وزير الاستثمار المصري يدعو إلى تكثيف التعاون لمواجهة انغلاق الأسواق الأوروبية

مؤتمر مناخ الاستثمار بجنوب المتوسط في الرباط

TT

خيّم شبح الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على أشغال الملتقى الثاني حول مناخ الاستثمار بدول جنوب المتوسط، الذي يختتم نشاطاته غدا الجمعة، إذ يرتقب أن تعرف الاستثمارات الخارجية المباشرة في العالم انخفاضا بنسبة 65 في المائة خلال السنة الحالية، بالإضافة إلى تراجع التجارة العالمية وآثارها السلبية على اقتصادات دول جنوب المتوسط.

ودعا وزير الاستثمار المصري، محمود محيي الدين، دول الضفة الجنوبية للمتوسط إلى تكثيف التعاون في ما بينها في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية على اقتصاداتها. وأكد محيي الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن انغلاق الأسواق الأوروبية أمام دول جنوب المتوسط أصبح أمرا واقعاً، وليس مجرد انطباع. وقال «هناك عدد من الإجراءات والسياسات التي تشبه السياسات الحمائية القديمة، التي تم اعتمادها من طرف دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يجب علينا أن نستجلي الوضع، ونتعرف على مكنون هذه السياسات الحمائية، وهل هي تدابير محدودة في الزمن وتخص الأجل القصير، أم أنها تستجيب لاعتبارات سياسية، وتشكل توجها جديدا في طريقة إدارة النشاط الاقتصادي». وعبر محيي الدين عن قلقه إزاء التدابير الحمائية الأوروبية التي يتوقع أن يكون لها وقع كبير على دول جنوب المتوسط نظرا لأهمية وزن دول الاتحاد الأوروبي في ميزان المبادلات الخارجية لدول جنوب المتوسط بما في ذلك المغرب والجزائر وتونس ومصر. وأضاف محيي الدين «منذ مدة قمنا باعتماد سياسات من أجل التنوع من أجل تقليص اعتمادنا على الاتحاد الأوروبي، وذلك رغم قوته وأهميته وقربه والفرص الكامنة فيه، لكن ما أنجزناه حتى الآن يبقى غير كافٍ، وعلينا أن نعمل أكثر من أجل تعزيز وتقوية التعاون العربي ـ العربي، والتعاون العربي ـ الإفريقي، والعربي ـ الآسيوي».

وخفف السفير الأوروبي، برونو دي توما، رئيس مندوبية الاتحاد الأوروبي في الرباط، من شأن التخوفات بخصوص التقوقع والانغلاق الأوروبي. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن اهتمام الاتحاد الأوروبي بشركائه في الضفة الجنوبية للمتوسط لم يفتر رغم الظرفية الصعبة للأزمة العالمية. وأضاف «من بين الأسباب القوية التي تحتم على الاتحاد الأوروبي الاهتمام بدول جنوب المتوسط نسبة النمو الكبيرة المرتقبة بهذه الدول، في الوقت الذي تترقب فيه الدول الأوروبية نسب نمو منعدمة إن لم تكن سلبية. وكنموذج جيد على ذلك، يتوقع المغرب تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة. وأعتقد أن نمو طرف معين يمكن أن يفيد نمو الطرف الآخر. ونحن شركاء وسنبقى شركاء سواء في الأوقات الجيدة أو في الأوقات السيئة». وأضاف دي توما أن دول منطقة أفريقيا والشرق الأوسط تواجه تحديات كبيرة، خاصة في مجال التشغيل، إذ تتطلب مواكبة النمو الديمغرافي في بلدان شمال أفريقيا وحدها خلق 35 مليون فرصة شغل في أفق 2025. وأشار دي توما إلى تراجع تدفق الاستثمارات الخارجية بمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط من مستوى 68 مليار دولار في سنة 2006 إلى مستوى 61 مليار دولار في 2007، ثم إلى مستوى 40.6 مليار دولار في 2008. وانخفض عدد فرص التشغيل التي أحدثتها هذه الاستثمارات الخارجية من 101 ألف فرصة تشغيل في سنة 2007 إلى 76 ألف فرصة تشغيل في 2008. ويشكل الاتحاد الأوروبي مصدر41 في المائة من هذه الاستثمارات مقابل 17 في المائة القادمة من دول الخليج.

وقال دي توما «إن الوسيلة الأكثر نجاعة لرفع تحديات المنطقة هي الاندماج بشكل أكبر في التجارة الدولية، والانفتاح بشكل أكبر أيضا على الاستثمار الدولي مع توفير أفضل بيئة لجذب الاستثمارات».

وقالت جمانة كوبين، مديرة فرع شركة التمويل الدولية في المغرب، وهي مؤسسة تابعة للبنك العالمي متخصصة في دعم القطاع الخاص، إن الشركة اتخذت ثلاثة إجراءات جديدة في مواجهة آثار الأزمة الدولية على اقتصادات الدول النامية. وأشارت إلى أن شركة التمويل الدولية أطلقت صندوقا برأسمال قدره 5 مليارات دولار من أجل إعادة تمويل مصارف الدول النامية، كما أطلقت صندوقا بقيمة 500 مليون دولار لتمويل مؤسسات القروض الصغرى المتخصصة في محاربة الفقر، بالإضافة إلى وضع آلية لتمويل المبادلات التجارية للبلدان النامية. وعبّر روني بيريز، مدير مكتب البنك الأوروبي للاستثمار، عن تفاؤله بقدرة منطقة جنوب المتوسط على مواجهة آثار الأزمة. وقال إن المنطقة تزخر بفرص الاستثمار خاصة في مجال البنيات التحتية، التي يقدر النقص فيها بنحو 100 مليار دولار في أفق 2015، منها 20 مليار دولار في مجال النقل. وقال بيريز إن البنك الأوروبي للاستثمار يولي اهتماماً خاصا لدعم المشاريع المهيكلة الكبرى في المنطقة، خاصة في إطار المهام الجديدة التي كلف بها في إطار تحقيق أهداف الاتحاد المتوسطي.