محادثات جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية لا تزال مستمرة.. بعد 8 سنوات

كان الهدف منها انتشال الملايين حول العالم من براثن الفقر عبر بوابة التجارة

باسكال لامي، المدير العام المنظمة التجارة العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

لدى بدايتها الأولى عقب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 مباشرة، وصفت محادثات «جولة مفاوضات الدوحة» بأنها «جولة للتنمية». كان الهدف من تلك الجولة دعم جهود التنمية العالمية وتصحيح تشوهات تاريخية طالما حابت الأثرياء، ومن ثم انتشال الملايين حول العالم من براثن الفقر ونقلهم إلى عالم الرخاء عبر بوابة التجارة. كان ذلك عام 2001، والآن وبعد ثماني سنوات لا تزال «جولة الدوحة» مستمرة، ولكن بقوة دفع أقل.

يقول خبراء إن فرص التوصل إلى اتفاق خلال العام الجاري محدودة، ولا سيما في وقت تتداعى فيه التجارة الدولية، فقد توقعت منظمة التجارة العالمية في تقرير صدر عنها مؤخرا تراجع حجم التجارية العالمية بنسبة 9 في المائة في 2009، لتسجل الانخفاض الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

وفضلا عن ذلك فإن حكومات كثيرة تواجه أوقاتا اقتصادية عصيبة بدأت في الانحناء أمام الأصوات التي تدعو إلى اعتماد نهج الحمائية، حماية للشركات والصناعات المحلية. كما أن التجارة في قطاعي الزراعة والصناعة، وهما من الأعمدة الرئيسية لجولة الدوحة، من المسائل الأكثر إثارة للجدل. وقد أسهمت هذه القضايا مرة أخرى في فشل محاولات التوصل إلى اتفاق تلتزم بموجبه الدول بخفض ما تقدمه من دعم لصادراتها السلعية، وخفض الرسوم الجمركية وغيرها من القيود على الواردات.

وبحسب توقعات غالبية خبراء الاقتصاد فإن المزايا الاقتصادية الصافية لاستكمال الجولة ستكون محدودة، لأن دولا كثيرة تحافظ بالفعل على غالبية ما تفرضه من رسوم تصدير ودعم دون المعدلات التي حددتها منظمة التجارة العالمية. وبرغم ذلك فإن رمزية الوصول إلى اتفاق ستكون أكثر أهمية، ولا سيما في ظل الوضع الراهن للاقتصاد العالمي.

وفي هذا الشأن قال روبرتو أزفيدو سفير البرازيل لدى منظمة التجارة العالمية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «إن إغلاق ملف جولة الدوحة بالوصول إلى اتفاق سيكون واحدا من أفضل الرسائل التي نستطيع أن نوجهها إلى الهيئات التجارية والاقتصادية.. وهي أننا على طريق التعافي.. وأننا لن ننزلق إلى غواية الحمائية».

كما أن من شأن ذلك أيضا أن يساعد في خفض المستويات القصوى لمعدلات الدعم والرسوم الجمركية التي يمكن للدول أن تقررها، فارضا من الناحية العملية سقفا محددا للنهج الحمائي الذي يمكن انتهاجه في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية.

وينظر إلى منظمة التجارة العالمية باعتبارها شبكة الأمان في مواجهة الحروب والحروب المضادة في مجال التجارة، تلك التي غلفت حقبة الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي. واقتصرت الدول حتى الآن على طرح خطط الإنقاذ للبنوك، والأهم لشركات صناعة السيارات.

ويقول سيمون إيفنيت الخبير في شؤون التجارة بجامعة سان جالين في سويسرا: «القيمة الحقيقية لجولة الدوحة هي التأكيد على أن الإصلاحات التي تمت على مدى 20 عاما لن يتم النكوص عنها، وعند هذا المنعطف على الأقل فإن الحديث عن فتح أسواق جديدة ليس بالضرورة هو الأهم».

ويقول أوجال سنج بهاتيا سفير الهند في منظمة التجارة العالمية، إن ما يثير قلق الدول النامية هو أن المزارعين الذين لم يحدثوا أنفسهم بعدُ ربما يتعرضون إلى ضرر شديد من تحرير التجارة في ظل غياب آليات توفر الحماية. ويضيف: «توصف جولة الدوحة الحالية بأنها جولة للتنمية، ويتعين أن تتضمن الجولة الأخيرة خاتمة مُرضية لقضايا من قبيل تلك التي تؤثر على مئات الملايين من الفلاحين الفقراء في مختلف أنحاء العالم».

وفي نفس الوقت تقول الولايات المتحدة إنها تريد إعادة فتح المحادثات، نظرا إلى «الاختلالات» الموجودة في المقترحات الحالية، وتقول إن قيمة الفرص الجديدة المتاحة لعمالها ومزارعيها وأصحاب المزارع وشركاتها غير واضحة.