السعودية: تحرك لتفعيل صناديق الدولة بتشكيل كيانات عملاقة تدار بآليات استثمارية

«حصانة» تنبثق عن «التأمينات الاجتماعية» بعد قيام «سنابل السعودية» عبر «الاستثمارات العامة»

TT

مضت السعودية بجد في تحركها لتفعيل صناديقها الاستثمارية، المتمثلة في بعض أجهزتها، من خلال تشكيل كيانات تحمل صفات الصناديق السيادية، وتعمل بمرونة وآلية القطاع الخاص، في إشارة واضحة لتوجه جديد نحو الاستفادة من مقدرات البلاد المالية.

وشهدت السعودية هذا الأسبوع الإعلان عن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الترخيص بتأسيس شركة مساهمة سعودية، باسم شركة «حصانة» الاستثمارية، تتبع للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، دون الإفصاح عن قيمة رأسمال الشركة.

ويمثل الإعلان عن «حصانة» ثاني خطوة عملية بعد موافقة مجلس الوزراء خلال النصف الثاني من العام المنصرم، على إنشاء شركة مساهمة سعودية أخرى باسم الشركة العربية السعودية للاستثمار، «سنابل السعودية» برأسمال قدره 20 مليار ريال، وتعود إلى صندوق الاستثمارات العامة. وتعمل شركة «حصانة» على إنشاء المشروعات العقارية والتجارية والخدمية، وتملكها وبيعها وتطويرها وإدارتها وتشغيلها، وكذلك الاستثمار لحسابها ولحساب المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في الأوراق المالية بالشراء والبيع في أسواق الأسهم المحلية والإقليمية والدولية، بينما قد تحدد أن تعمل «سنابل السعودية» على الاستثمار في أي أصول رأسمالية أو حقوق عينية، والاستثمار في الأسهم والسندات والتعامل في الأوراق المالية بمختلف أنواعها، والاستثمار العقاري والاستثمار في العملات الأجنبية والمعادن والسلع وإدارة محافظ الاستثمار لحساب الغير.

ويكشف التحرك الجدي للسعودية عن رؤية جديدة تمخضت لديها بضرورة أن تتوسع في مسارات الاستثمار، ومجالات الاستفادة من السيولة واستغلال الطفرة المالية لديها، بعد أن اقتنت عوائد عالية من النفط خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث وصل سعر البرميل لأعلى مستوى له تاريخيا عند 147 دولارا. أمام ذلك، تبرز رؤية مسايرة حول رغبة الدولة أن تدار تلك الشركات بآليات عمل أكثر مرونة وأقل تعقيدا، ومتحررة من بيروقراطية الجهاز الحكومي، ليضاف إليها أسلوب العمل التجاري الاستثماري المحض للاستفادة من مليارات الدولارات وتوجيهها بطرق علمية تحقق المكاسب.

وعلى الرغم من رفض المسؤولين الحكوميين في الدولة من تسمية تلك الشركات بالسيادية، حيث اعتادوا في أكثر من مناسبة على نفي وجود صناديق سيادية للدولة، إلا أن الشركات الجديدة تتميز بالقوة المالية وحجم رؤوس الأموال وقوة مركزها، تعزز بقدرات الأجهزة الحكومية التابعة لها لتستطيع مجاراة التطورات الاقتصادية الحديثة، وتستفيد من عامل سرعة القرار وتوافر المال.

أمام ذلك، لم تبدي المؤسسة العامة للتقاعد أي إشارات حول توجهها للمضي في ذات مسار «التأمينات الاجتماعية» و«الاستثمارات العامة»، بيد أن الأسباب السالفة من شأنها أن تحفزها على الذهاب نحو ولادة كيان عملاق في القادم من الأيام. وتعد السعودية واحدة من بين الاقتصاديات الناشئة، التي ينتظر أن تمثل ثقلا على الصعيد الاقتصادي العالمي مع توفر العوامل المساعدة، منها وجود السيولة العالية، إضافة لكونها أكبر منتج للنفط وواحدة من أكبر الأسواق الاستهلاكية في المنطقة، وينتظرها تعداد سكاني كبير خلال العقود القليلة المقبلة، مما يدعم وجود شركات استثمارية عملاقة ترفد القوة الاقتصادية المحلية.