ملياردير هونغ كونغ الخارق يعلن أنه حان وقت الشراء

دافعا مؤشر هانغ سنغ 3.6% بعد حديثه

الملياردير العصامي وحكيم هونغ كونغ لي كا شنغ (رويترز)
TT

تحدث الملياردير العصامي، وحكيم هونغ كونغ، لي كا شنغ، معلنا رسالة الخميس الماضي، مفادها «حان الوقت للتفكير في شراء الأسهم والعقارات». وصدر إعلان الملياردير، الذي يسيطر على بعض أكبر شركات هونغ كونغ، ويتمتع بنفوذ هائل في أوساط المستثمرين بمختلف أرجاء آسيا، في إطار واحدة من المناسبات العامة النادرة التي يظهر بها.

وبدا مفعما بالثقة بالنفس، ومازح المراسلين الصحافيين أثناء حديثه، ولم تظهر أي مؤشرات توحي بشعوره بالإحباط حيال التراجع الحاد في أرباح شركاته، التي أعلن عنها قبل يومين. وبغض النظر عما إذا كان صائبا بشأن الأسهم والعقارات ـ والمؤكد أنه سيجني مكاسب شخصية طائلة إذا كان على صواب ـ فإن تعليقاته تأتي في وقت عملت أسواق الأسهم على حشد قواها أملا في أن تكون حالة التردي الاقتصادي قد وصلت بالفعل لأدنى مستوياتها من التراجع. وتحدث كا شنغ، قائلا: «إذا كانت لديك أموال»، فعليك التفكير في شراء أسهم. وفيما يخص سوق العقارات في هونغ كونغ، قال لي: «يخبرنا التاريخ أنه حال شرائك في سوق بطيئة، تجني أرباحا جيدة على المدى المتوسط». وحذر من الاقتراض من أجل الاستثمار في بيئة يسودها الاضطراب والتقلبات. وعلى الرغم من التحذيرات التي غلفتها، تركت تعليقاته أصداء واسعة في الدوائر الاستثمارية، وساعدت في دفع مؤشر هانغ سنغ لأعلى بنسبة 3.6 في المائة في تعاملات ذاك اليوم. جدير بالذكر، أن وسائل الإعلام المحلية تطلق على لي كا شنغ «الرجل الخارق»، وتشبهه بالمستثمر وارين بافيت، الذي يدير شركة «بيركشاير هاثاواي» العملاقة. ويعد لي، واحدا من أقوى الشخصيات على مستوى القارة الآسيوية، علاوة على كونه أكثر المساهمين بمجال النشاطات الخيرية. وفي العام الماضي، في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة الاقتصادية، ظهر لي من حين لآخر على الساحة العامة محاولا إعادة بث الثقة. يشار إلى أنه في سبتمبر (أيلول) الماضي، في غضون فترة قصيرة من تعرض النظام المالي العالمي لزلزال عنيف جراء انهيار مصرف ليمان براذرز، احتشد المدخرون في هونغ كونغ خارج مصرف شرق آسيا (بنك أوف إيست إيشا)، أحد أشهر وأكبر مصارف المدينة، في رد فعل على شائعات بأن المصرف يمر بمشكلات مالية. وحينئذ، كشف لي، أنه اشترى أسهما في المصرف، في مؤشر على الثقة سرعان ما ساعد في إنهاء التوتر. وخلال هذا الشهر، حاول مصرف إتش إس بي سي جمع 18 مليار دولار في إطار طرح الأسهم العامة على المساهمين، ما دفع أسهم المصرف للتراجع على نحو حاد. والمعروف أن غالبية السكان المحليين هنا يملكون أسهما في المصرف، الذي يتخذ الآن من بريطانيا مقرا له، لكن جذوره لا تزال تنتمي إلى هونغ كونغ. وعندما بدا أن عملية الطرح قد تمنى بالفشل، تعهد لي ـ إلى جانب العديد من كبار رجال الأعمال في هونغ كونغ ـ بتقديم قرابة 300 مليون دولار من أموالهم . ومع ذلك، كان العام الماضي عسيرا بالنسبة للي، وبدا لقب «الرجل الخارق» غير ملائم قليلا له عند ظهوره يوم الخميس، بعد إعلان كل من «تشونغ هولدنغز»، و«هوتشيسون وامبوا»، الشركتين العملاقتين الرائدتين بمجالات العقارات والموانئ والكهرباء، اللتين يديرهما، تراجع صافي أرباحهما بنسبة تجاوزت 40 في المائة خلال عام 2008. والواضح أن التراجع السريع في الاقتصاد العالمي دفع هونغ كونغ، إضافة إلى الولايات المتحدة واليابان، إلى حالة من الركود الاقتصادي، وقلص النمو الاقتصادي الهائل في الصين المجاورة. ومن المتوقع أن تشهد أسعار الإيجارات والعقارات في هونغ كونغ، أحد الدعامات الرئيسة لعائدات مجموعة «تشونغ كونغ»، مزيدا من الانحسار هذا العام، الأمر الذي سيخلق مشكلات بالغة أمام العاملين بمجال التنمية العقارية. بيد أن مجموعة «تشونغ كونغ»، ليست كأي شركة عادية في هونغ كونغ، مثلما أن لي، ليس كأي رئيس شركة عادي في المدينة. في الواقع، الحدث الذي أقيم يوم الخميس، لم يكن مؤتمرا صحافيا سنويا عاديا، وإنما ذروة موسم حصد العائدات في هونغ كونغ، صاحبة اهتمام صاخب من قبل وسائل الإعلام، التي اعتادت إضفاء هالة النجومية على لي. وفي الحقيقة، تجسد الشبكة المعقدة من الشركات، التي يسيطر عليها لي ـ ثلاثة منها أعضاء في مؤشر هانغ سنغ بهونغ كونغ ـ حالة الاهتياج السائدة بالدوائر التجارية بالمدينة. من ناحيته، يتميز لي، بتاريخ من النضال العصامي، دفع به من الفقر إلى قمة الثراء، ما يجعله بمثابة مصدر إلهام لجميع أبناء هونغ كونغ. وكانت بداية مجموعة «تشونغ كونغ» والشركات المتنوعة المرتبط بها بالغة التواضع، تمثلت في شركة لإنتاج الزهور البلاستيكية، أسسها لي في شبابه خلال عقد الخمسينات. وبعد خمسة عقود، أصبح لي واحدا من كبار العاملين بمجال التنمية العقارية بمختلف قطاعاتها، من سكنية وتجارية وصناعية، وتشير الإحصاءات إلى أن حوالي واحدا من كل سبعة محال إقامة خاصة هنا اضطلعت المجموعة بتنميته. أما «هوتشيسون وامبوا»، التي يتولى لي رئاستها، فتدير نشاطات تجارية متنوعة، مثل الموانئ والفنادق والمراكز التجارية وسلاسل الصيدليات، علاوة على كونها من أكبر المؤسسات العاملة بقطاع الاتصالات عن بعد في هونغ كونغ وخارجها. كما تنتمي إلى قائمة الشركات التي تشرف عليها «تشونغ هونغ/هوتشيسون» شركة «تشونغ كونغ إنفراستركتشر»، التي يترأسها نجل لي، فيكتور، وكذلك «إتش كيه إليكتريك»، واحدة من أكبر شركات إنتاج الطاقة بالمنطقة. بصورة مجملة، تعمل هذه الشركات بمختلف قطاعات اقتصاد هونغ كونغ، وتعكس بدرجة تفوق أي شركة أخرى مسيرة انتقال هونغ كونغ من الازدهار إلى التراجع. وفي الوقت الذي شاركت المدينة في موجة معدلات النمو الاقتصادي المذهلة، التي شهدتها آسيا في السنوات الأخيرة، تعاني هونغ كونغ حاليا من تباطؤ عجلة النمو الاقتصادي العالمي. *خدمة «نيويورك تايمز»