رئيس جمعية شركات التأمين اللبنانية: جنبنا قطاعنا العاصفة وخسائرنا نقطة في بحر

الخوف الوحيد يكمن في إقدام الشركات الأميركية الأم على بيع ممتلكاتها

TT

تشير كل الدلائل إلى أن قطاع التأمين في لبنان استطاع أن ينأى بنفسه عن العاصفة المالية التي ضربت قطاعات التأمين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، على غرار ما حصل في القطاعين المصرفي والمالي اللبنانيين، لكن ذلك لا يعني أبدا أن القطاع اللبناني لن يتأثر بالمطلق وأنه سيبقى بعيدا عن دفع بعض الثمن، ولو بصورة غير مباشرة، وعن مسؤولية ليست مسؤوليته.

ويصف رئيس جمعية شركات التأمين أبراهام ماتوسيان الثمن الذي يدفعه قطاع التأمين اللبناني بأنه «نقطة في بحر»، وهو يتعلق بأمرين اثنين، أولهما على مستوى الأفراد، والثاني على مستوى الشركات.

فعلى مستوى الأفراد، يقول ماتوسيان: «ربما كان هناك بعض اللبنانيين الذين وظفوا أموالهم في استثمارات لها علاقة ببوالص التأمين على الحياة، وعلى مسؤوليتهم الخاصة، وهؤلاء من المؤكد أنهم تعرضوا لخسائر مادية من الصعب تحديدها أو حصرها».

أما على مستوى الشركات فيضيف ماتوسيان: «فنحن مرتبطون بشركات إعادة التأمين العالمية، وفي حال تعرض هذه الشركات لخسائر كبيرة سيكون علينا إعادة جمع ما خسرته من الأماكن التي تعمل فيها، ولذلك سنجد أنفسنا مضطرين إلى زيادة أقساطنا بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المائة».

وحول مدى تأثر إحدى الشركات اللبنانية (أليكو) التابعة لشركة «AIG» الأميركية التي تعرضت لخسائر ضخمة وكادت تعلن إفلاسها لولا ضخ بعض الأموال الفيدرالية فيها، قال ماتوسيان: «إن الشركة اللبنانية المعنية خاضعة للقانون اللبناني ولديها هيكلية مستقلة واحتياطات خاصة بها، ولذلك فهي لا تعاني من أي خسائر، إلا أن الخوف الوحيد يكمن في إقدام الشركة الأميركية الأم على بيع كل ممتلكاتها، بما فيها فروع «أليكو» في الخارج، وذلك على غرار ما فعلته بشأن شركة الطيران التي تملكها «إيه آي جي».

ويعتبر رئيس جمعية شركات التأمين أن هناك عدة أسباب كانت وراء تجنيب قطاع التأمين العاصفة المالية العالمية أهمها القوانين المرعية الإجراء في لبنان، وتحديدا القانون الذي ينظم عمل شركات التأمين الذي يمنع الشركات من استثمار أكثر من 10 في المائة في الأسهم الأجنبية، وهذا ما وفر للشركات حماية من «تسونامي» الذي اجتاح أميركا وأوروبا وآسيا. حتى استثمارات العشرة في المائة تحتاج إلى موافقة لجنة الرقابة. وهنا كان الدور الكبير للرقابة الذكية التي حمتنا من الانهيارات في القطاعين المالي والمصرفي. ولا شك في أن الشوائب الرقابية في الخارج هي التي كانت وراء تسونامي المدمر، وقد يكون التدمير أكبر إذا تواصلت الارتدادات على مدى سنتين وما فوق. ونتيجة الالتزام بالقانون المحلي اتجهت الشركات نحو تركيز استثماراتها في الداخل وما توفره من قوة دافعة للاقتصاد اللبناني.

وإذا كان القانون اللبناني يسمح بالنسبة إلى عقود الضمان على الحياة، للشركات بأن تستثمر بنسبة 50 في المائة محليا، و50 في المائة في الخارج، «فإن الاستثمارات الخارجية في هذا المضمار» كما يؤكد ماتوسيان «لم تتجاوز 15 في المائة، مما جنبها الانهيارات والتوجه نحو الإفلاس كما حصل للكثير من الشركات العالمية التي تورطت في الاستثمارات المسمومة، كما يسميها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.

وفي الوقت الذي يتحسر فيه كثيرون من اللبنانيين على عدم استفادة لبنان بما فيه الكفاية من الفوائض النفطية بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتوفرة التي سادت لبنان في عز تلك الفوائض، يعتبر ماتوسيان أن «ما كنا نظن أنه نعمة ربما كان تحول نقمة لو أتيح لتلك الفوائض التهافت علينا، ولكنا اندفعنا بتلك الأموال الفائضة إلى الاستثمار في الأسهم، وتحمل النتائج التي آلت إليها الاستثمارات في هذا المجال. وبالتأكيد كانت الاندفاعة ستحصل لأن المصارف والشركات المالية وشركات التأمين كانت ستجد صعوبة في تحمل فوائد تلك الأموال من دون توظيفها».

وتأكيدا للنظرة السائدة في قطاع التأمين، أظهرت دراسة إحصائية أجرتها «البيان» اللبنانية الاقتصادية أن شركات التأمين في لبنان لم تكن أقل نجاحا من المصارف، إذ أنهت العام 2008 بنمو في أقساط التأمينات العامة (غير تأمينات الحياة) نسبته 22,5 في المائة محققة أقساطا بلغت 590 مليون دولار في مقابل 482,5 في مائة مليون الدولار في العام 2007. واحتلت «ميدغيلف» المرتبة الأولى محققة أقساطا بقيمة 76,2 مليون دولار، تلتها «بانكرز» (60,5 مليون دولار)، فشركة «أكسا الشرق الأوسط (43,6 مليون دولار)، ثم «إليانزسنا» (38 مليونا)، فـ«اللبنانية السويسرية» (35 مليونا).