لبنان: تحويل ودائع خارجية ونمو الإيداع بالليرة يرفعان احتياطات البنك المركزي

الاستقرار السياسي عامل حاسم لدعم المناخات الاستثمارية الإيجابية

TT

دعم بلوغ اجمالي احتياطات البنك المركزي اللبناني من العملات الصعبة والذهب عتبة 30 مليار دولار التوقعات المالية بتحسينات اضافية للتصنيف السيادي والجدارة الائتمانية للديون الحكومية من جانب وكالات التصنيف الدولية.

وتكمن أهمية هذا الاحتياط بمستواه القياسي غير المسبوق بتشكيله لنحو 62 في المائة من اجمالي الدين العام اللبناني البالغ نحو 47 مليار دولار، الذي يشكل العبء الاكبر الضاغط على حركة الاقتصاد الوطني عموماً، وعلى الموازنة العامة، بشكل خاص، حيث سيستهلك هذا الدين نحو 4 مليارات دولار هذا العام بسداد الاقساط والفوائد. ويماثل ذلك نحو 35 في المائة من اجمالي الانفاق وأكثر من 50 في المائة من اجمالي الايرادات.

ويتوزع الاحتياط وفق ميزانية البنك المركزي لنهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، بين 20.9 مليار دولار عملات صعبة ونحو 9 مليارات دولار تمثل القيمة السوقية لاحتياط الذهب، الذي يحظر التصرف به قانوناً، لكنه من أهم العوامل النفسية التي دعمت باستمرار ثقة اللبنانيين بالنقد الوطني والاستقرار النقدي.

وبحسب مصادر مصرفية مطلعة، فإن الارتفاع القياسي المتواصل في حجم الاحتياط بالعملات الصعبة يعود بالدرجة الاولى الى نمو حركة التحويل في الودائع المصرفية من الدولار الى الليرة بهدف الاستفادة من فارق الفوائد، مما جعل البنك المركزي المشتري اليومي لفائض هذه التحويلات لدى المصارف والبالغة نحو مليار دولار شهرياً. وتراجعت نسبة الدولرة من نحو 77 في المائة الى نحو 67 في المائة حالياً. وعلم أيضاً، أن المصارف اللبنانية تعيد منذ انفجار الازمة المالية قبل أشهر هيكلة ودائعها في المصارف والمؤسسات المالية الخارجية في اتجاه الداخل. وذلك على خلفية المخاوف من انهيارات مفاجئة في بنوك ومؤسسات عملاقة كانت الى الامس القريب تتمتع بأعلى التصنيفات الائتمانية في العالم. فضلاً عن تحرك ودائع عربية في اتجاه البنوك اللبنانية بعدما خرج لبنان وقطاعه المصرفي حتى الآن، بأقل الاضرار المباشرة وغير المباشرة التي أفرزتها الازمة المالية في أسواق المنطقة والعالم.

ويؤمل أن تحفز هذه الايجابيات ووجود فوائض قابلة للتوظيف لدى الجهاز المصرفي تزيد عن 20 مليار دولار، في انجاز الاصدار الحكومي لسندات الدين الدولية بقيمة 3 مليارات دولار مطلع الاسبوع المقبل، الذي يتولى ادارته وتسويقه بنوك كريدي سويس والاعتماد اللبناني وبيبلوس، وسط تفاؤل بجذب مستثمرين استراتيجيين من منطقة الخليج للاكتتاب في الاصدار.

في المقابل، تحذر مصادر مصرفية ومالية من المغالاة في الثقة وادعاء «البطولات» في تحييد لبنان عن الازمات المتمادية في الاقتصاد العالمي والاقليمي، فالعوامل التي حمت الاقتصاد سابقاً، كانت بمعظمها على قاعدة «رب ضارة نافعة»، حيث كان المناح السياسي والامني السائد طارداً للاستثمارات الوافدة في المشاريع والمؤسسات والاوراق المالية المصدرة من مؤسسات محلية، وبالتالي لم ينخرط لبنان كثيراً في دينامية العولمة الاقتصادية ولم يشهد انسحابات لمستثمرين ومتمولين تسبب بدورها انهيارات مفاجئة للاسواق، علماً ان بورصة بيروت فقدت أيضاً نحو 50 في المائة من أعلى قيمة رأسمالية بلغتها أوائل الصيف الماضي.

ويتخوف المصرفيون كما الخبراء من تصعيد سياسي سلبي يسبق الانتخابات النيابية المقررة مطلع يونيو (حزيران) المقبل، ويرافقها ويليها، وفقاً لمؤشرات ظهرت في الاسابيع الاخيرة وكانت مرشحة للتفاقم قبل أن تخبو نسبياً بفعل التقارب السعودي - السوري الذي أرخى بظلال ايجابية على الساحة اللبنانية. فأي عودة للتصعيد ستفرز حكماً ارباكات أمنية وبالتالي ارباكاً مماثلاً في المناخ الاقتصادي والاستثماري.