السنيورة يشدد على ضريبة لا تشكل عبئا على المواطن والاقتصاد وشطح يعتبر القيمة المضافة أكثر عدالة من ضرائب الدخل

حلقة نقاشية عن «الأثر التوزيعي للإصلاحات الضريبية» في لبنان

TT

شدد رئيس الوزراء فؤاد السنيورة على أن «الوضع المالي للدولة اللبنانية يستوجب ترشيد الإنفاق وتحسين وسائل تنفيذه ومردوديته»، مبرزا «أهمية التوازن والعدالة في توزيع الأعباء المالية والضريبية على جميع المواطنين، وخصوصا لدى الفئات المحدودة الدخل والمحرومة».

واعتبر السنيورة خلال حلقة نقاشية عن الأثر التوزيعي للإصلاحات الضريبية في لبنان، نظمتها وزارة المال في السرايا الحكومية، بالتعاون مع المركز الإقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط (ميتاك) التابع لصندوق النقد الدولي، أن «الأعباء والمصادر المالية للخزينة يجب ألا تشكل عبئا متزايدا على المواطن والاقتصاد معا». ورأى أن «كل من يتولى مسؤولية بشكل عام ومسؤولية مالية بشكل خاص يكون عرضة للسهام، الأمر الذي خبرناه جيدا في لبنان»، ملاحظاً أن «طريق التغيير والإصلاح ليست بالتأكيد مزروعة بالورود بل هي موحشة نظرا إلى قلة الذين يريدون ذلك ولكثرة من يريدون العكس لأن أي عملية تغيير تمس بأصحاب الأفكار الثابتة والمصالح المستقرة الأمر الذي يؤدي بهؤلاء إلى الوقوف في وجه هذه العملية». واعتبر أن «الشجاعة تكمن في المضي قدما في عملية الإصلاح التي من شأنها أن تحسن الأداء في جميع الجوانب ذات الصلة بالإدارة اللبنانية ومنها الإدارة المالية». واعتبر وزير المال الدكتور محمد شطح من جهته أن «موضوع العدالة الضريبية والتوزيع الناتج عن النظام الضريبي مهم جداً». ورأى أن «أحد أهم العوامل في الخيارات الضريبية والسياسة الضريبية هي توزيعها وعدالتها إضافة إلى فاعليتها ونتائجها الاقتصادية». وإذ أشار إلى أن «الانطباعات الخاطئة عن النتائج التوزيعية للضرائب تجعل من الصعب على من يضع السياسات أن يقوم بالشيء الصحيح»، شدد على أن «العدالة الضريبية ليست مجرد أرقام وشرائح على الورق، فالإجراءات الضريبية مهمة في هذا المجال، والالتزام الضريبي جزء مهم أيضا». وأضاف «إذا كان لدى المواطن انطباع بأنه يدفع وغيره لا يدفع، تكون النتيجة عكسية بكل ما للكلمة من معنى، اقتصاديا وماليا واجتماعيا». وأبرز أن «ما يحصل راهنا في وزارة المال من تحسين في الإدارة الضريبية وفي آليات الضريبة والإجراءات الضريبية كالتصريح الالكتروني، يحسن الشفافية وطريقة تعاطي المكلف مع الإدارة الضريبية وقدرة الإدارة الضريبية التنظيمية على تطبيق النظام بشكل عادل». ووصف شطح مشروع قانون الضريبة الموحدة أو المجمعة على الدخل، بأنه «أحد أهم التشريعات»، مشدداً على أن هذه الضريبة «ستنتج عدالة أكبر». وأوضح أن «الضريبة على الاستهلاك أو الضريبة على القيمة المضافة تتيح مشاركة أكبر للبنانيين الموجودين خارج لبنان، وهي تالياً وسيلة لمشاركة الجميع، ومن هذا الباب تكون أكثر عدالة من ضرائب الدخل التي لا تصيب هذه الشريحة إطلاقا». ولفت إلى أن «جزءاً مهماً من إيرادات الدولة يأتي من قطاع الاتصالات الخليوية لكن كلفة الاتصالات في لبنان على المواطن وعلى المنتج هي أضعاف الكلفة الحقيقية». ولاحظ أن «هذا العبء يؤثر على درجة استعمال هذه الخدمة، كما أن تأثيره الاقتصادي ضخم ويؤدي إلى كلفة عالية على الإنتاج وعلى الوظائف وعلى الحركة الاقتصادية». ورأى مدير المركز الإقليمي للمساعدة الفنية سعادة شامي بدوره أن المركز أراد من هذه الحلقة أن يساهم «في الإضاءة على هذا الجانب المهم من المساعدات الفنية التي يقدمها صندوق النقد، خصوصاً أن الإصلاح الضريبي مرتبطٌ بموضوع الإدارة الضريبية الذي يعتبر من صلب اهتمامات المركز» . وأضاف «أن لبنان من أكثر الدول مساهمةً في تمويل (ميتاك) وهو يستحق منَا كل اهتمام وكل مساعدة ممكنة لتفعيل عملية الإصلاح على كل الأصعدة وفي شتى المجالات». ولاحظ أن «الحديث كثر في الصحافة وفي معظم الأوساط الاقتصادية عن أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992 زادت الضرائب بشكلٍ كبير مما رفع العبء الضريبي بشكلٍ ملحوظ، بحيث أصبح الفقير أشدَ فقراً والغني أكثر غنى، وأن زيادة الضرائب المسماَة غير مباشرة هي تراجعيَِة (وليست تصاعديَة)، مما انعكس سلباً على صغار ومتوسطي الدخل». ورأى أن «هذه الآراء جديرةٌ بالدرس والمناقشة وإن كانت في معظمها لم تُبن على دراساتٍ أو إحصاءات تتعلق بمستوى الضرائب ومدى تأثيرها على مختلف المكلفين». وقال وزير المال السابق الدكتور جهاد أزعور، الذي تولى رئاسة الحلقة، إن «عملية الإصلاح الضريبي في لبنان بنيت على محاور ثلاثة، أولها تطوير النظام الضريبي لناحية القوانين والإجراءات الضريبية، والثاني تحديث الإدارة الضريبية لناحية أنظمة عملها، والثالث موضوع الخدمات وتحسين العلاقة بين المواطن والدولة اللبنانية من خلال تحسين العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية».

وأضاف «بالرغم من تغير السياسات والوزارات والوزراء فإن العمل الإصلاحي في المجال الضريبي في وزارة المال استمر كما في المواضيع الأخرى».

ولفت إلى أن «أي نظام ضريبي هو عملية متغيرة باستمرار وتحتاج إلى تطوير دائم، ولكن الطريق ما زالت طويلة في هذا المجال إذ لا تزال ثمة شوائب عدة، ولكن في المقابل ثمة روح جديدة موجودة على مستوى التعاطي المسؤول والموضوعي بين الإدارة والمكلف، الأمر الذي يحسن نوع العلاقة بين المواطن والدولة ويزيد فاعلية العمل الاقتصادي». وناقش المشاركون في الحلقة ورقة للدكتور عبد المنعم عبد الرحمن، من قسم الشؤون الضريبية في صندوق النقد الدولي، بعنوان «الإصلاحات الضريبية في لبنان 1994 ـ 2004: مراجعة لأثرها التوزيعي على دافعي الضريبة ذوي الدخل المحدود والمتوسط». وعرض عبد الرحمن لدراسته بإيجاز، فتحدث عن مسار الإصلاح الضريبي في لبنان وما يتعلق بالضريبة المباشرة وغير المباشرة وإدخال الضريبة على القيمة المضافة وأهميتها، لافتا إلى أن «الإصلاح الجمركي ساهم في توزيع العبء وخصوصا على أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط». وتولى التعقيب على ورقة عبد الرحمن، كل من المدير العام للمالية ألان بيفاني، والخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان، والأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر.