هنديات يتمكن من كسر حواجز الأعراف الاجتماعية.. في المنزل والعمل

تحتل الهند أعلى القائمة الآسيوية في زيادة مشاركة النساء في المستويات العليا من الأعمال

TT

تحصل المرأة في الهند، الدولة التي تفخر بأن مجتمعها تقليدي، على سلطات لم تكن متاحة لها من قبل.

وعلى الرغم من أن المرأة حققت خطوات متقدمة في عالم السياسة الهندية منذ فترة طويلة، فإنها تكافح حاليا ضد اضطهاد قديم وتعمل من أجل الوصول إلى مناصب قيادية داخل شركات أو إقامة شركات خاصة بها.

ومن بين سيدات الأعمال البارزات في الهند، اللاتي ذكرن في قائمة فورتشن لأبرز سيدات في العالم على مدار الأعوام: لاليتا غوبت وكالبانا مورباريا وأنو أغا وكيران موزومدار شو وسيمون تاتا، وغيرهن.

بهدوء تمكنت هذه السيدات من كسر حواجز الأعراف الاجتماعية، في كل من المنزل والعمل، ليصبحن صاحبات أعمال ومهنيات ناجحات. وتعد أبرز شخصية في عالم الشركات، ناينا لال كيداوي، أول سيدة تتولى أعمال مصرف أجنبي في الهند، وهي أول سيدة هندية تخرجت في كلية الأعمال في جامعة هارفارد (عام 1982). وفي الوقت الحالي، تعمل السيدة التي تبلغ من العمر 50 عاما، مدير عام للمجموعة والرئيسة الإقليمية لمصرف «إتش.إس.بي.سي» في الهند. وفي عام 2000، نشرت مجلة «فورتشن» أنها ثالث أبرز سيدة أعمال في آسيا. وهي متزوجة من رجل مسلم، ووالدة لطفلين، وتحافظ على التوازن بين عملها ومنزلها. وهي مغرمة للغاية بالموسيقى الهندية الكلاسيكية والغربية على السواء. وتحب أن تذهب في رحلات إلى جبال الهيمالايا، فهي تعشق الطبيعة وتهتم كثيرا بتأمل حياة البرية. وبفضل عملها الجدير بالثناء، نالت العديد من الأوسمة. وقلدت أرفع وسام مدني في الهند، باد ماشري.

وكان لها حضور مؤثر بمساعدة بعض من أكبر شركات الهند: «تاتا» و«ريلاينس» و«أيه في بيرلا» و«ووكهارت فاند» في صفقاتها الشرائية في الخارج، باستخدام موازنة مصرف «إتش. إس.بي.سي». وفي الوقت الحالي، تعد نموذجا لآلاف من الشابات الهنديات.

وتقول كيداوي إن حوالي 40 في المائة من العاملين في إدارتها من السيدات. وتسعى مجموعة من المديرات المتخصصات إلى الوصول إلى أعلى المناصب في قطاع الشركات الهندية، مغيرات للمواقف الاجتماعية ومعتمدات على سياسات التعيين والترقية التي ترتكز على مهارات.

وتعمل تشاندا كوشهار (46 عاما) الرئيسة التنفيذية لمصرف «أي.سي.أي.سي.أي.»، أكبر مصرف خاص في الهند وصاحب ثاني أكبر حصة في السوق.

وهي أيضا المديرة المالية للمصرف، ويذكر اسمها في قائمة «فورتشن» «لأبرز السيدات في عالم الأعمال» منذ عام 2005. وهي تحتل المرتبة 25 في القائمة في الوقت الحالي. ولدت كوشهار في ولاية راجاستان الغربية الهندية ونشأت فيها. ولها ابن وابنة. ويوجد فروع لمصرف «أي.سي.أي.سي.أي»، الذي يحقق عوائد تصل إلى 38.5 مليار دولار، في 18 دولة، ويدخل في عمليات شراء خارجية أغلبها عن طريق شركات هندية.

وإلى جانب كوشهار، توجد لاليتا غوبت مسؤولة عن العمليات المصرفية الدولية لمصرف «أي.سي.أي سي.أي.». وتعد غوبتا، رمزا مهما في القطاع المصرفي وقطاع الخدمات المالية في الهند. وأدرجتها قائمة «فورتشن» «كواحدة من أبرز 50 سيدة في الأعمال الدولية». وهي حاليا رئيسة مجلس إدارة مشروعات «أي.سي.أي.سي.أي.»، وعضو بمجلس إدارة شركة «نوكيا». وقد لعبت دورا مهما في إدراج أسهم «أي.سي.أي.سي.أي» في بورصة نيويورك، ليكون أول مؤسسة هندية وثاني مصرف آسيوي يدخل في قائمة بورصة نيويورك. وتحمل غوبت درجة البكالوريوس في الاقتصاد ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال، ولديها طفلان وتعيش في مومباي.

ووفقا لإحدى الدراسات، تحتل الهند أعلى القائمة الآسيوية في زيادة مشاركة المرأة في المستويات العليا من الأعمال. ويوجد في الهند بين كل عشر شركات أربع شركات تعيّن سيدات في مناصب إدارية عليا، وهو ما يحدث في جميع أنحاء العالم. ولكن الهند اندمجت في السوق العالمية وتفخر بزيادة مشاركة المرأة في المستويات الرفيعة، في الوقت الذي ترد فيه أخبار عن انخفاض نسبة مشاركة المرأة في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة وإيطاليا.

ولا تكتمل القائمة الهندية بسيدات الأعمال من دون ذكر كيران موزومدار شو، رئيسة مجلس إدارة والمديرة الإدارية لشركة «بيوكون إنديا»، وهي من أكبر 20 شركة عالمية في التكنولوجيا الحيوية التي تصنع الأدوية ومن بينها الأنسولين وعلاج السرطان.

لقد أسست كيران شركة «بيوكون إنديا» برأسمال قدره 10,000 روبية (220 دولارا) في جراجها الخاص عام 1978 في بانغالورو مع فريق مكون من شخصين. ورفضت المصارف طلباتها للحصول على قروض في ذلك الوقت، لثلاثة أسباب: كانت التكنولوجيا الحيوية مصطلحا جديدا وقتها، ولم يكن هناك أصول للشركة، والأمر الأهم هو أنه كان من النادر وجود سيدات أعمال. ولكن اليوم، أصبحت شركتها أكبر شركة لصناعة أدوية حيوية في البلاد. وأصبحت أغنى سيدة في الهند عندما طرحت أسهم «بيوكون» للملكية العامة عام 2004. وعلى الرغم من أنها غير مرتاحة لصفة الثراء التي تلحق بها، ولا تتباهى بثروتها، إلا أنها مهتمة بمسؤوليتها الاجتماعية، وتتبرع بنصف أرباحها للمستشفيات وبرامج التأمين الصحي من أجل القرويين الفقراء. إنهن موجودات عبر الأجيال، وفي كل المجالات، من صناعة الجرارات إلى التلفزيونات، ومن البسكويت إلى المصارف، ومن أقسام الموارد البشرية إلى المستشفيات. وعندما منعن من دخول مجالات مقصورة على الرجال، أقمن صناعة أخرى، مثلما فعلت كيران موزومدار شو في «بيوكون». إنهن متمسكات بزيهن الهندي التقليدي، الساري، وطرق الطهي، ولكنهن أيضا يضعن قوانين تحكم عالم المال الذي يسوده الرجال. ونموذج آخر للسيدات اللاتي يترأسن مصرفا أجنبيا كالبانا مورباريا، التي وصلت إلى منصب الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «جي.بي.مورغان تشيس» في الهند، التي يقع مقرها الرئيس في نيويورك. ولكن لا يقتصر دورها على عمل الشركة داخل الهند وحسب، حيث تحتل منصبا في مجلس صنع القرار العالمي في المؤسسة. وقد وصلت إلى قائمة «فوربس» لأبرز مائة سيدة في العالم.

عندما كانت طفلة صغيرة، كان كل ما تريد فعله هو أن تتزوج، وأن تنجب الكثير من الأبناء، وأن تحضر حفلات عصرية راقية. ولكن أصر زوجها على أن تعود إلى دراستها. وهي مهووسة بمشاهدة الأفلام، وتحرص على مشاهدة أي فيلم هندي جديد في أول أسبوع عرض له.

وما تريد كالبانا تحقيقه في «جي.بي.مورغان» هو أن تعدل الكثير من منتجاته العالمية قدر الإمكان لتتناسب مع قطاع الشركات الهندية، الذي يسعى بشدة إلى أن يكون له نشاط عالمي. ولكنها لا تستطيع مقاومة التسوق، وخاصة الساري والمجوهرات (فهي تحب الألماس)، وهي لا تهتم بإنفاق الكثير من المال. ونظرا لأنها ليس لديها أبناء، تشعر بأنها تستطيع أن تستمتع جيدا بما تحصل عليه في حياتها، خاصة أنها تبلغ من العمر 59 عاما.

وحققت مهارات المرأة الهندية في مجال الأعمال اعترافا عالميا أكبر عندما أصبحت إندرا نوي، التي ولدت وتعلمت في الهند، رئيسة شركة «بيبسي» عام 2006.

حصلت نوي على درجة البكالوريوس من كلية مدارس كريستيان عام 1974، والتحقت ببرنامج دبلوم الأعمال في معهد الإدارة الهندي في كالكوتا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة للالتحاق بكلية الإدارة في جامعة ييل. واحتلت المركز الرابع في قائمة أبرز السيدات في العالم، وفقا لقائمة «فوربس».

ونتج عن تحرير الاقتصاد الهندي وزيادة دور القطاع الخاص وزيادة أعداد الشركات متعددة الجنسيات على مدار الأعوام القليلة الماضية زيادة بطيئة محددة في أعداد المديرات وسيدات الأعمال اللاتي بدأن في تولي المسؤولية. ويعد هذا تقدما كبيرا بالنسبة للنتائج التي أظهرتها دراسات عديدة أجريت في التسعينات التي أشارت إلى عدد قليل للغاية من السيدات الهنديات البارزات في قطاع الشركات.

ويظهر المزيد من الأسماء البارزة في الوقت الحالي في عالم الشركات في الهند. ومن بين السيدات اللاتي تركن بصماتهن في صناعة السيارات المزدهرة سولايجا فيروديا موتواني وماليكا سرينيفاسان. وترأس موتواني، التي ظهرت في الفترة الأخيرة على غلاف مجلة «بيزنس توداي» الشهيرة، مجموعة «كاينتيك» التي تصنع الدراجات البخارية، بينما تدير سرينيفاسان شركة «تافي» لصناعة الجرارات في تشيناي.

وستكون سواتي بيرامال، (52 عاما) مديرة «بيرامال» للرعاية الصحية، أول سيدة ترأس، اتحاد غرف التجارة والصناعة في الهند، بعد ما يزيد على 8 عقود على إنشائه، عندما تتولى رئاسته في وقت لاحق في العام الحالي.

وتقول: «أعتقد أنه إنجاز عظيم ومسؤولية كبيرة. وأريد أن أضع مهمة ورؤية جديدة لاتحاد الغرف، لتشمل نظرة أقرب لقضايا المرأة».وقد حصلت سواتي بيرامال على وسام الفروسية من الحكومة الفرنسية لإسهاماتها في تنمية العلاقات الهندية الفرنسية في مجال الأدوية والتجارة.

وقد تركت نيلام داوان، المديرة الإدارية في شركة «إتش.بي»، شركة «مايكروسوفت» من أجل رئاسة أعمال منافستها «إتش.بي» في الهند في يونيو (حزيران) العام الماضي. ويقول زملاؤها القدامى إنهم يفتقدونها بالتأكيد. وقد وصلت داوان، الخبيرة في صناعة تكنولوجيا المعلومات إلى «مايكروسوفت» عن طريق «إتش. سي.إل» و«أي.بي.إم». وأصبحت عضوا منتدبا في «مايكروسوفت» عام 2005.

وبعد انتقالها إلى «إتش.بي»، صرحت داوان: «أنا متحمسة بالطبع لدوري الجديد في (إتش.بي)، ولدي فرصة في تقوية الشراكة بين (إتش.بي) و(مايكروسوفت)».

وبكل تأكيد تستطيع هؤلاء السيدات، اللاتي حطمن الحواجز التقليدية، أن يكن أمهات روحيات لسيدات الأعمال الهنديات الناشئات.