدر عليه نصف الهكتار الذي خسره قبل عشر سنوات نحو 3500 يوان سنويا طوال ثلاثين سنة، لكنه لم يحصل على أي تعويض.

وقد وعدت بكين أيضا بتوسيع تغطية الضمان الاجتماعي.

وقال جو ويدونغ منتج القطن في قرية سونيجيا «إن نظام الضمان الاجتماعي الحالي لا يعوض سوى ثلاثين في المائة من نفقات المستشفيات».

وأضاف «الجميع بالتأكيد يأملون في تحسينات، لكن حاليا لم يتغير شيء لمن لا يملك المال، إننا ببساطة لا نذهب إلى الطبيب».

وفي نيوجينجوانغ في إقليم هيبي يوضح الفلاحون أنهم لم يستفيدوا أبدا من مشاريع القروض الصغيرة والقروض المصرفية من دون فوائد كما وعدوا به.