آه ... على التعليم

علي المزيد

TT

وأنا أتصفح الصحف السعودية لفت نظري إعلان من مؤسسة صحافية كبرى يقول: مطلوب شباب سعودي يعمل في مطابع المؤسسة، ستقولون ماذا لفت نظر الكاتب في الإعلان؟ فإعلانات التوظيف تملأ الصحف يوميا، لفت انتباهي ما يلي أن المؤسسة تعطي رواتب مغرية وتأمين وتدرب خريجي الثانوية العامة لمدة 18 شهرا مع إعطائهم مكافأة مغرية. ماذا يعني ذلك، يعني ببساطة أن مخرجات التعليم لا تناسب سوق العمل لذلك تلجأ المؤسسات التجارية لدفع كل تلك التكاليف مع ارتفاعها في سبيل الحصول على العمالة المدربة لتعمل في مطابعها. صحيح أن العمل في المطابع متخصص ولكنه ليس معجزة ولا سيما أن معظمه يعتمد على الحاسب الآلي ويفترض أن المناهج ركزت على ذلك مع الرياضيات واللغة لكن يبدو أن ذلك لم يحدث. أن التدريب بمثل هذا الأسلوب يكلف الاقتصاد الوطني غاليا، سواء من حيث التكلفة المادية حيث أن الطالب يتعلم في المدرسة ووفق تكلفة مادية معينة ثم تقوم المؤسسات بتأهيله من جديد ليكون صالحا لسوق العمل وبذلك يخسر الاقتصاد الوطني المال والزمن مرتين. أتفهم أن يكون التدريب لمدة أسابيع لا تتعدى الثمانية أو أن يكون التدريب على رأس العمل، حيث أن العمل المتخصص يحتاج لبعض التقنيات الخاصة به ولا بد للعامل من التدرب عليها، لكن أن يكون التدريب لمدة 18 شهرا فهذا ليس بتدريب بل هو إعادة تأهيل مما يعني ضرورة إعادة النظر في المنهج المدرسي. وأعرف أن وزارة التربية والتعليم بصدد تطبيق ما تمخض عنه مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، ومقبلة على طفرة تعليمية إن شاء الله. لذلك اقترح على وزير التربية والتعليم أن تنتهج الوزارة مبدأ التعليم المرن بمعنى تصميم دورات أو برامج خاصة لسد عجز معين في قطاع معين ووفق الحاجة. فمثلا يصمم برنامج تدريبي عن التسويق لمدة زمنية معينة ويخرج عدد معين فلنقل 100 مسوق وذلك وفق الحاجات الفعلية للمؤسسات طالبة التوظيف وبعد سد الوظائف الشاغرة يلغى البرنامج، ويمكن فتح أكثر من برنامج في أكثر من تخصص في وقت واحد، ويمكن كذلك الاستعانة بالمعاهد الخاصة. ويتم تصميم البرامج بالتعاون مع جهة التوظيف ووزارة العمل وصندوق الموارد والغرف التجارية، والجهات التعليمية مثل معهد الإدارة. ومثل هذه البرامج قد تكون أكثر جدوى ولا تخرج عمالة فوق حاجة العمل لأن الجهات التعليمية تبدأ بتدريس علم معين ثم لا تستطيع إغلاقه لعوامل عدة رغم أن خريجي هذا العلم سيصبحون رقما مضافا للبطالة، لذلك فمثل هذه البرامج قد تكون بديلا مناسبا لجهة العمل وطالب العمل.

* كاتب اقتصادي [email protected]