النعيمي: نقص «كارثي» في إمدادات الطاقة من دون استثمارات كبيرة

أمين عام أوبك: سعر 40 إلى 45 دولارا لن يسمح بالاستثمار

علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي يتحدث مع رافييل راميريز وزير الطاقة والنفط الفنزويلي خلال جلسات منتدى دول أوبك الذي عقد في قصر هوفرغ في العاصمة النمساوية فيينا (ا.ب)
TT

حذر علي النعيمي وزير النفط السعودي، أمس الأربعاء، من نقص «كارثي» محتمل في إمدادات الطاقة، ما لم توجه استثمارات كبيرة للقطاع.

وقال النعيمي، «في السنوات المقبلة إذا لم تكن إمدادات الطاقة التقليدية كافية، بسبب تراجع الإنفاق الرأسمالي، نتيجة لعدم استقرار الأسعار ومؤشرات لا يعتد بها على الطلب المستقبلي، أو تعليق الآمال على بدائل لا يمكن للنفط توفيرها، فان مثل هذه الأزمة في العرض ستكون كارثية».

وأضاف «النتائج المؤلمة ستظهر عاجلا وليس آجلا. وهي بالتأكيد ستزيد من تدهور الاقتصاد المتباطئ فعلا».

جاء ذلك في كلمة، قوية، أثارت اهتمام المشاركين بمختلف اهتماماتهم وسياساتهم، ألقاها النعيمي، كمشاركة في الجلسة الثالثة، لليوم الأول للمنتدى الرابع لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، الذي بدأ بقصر الهوفبورغ، بالعاصمة النمساوية فيينا، صباح الأمس. وستستمر الجلسات حتى اليوم وذلك بمشاركة وزراء نفط المنظمة، وعدد كبير من العاملين، والمهتمين، بقطاع النفط، بما في ذلك المدير التنفيذي، للوكالة الدولية للطاقة.

وقال النعيمي، إن العالم يواجه خطرا بتعليق آمال كبيرة على مصادر الطاقة البديلة التي لم تختبر. وتابع «إننا بصراحة ندعو لكارثة، إذا لم تحقق هذه الموارد التكميلية الآمال الكبيرة المعلقة عليها».

وكانت دول منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بقيادة السعودية، نفذت أكبر خفض في الإنتاج في تاريخها لوقف تراجع أسعار النفط التي انخفضت بأكثر من مائة دولار.

وقال النعيمي، «كثيرا ما وصفت أسعار النفط المنخفضة بشكل غير قابل للاستمرار، باعتبارها تحمل بذور ارتفاعات وتقلبات كبيرة في المستقبل».

وأضاف «في ظل الأسعار المنخفضة ينصب الاهتمام عادة على البقاء وليس على التوسع، إذا لم تعط أهمية كبيرة للتحضير للمستقبل، فان هذا الافتقار للتحضير سيعود علينا على شكل نقص في المعروض، وموجة جديدة من ارتفاعات الأسعار».

وتحدث النعيمي منتقدا «أساليب الخطابة» في الحديث عن الشكوك في مستقبل النفط كمصدر للطاقة ودعوات الدول الكبرى المستهلكة للنفط لتقليل الاعتماد على الصادرات.

وقال، «الأوضاع معقدة كذلك بسبب عوامل أخرى مثل الخطابة السياسية الداعية إلى خفض الاعتماد على النفط، لأسباب يعتقدون أنها تتعلق بالحفاظ على البيئة أو السعي لتقليل الاعتماد على منطقة معينة».

وتعهد بأن السعودية أكبر مصدّر للنفط في العالم ستبقي على استثمارات في الأجل الطويل لضمان الإمدادات على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال، «على الرغم من الوضع الاقتصادي الراهن وتحديات أخرى لقطاع الطاقة إلا أن السعودية ستظل ماضية في طريقها باستثمارات رأسمالية طويلة الأجل لتوسعة قطاع النفط والغاز وبرامج لتحسين إمدادات الطاقة العالمية».

وكان عبد الله سالم البدري، الأمين العام للأوبك، قد أشار في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، لأهمية توقيت انعقاد المنتدى في ظل الأزمة الاقتصادية، التي تلقي بظلالها على أوضاع النفط ، ليس على المدى القريب، فحسب، بل ربما على المديين المتوسط والبعيد. ولفت النظر لأهمية ما يمكن أن يلعبه المنتدى من دور مساعد في مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه مستقبل صناعة النفط . مضيفا أن اجتماع هذا العدد الكبير من التنفيذيين والمختصين في شؤون النفط، وصناعته، ومستقبله، يعتبر أمرا مهما وحيويا. لما يمكن أن تؤدي إليه الحوارات والنقاشات من نتائج ومقترحات قد تساعد في إعادة الثقة لأسواق النفط غير المستقرة  .  من جانب آخر شدد البدري، في مداخلته أمام الجلسة الأولى للمنتدى، على فداحة آثار التدهور الذي تشهده الأسعار حاليا، في مستقبل صناعة النفط، وعمليات الاستثمار. مؤكدا القول، إن سعر 40 إلى 45 دولارا للبرميل، لن يسمح بعمليات استثمارية. ما يهدد بشكل مباشر استقرار الأسواق النفطية، خاصة مع استمرار التكلفة العالية للاستثمار. داعيا للتفكر والتدبر حول المسار المستقبلي، ودراسة بياناته وخرطه. مطالبا بأهمية دراسة وتحليل الأسباب التي أدت لهذه الأزمة الاقتصادية ، وصولا للحلول الناجعة، بالاستفادة من التجارب السابقة . محذرا من استمرارية الأحوال السائدة حاليا ما قد يقود لمطالبات، لمراجعة عقود واتفاقات لمشاريع، وخطط استثمارية، تم الاتفاق عليها، وفقا لأسعار عالية للنفط.    من جانبه نبه وزير النفط الإيراني، أثناء مشاركته، على ضرورة إجراء المزيد من الحوار بين الدول المنتجة والدول المستهلكة للنفط على أسس صحيحة. مشيرا للقلق المتنامي بسبب عدم يقين الدول المنتجة حول مستقبل الطلب العالمي للنفط، ما سيؤثر بدوره على مستقبل الاستثمار. وكان الوزير غلام الله حسين نورزاني، قد نفى في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أن تكو إيران من دول الأوبك التي لا تلتزم بخفض إنتاجها، وفقا لقرارات المنظمة، التي تطالب الدول الأعضاء بالحد من سقف الإنتاج للحد من الفائض، كوسيلة لرفع الأسعار. مؤكدا أن تلك تهمة ينكرونها بشدة، ويرفضونها رفضا باتا.  وكان الدكتور شكري غانم، رئيس المؤسسة الليبية الوطنية للنفط، قد امن بدوره على أهمية الحوار بين الدول المنتجة، والدول المستهلكة للنفط. واستنكر تشبيه طريقة، عرض كل منهما لوجهة نظره، بما يشبه «حوار الطرشان» بسبب تضارب المصالح ، الذي يجعل كل طرف يركز على تلك المصلحة، وإمكانية تحقيقها دون مراعاة لمصلحة الطرف الآخر. مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن المنتدى يعد فرصة لتبادل وجهات النظر، ومسعى لمعرفة الأحوال المستقبلية، وما قد يحدث . مستدركا أن الطرفين، المنتجين والمستهلكين، وان لم يتفقوا على كل شيء، فإنهم على الأقل يجمعون على الاتفاق، حول المبادئ الأساسية . وأهمها وجود أزمة. وتدهور في الأسعار. وقلق حول مستقبل الاستثمار. ما يتعين معه أهمية النقاش. مضيفا أنهم في لبييا لم يضطروا بعد لمجابهة مشكلة تأجيل للمشاريع الاستثمارية الجارية. منبها إلى أن استمرار الأوضاع على هذا السوء قد يغير الأمر .