صناعة السيارات الأميركية على شفا الهاوية.. وأوباما يمنحها مهلة للإصلاح

«جنرال موتورز» لا تستبعد إشهار إفلاسها.. و«كرايسلر» تسارع إلى التحالف مع «فيات» الإيطالية * «بيجو» الفرنسية تقيل رئيسها التنفيذي مع تفاقم مشاكل القطاع العالمية

TT

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، شركات السيارات الأميركية المتعثرة من الإفلاس، إذا لم تعد هيكلة صناعاتها، وأعلن أوباما منح شركات صناعة السيارات المتعثرة فرصة أخيرة لإعادة هيكلة عملياتها، وإلا ستفقد دعم الحكومة لها، قائلا: إن شركتي «جنرال موتورز»، و«كرايسلر» الأميركيتين لصناعة السيارات لم تتمكنا حتى الآن من إثبات قدرتيهما على البقاء في السوق.

وفيما توصلت «كرايسلر» إلى اتفاق تحالف مدعوم من قبل أوباما، مع شركة السيارات الإيطالية، تحصل بموجبه على 6 مليارات كدعم حكومي إضافي، أعلنت مجموعة «جنرال موتورز» أمس أن خططها لإعادة الهيكلة ستتضمن، اعتبارا من أمس، إمكانية إشهار الإفلاس، وهو احتمال كانت تستبعده بسبب تبعاته على مبيعاتها في الولايات المتحدة. وقالت المجموعة في بيان صدر بعيد دقائق من إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما خطته لإنقاذ قطاع صناعة السيارات: إن «جنرال موتورز ستتخذ كل الإجراءات لإعادة هيكلة الشركة بنجاح، ما قد يتضمن عملية بإشراف قضائي». غير أن «جنرال موتورز» أكدت في بيانها أنها «تفضل بشدة» إجراء إعادة هيكلة من دون اللجوء إلى إشهار الإفلاس. وأقر المدير الجديد للمجموعة فريتز هندرسون، الذي حل محل ريك فاغونر، الذي استقال بضغط من البيت الأبيض، بأن الشروط التي وضعتها الحكومة في مقابل تقديم مساعدة إلى جنرال موتورز «صارمة» للغاية. وقد تراجع سهم مجموعة صناعة السيارات الأميركية «جنرال موتورز» أمس بنسبة 30 في المائة عند افتتاح بورصة نيويورك أمس.

وكان أوباما قد قال إن إدارته لن تسمح بتلاشي صناعة السيارات الأميركية، لكنه شدد على أن ذلك لا يمكن بالاعتماد على أموال دافعي الضرائب. وأعلن أوباما أمس عن خطته لإنقاذ مجموعتي «جنرال موتورز»، و«كرايسلر» من الإفلاس، ومنح الشركتين مهلة محددة من الوقت لإصلاح أوضاعهما الداخلية، حتى يتسنى حصولهما على قروض جديدة. ومُنحت «جنرال موتورز» مدة 60 يوماً، و«كرايسلر» مدة 30 يوماً. وقال باراك أوباما «إن شركة «فيات» الإيطالية ترغب في الحصول على الأغلبية في شركة «كرايسلر»، ويمكن أن تقدم الحكومة مبلغ ستة مليارات دولار، إذا توصلت الشركتان إلى اتفاق يضمن حماية أموال دافعي الضرائب». وأعلن أوباما أنه ملتزم بالعمل مع الكونغرس وشركات صناعة السيارات لتحقيق هدف واحد، وهو تصنيع جيل جديد من السيارات النظيفة. وقال أوباما «إن صناعة السيارات هي أكثر القطاعات التي عانت الكساد الاقتصادي، بحيث فقدت في العام الماضي حوالي 400 ألف وظيفة، وفي ولاية ميتشغان، حيث تتركز صناعة السيارات، فقد كل واحد من عشرة أشخاص وظيفته في الولاية». ودعا أوباما، في الخطاب الذي ألقاه من البيت الأبيض، قطبي صناعة السيارات الأميركية «جنرال موتورز»، و«كرايسلر» إلى القيام بعمليات إصلاح شاملة، في الوقت الذي أدت الضغوط التي مارسها البيت الأبيض على «جنرال موتورز» إلى استقالة رئيس المجموعة ريتشارد واغونر الذي ظل يشغل هذا المنصب لمدة 9 سنوات. وكان رئيس نقابة عمال شركة «أوبل» الألمانية لصناعة السيارات كلاوس فرانس، علق على استقالة واغنر قائلا: «كنت أتعجب دائما إلى متى يمكن بقاء شخص قلل قيمة مجموعة «جنرال موتورز» بنسبة 90 في المائة».

وقالت مصادر وثيقة الاطلاع «إن «كرايسلر»، التي منحت 30 يوماً لاستكمال شراكة مع شركة «فيات» الإيطالية، التزمت بالإصلاحات من خلال هذه الشراكة الجديدة». ومنحت الحكومة مجموعة «جنرال موتورز» فترة 60 يوماً لإعادة هيكلتها، ومطالبتها بوضع خطط لضمان استمرار إنتاجها لسنوات مقبلة.

وتطالب «جنرال موتورز» بمبلغ دعم إضافي يصل إلى 16.6 مليار دولار، في حين تطالب «كرايسلر» بمبلغ خمسة مليارات دولار، بيد أن البيت الأبيض قال إنه «لا يمكن دفع أموال لإنقاذ المجموعتين، يمكن أن يذهب جزء منها إلى كبار المسؤولين كحوافز». وقالت مصادر وثيقة «إن احتمال إعلان إفلاس المجموعتين وارد، إذا فشلتا في إصلاح أوضاعهما بعد الفترة التي حددها الرئيس أوباما». وقد بلغت مديونية «جنرال موتورز» حوالي 28 مليار دولار، في حين بلغت مديونية «كرايسلر» حوالي سبعة مليارات دولار. وتبلغ مديونية «جنرال موتورز» إلى شركات التقاعد والرعاية الصحية حوالي 20 مليار دولار، في حين تبلغ مديونية «كرايسلر» مبلغ 10.6 مليار دولار. ويعمل بالشركتين حوالي 140 ألف عامل. وقالت «جنرال موتورز» إنها تريد إلغاء 47 ألف وظيفة، أي ما يعادل 20 في المائة، وستغلق مئات من وكالاتها، وتركز على صناعة موديلاتها، وهي «شيفروليه»، و«كاديلاك»، و«جي إم سي»، و«بويك».

ويأتي هذا التحرك وسط تفاقم مشاكل صناعة السيارات العالمية، ففي فرنسا أطاحت ثاني أكبر شركة سيارات في أوروبا من حيث المبيعات «بيجو ستروين» برئيسها التنفيذي كريستيان ستريف، وعينت مكانه الرئيس السابق لشركة كوروس فيليب فارين اعتبارا من أول يونيو (حزيران). وقال تيري رئيس مجلس إدارة «بيجو ستروين» في بيان له «إن الصعوبات غير العادية التي تواجه الصناعة تستلزم تغييرا في الإدارة»، ولكن ستريف دافع عن نفسه قائلا إن سياسته هيأت المجموعة لتخطي العاصفة.