وزير المالية السعودي: لم نلحظ أية مؤشرات تثير القلق في الاقتصاد ومتهيئون بإجراءات حال تغير الظروف

العساف لـ «الشرق الأوسط» عشية قمة لندن: 4 أسئلة ستطرح في حال انعدام أثر خطة عمل قمة واشنطن.. وقلقون من مواصلة «الحمائية التجارية»

وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف
TT

طمأن الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي على وضع الاقتصاد في بلاده حيث أكد أنه لم يتم ملاحظة أية مؤشرات تثير القلق حتى الآن مشددا على استمرار تنفيذ المشاريع والبرامج المعتمدة في الميزانية بالقول: «لدينا القدرة على مواصلة ذلك».

ولفت العساف إلى أن بلاده لديها المرونة والقدرة معا في حال تغيرت الظروف على التعديل وسط الإيمان بضرورة استمرار برنامج الاستثمار وفقا لما أقر في الميزانية، موضحا أنه في حال وجود حاجة لاتخاذ إجراءات من شأنها ضمان التنفيذ الكامل لما تم إقراره فهم مستعدون له.

وتوقع العساف أن يواصل اقتصاد السعودية أداءه الجيد نسبة إلى كثير من اقتصاديات العالم، مشيدا بالسياسة المالية والنقدية المتبعة لافتا إلى أن الرقابة والإشراف الجيدين والفاعلين من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي على البنوك خلّف أثرا إيجابيا في الحد من تأثيرات الأزمة المالية.

وأوضح العساف في حوار مطول مع «الشرق الأوسط» تنشره عشية انعقاد قمة العشرين، أن القمة التي ستنطلق اليوم في العاصمة البريطانية لندن تمثل متابعة لما تم تنفيذه من خطة العمل ومراجعة التطورات الحاصلة في الاقتصاد العالمي بعد حزم التحفيزات المقرة في كافة دول المجموعة. وأشار إلى أن التركيز سيتزايد حول نتائج ما أحدثته تلك التحفيزات من أثر مأمول لعودة الثقة وتحسن المؤشرات الاقتصادية.

وأضاف العساف أن هناك 4 أسئلة ستطرح بقوة على طاولة اجتماعات القمة، في حال لم تحدث السياسات التي تنفذها الدول ما كان مأمولا خاصة في الدول المتقدمة، ترتكز على الأسباب والحاجة لسياسات جديدة وما هي الرسالة للعالم والرؤية لآفاق الاقتصاد المستقبلي. ولم يخف الوزير العساف قلقه مما تعارف عليه الاقتصاد العالمي حاليا بما يسمى بـ «الحمائية التجارية» التي أقرتها بعض الدول ضمن حزمة التحفيزات إذ أعلنت أن تكون المشتريات محلية المنشأ، مشيرا إلى أنه في حال اتباع هذه السياسة فإن هناك ضررا كبيرا سيقع على التجارة الدولية والدول النامية والناشئة. إلى تفاصيل أخرى تخص واقع التكامل الاقتصاد العربي والمقترحات لتطويره وأسعار النفط وملفات في الاقتصاد المحلي السعودي في متن الحوار التالي:

> غدا الخميس، تنطلق قمة العشرين في العاصمة البريطانية لندن، في وقت لا تزال الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في أوجها، ومما أعلنه عنه أن القمة ستبحث إعادة نشاط الاقتراض من خلال بث الروح فيه مرة أخرى بعد أن شهد ما يشابه التجمد، كما ستبحث السياسات المالية الدولية والإنفاق الحكومي، هل لنا بأبرز المقترحات في هذين الجانبين؟

- تأتي قمة مجموعة العشرين بعد قمة واشنطن التي أقرت بيانا اشتمل على ما قامت وستقوم به الدول من سياسات تحفيز لاقتصاداتها، ومن ذلك خطة عمل مفصلة تضمنت ما ينبغي عمله على المدى القصير الذي حدد بنهاية 31 مارس (آذار) 2009 (أمس) من تطوير للمعايير المحاسبية والإشرافية على المؤسسات المالية، وتقوية التعاون بين المؤسسات التي تقوم على وضع هذه المعايير، وتحسين إدارة المخاطر في المؤسسات المالية، وتوسعة عضوية منتدى الاستقرار المالي ليشمل دول مجموعة العشرين ومنها السعودية، وعلى المدى الطويل الأجل الذي تضمن تطوير حوكمة هذه المؤسسات، وأن تعمل على تطوير معايير عالمية موحدة، وتعزيز دور صندوق النقد الدولي في الرقابة. ومن هنا فإن قمة لندن هي قمة متابعة لما تم تنفيذه من خطة العمل ومراجعة لتطورات الاقتصاد العالمي في ظل حزم التحفيزات التي أقرتها دول المجموعة كافة، وما إذا كانت أحدثت الأثر المطلوب من عودة للثقة وتحسن المؤشرات الاقتصادية، أم أن الأزمة تفاقمت ولم تحدث السياسات التي تنفذها الدول ما كان يؤمل خاصة في الدول المتقدمة، وما هي الأسباب وراء ذلك؟ وهل هناك حاجة لسياسات أخرى؟ وما الذي ينبغي أن تخرج به قمة لندن من رسالة للعالم؟ وما هي رؤية المجموعة لآفاق الاقتصاد العالمي خلال الفترة القليلة المقبلة؟

> ماذا عن مشاركة السعودية في القمة؟ وهل ستقدم مقترحات أو رؤى بالإمكان أن تعيد الحيوية إلى الاقتصاد العالمي وتصحيح الأخطاء السابقة فيه التي وقعت وأخص عدم الرقابة على المؤسسات المالية وبالتالي أدت إلى تأزم الوضع المالي الدولي وشبه انهياره؟

- المملكة العربية السعودية بصفتها عضوا في المجموعة تشارك بفاعلية في اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية على كل المستويات: الخبراء، والوكلاء، والوزراء. كما شارك خادم الحرمين الشريفين في القمة الأولى للمجموعة التي عقدت في واشنطن في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي 2008م، وقد لقيت مشاركته ترحيبا متميزا، وكان للكلمة التي ألقاها صدى واسع وكبير. حيث أشار إلى مسببات الأزمة من العولمة غير المنضبطة والخلل في الرقابة، وحاجة الأسواق الماسة للرقابة ومنها الأسواق المالية. وتتمثل وجهة نظر المملكة التي طرحتها على الاجتماعات التحضيرية للقمة في الحاجة لإصلاح القطاع المالي في الدول المتضررة وأن ذلك قد يكون شرطا مسبقا لأن تحدث أية تحفيزات الأثر المرجو منها. ولذلك أكدت السعودية في هذه الاجتماعات سواء في مداخلاتها في هذه الاجتماعات أو في ما قدمته لسكرتارية المجموعة (وهي حاليا بريطانيا التي ترأس المجموعة هذا العام 2009م) من ملاحظات مكتوبة أو في ما صدر عن المجموعة من بيانات على الحاجة لإصلاح القطاعات المالية وشمول الرقابة وتعزيزها على جميع الأسواق والأدوات المالية ومنها صناديق التحوط، وكذلك على مؤسسات التصنيف الائتماني. وكذلك على الحاجة لاتخاذ السياسات المالية والنقدية التوسعية التي تسهم في استعادة الثقة والنمو الاقتصادي. والتحذير من مغبة اللجوء إلى السياسات الحمائية وتقييد التجارة والاستثمار لما لذلك من نتائج سلبية على نمو الاقتصاد العالمي وبخاصة على الدول النامية المعتمدة على التصدير.

> تخوفتم مما يسمى «الحمائية التجارية» في ظل ظهور الدعوات إلى هذا المصطلح، لاسيما التي تأخذ فرض رسوم أو دعم صادرات بما يتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية مما قد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي، وأشرتم إلى أنه سيتم بحثها في قمة لندن، هل لنا أن نتعرف على أبرز النقاط التي من الممكن أن تقدم في هذا الإطار؟

- مع ظهور علامات الركود الاقتصادي ومؤشرات تزايد معدلات البطالة في عدد من الدول نتيجة لذلك، بدأت تطفو على السطح مؤشرات تدل على ظهور نزعة الحمائية التجارية، وهو أمر مقلق حقا. فقد أقرت عدد من الدول ضمن حزمة التحفيزات التي أعلنتها أن تكون المشتريات محلية المنشأ. وفي حال اتباع الدول خاصة المتقدمة لهذه السياسة فلا شك أن الضرر سيكون كبيرا على التجارة الدولية وعلى الدول النامية والناشئة خاصة تلك التي تعتمد على التصدير، مما يجعل العالم كله في وضع أسوأ بدلا من أن يكون أفضل خاصة إذا لجأت الدول المتضررة للمعاملة بالمثل. ولذلك أكدت السعودية وفي كلمة خادم الحرمين الشريفين أن من الضروري العمل لمواصلة جهود تحرير التجارة والاستثمار التي أدت خلال العقود الماضية إلى تحسين مستويات المعيشة العالمية وانتشال الملايين من الفقر. وفي الاجتماع الوزاري الأخير للمجموعة الذي عقد في هورشام ببريطانيا أكدت باسم المملكة هذا التوجه وأملنا ألا تسود هذه النزعة وتتحول إلى واقع ممارس لضررها على الجميع.

> الاقتصاد السعودي ورغم اشتداد الأزمة المالية العاصفة لم يتأثر بذات المقدار الذي عانت منه دول كثيرة، بل إن هناك تقارير أشارت إلى أن اقتصاد المملكة يعد من أفضل الاقتصاديات العالمية في مواجهة الأزمة، إلى ماذا تعزون ذلك؟

- أولا الفضل لله سبحانه وتعالي، ثم للسياسة الاقتصادية الحكيمة لحكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، حيث نهجت المملكة نهجا اقتصاديا متوازنا قام على الإصلاح الاقتصادي والتحديث، وتعزيز دور القطاع الخاص. كما أن الحكومة عملت على الاستفادة من تحسن أسعار البترول خلال السنوات القليلة الماضية لتسديد الدين العام والإنفاق على مشاريع البنية الأساسية المادية والاجتماعية، مما حفز النمو الاقتصادي، وحرصت الحكومة على بناء الاحتياطيات لمواجهة أي تقلبات في الإيرادات. وأسهمت هذه السياسة بتحقيق المؤشرات الاقتصادية الإيجابية إذ تم خفض الدين العام بشكل كبير، ومكنت الإيرادات الجيدة التي تحققت من إقرار أكبر ميزانية في تاريخ المملكة هذا العام 2009م، بزيادة كبيرة في الاستثمار بلغت نسبتها 36 في المائة. وفي مجال السياسة النقدية، اتخذت السعودية سياسة توسعية لمعالجة نقص السيولة في السوق المحلي. كما أن للرقابة والإشراف الجيدين والفاعلين من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي على البنوك التجارية في المملكة أثرا إيجابيا في الحد من آثار الأزمة على القطاع المصرفي السعودي. وتواصل مؤسسات التمويل الحكومية إقراضها للمشاريع بوتيرة أعلى مما كانت في السابق، ورفعت نسبة إقراض المشاريع من قبل صندوق الاستثمارات العامة من 30 في المائة إلى 40 في المائة. وهذه السياسات لا شك أسهمت في تخفيف آثار الأزمة على الاقتصاد السعودي، ونتوقع أن يواصل اقتصادنا أداءه الجيد نسبة إلى كثير من الاقتصادات العالمية.

> السعودية رغم تأثيرها الاقتصادي الكبير في المنطقة ما زالت خارج قمة الثماني، بعد التطورات الأخيرة التي يشهدها العالم، هل تعتقد أن قمة العشرين من الممكن أن تسحب البساط من قمة الثماني؟

- هناك دول كبيرة ما زالت خارج قمة الثماني مثل الصين والهند والبرازيل. وكان هناك طروحات متعددة لتوسعة هذه المجموعة لتصبح مجموعة الثلاث عشرة أو الأربع عشرة. وبشكل عام، أثبتت هذه الأزمة حاجة دول الثماني لتعاون الدول الناشئة المهمة اقتصاديا الأعضاء في مجموعة العشرين. ولذا من الواضح أن الرأي استقر على أن مجموعة العشرين هي المحفل الأنسب لبحث القضايا الاقتصادية الدولية، إذ أن عضويتها تعد الأوسع تمثيلا للاقتصاد العالمي، حيث أن أعضاءها يمثلون حوالي 85 في المائة من الناتج المحلي العالمي، وثلثي سكان المعمورة. وأثبتت المجموعة منذ إنشائها قدرتها على بناء الإجماع الدولي حيال قضايا مهمة تتعلق بهيكلة النظام المالي العالمي وإصلاح مؤسسات التمويل الدولية.

> بعيدا عن قمة لندن، وفي قمة أخرى هي قمة الكويت الاقتصادية، طغى الشأن السياسي على الاقتصادي بشكل كبير، ولم تخرج القمة بقرارات تدفع التكامل الاقتصادي، وأنتم سبق أن أشرتم إلى عراقيل تواجه الاقتصاد العربي البيني، ما الأسباب التي تعتقدون أنها أثرت على التكامل الاقتصادي العربي؟

- للأسف أن التعاون الاقتصادي العربي لم يرق إلى المستوى المأمول على الرغم من قدم محاولات تطويره وترقيته لأسباب متعددة منها تباين السياسات والتوجهات والأنظمة الاقتصادية بين الدول العربية، وتشابه الهياكل الإنتاجية في الدول العربية، وعدم وجود الدعم السياسي الكافي لتطوير هذا التعاون في عدد من الدول العربية، وطغيان الشأن السياسي وتأثيره على مشاريع وبرامج التعاون والتكامل الاقتصادي. وقد جرت محاولات لإعادة بث الروح والحيوية للتكامل الاقتصادي العربي وقد نجحت هذه المحاولات جزئيا، ومن هذه المحاولات الناجحة إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على الرغم مما تواجهه من عقبات تتمثل في عدم التوصل لاتفاق شامل لقواعد المنشأ. إلا أن ما تحقق يعد نجاحا قياسا بالمحاولات السابقة. ويجري العمل حاليا لتطوير هذه المنطقة بإزالة كل العراقيل والمعيقات أمام حركة التجارة العربية البينية، والوصول إلى اتحاد جمركي عربي وهو ما أقرته قمة الكويت وهذا القرار يعد من أهم ما اتخذته القمة من قرارات اقتصادية. كما تتواصل الجهود لتشجيع حركة الاستثمار البيني العربي. ونأمل أن تتمكن الدول العربية من التغلب على الصعوبات أمام تطوير التكامل الاقتصادي العربي إذ أن ذلك هو الضامن لاستقرار وتعزيز العلاقات بين الدول العربية، وحافز للنمو الاقتصادي والتنمية العربية. من جانب آخر، أقرت قمة الكويت ما يشبه خريطة طريق لتطوير العمل الاقتصادي العربي المشترك من خلال إعلان الكويت وبرنامج العمل، وشملت القرارات مجالات حيوية في التجارة والاستثمار والنقل البري وبالسكك الحديدية. ولا شك أن ما اقر يعبر عن طموحات عالية لكن من المهم مواصلة العمل والتنفيذ الجيد لما تم إقراره ومعالجة أية عقبات أو عراقيل قد تعترض التنفيذ، ولو كان هذا التنفيذ يجري ببطء إذ العبرة بالهدف، وأتذكر عند إقرار البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ما قيل وقتها من التنفيذ سيتم ببطء على مدى عشر سنوات، والآن ولله الحمد تم الانتهاء من هذا البرنامج ويبقى البناء على ما تحقق لتطويره. > ما المقترحات التي يمكن أن تقدموها إلى دفع هذا التكامل إلى مستويات أكبر، لاسيما أن المنطقة العربية تشهد ومنذ عام 2005م سوقا عربية موحدة، ومع ذلك ما زالت المستويات دون ما يأمله المواطن العربي؟

- من أهم الأمور التي ينبغي مراعاتها هو التدرج في التنفيذ، ومراعاة توفر الاستعدادات الفنية لذلك، والالتزام السياسي بتنفيذ ما يتقرر، وهذا يتطلب المراجعة الدقيقة والدراسة المتأنية لما يطرح من مشاريع تكاملية، والتنسيق الداخلي في كل دولة وأخذ الموافقات عليها قبل اتخاذ القرار الجماعي بشأنها، وتفهم مشاكل التنفيذ لدى الدول المشاركة وحاجة بعضها لوقت أطول لكي تتمكن من التنفيذ الكامل لما يتقرر، وتقديم الدعم الفني للدول المحتاجة لذلك، وتفعيل آليات المتابعة.

> في الشأن المحلي، الفترة الماضية شهدت أسعار النفط أحداثا دراميكية أدت إلى انخفاضه خلال فترة وجيزة نحو 70 في المائة، وبالتالي اقترب كثيرا من تقديرات كثير من الاقتصاديين حول معدل احتساب السعودية لأسعار النفط في موازنتها مما قد يؤدي إلى عجز أكبر من المتوقع في ميزانية 2009م، إذا استمر في الهبوط، كيف تستطيع السعودية أن توازن الإنفاق والدخل بما لا يتسبب في عجز أكبر، أو بمعنى هل من الممكن أن تلجأ الحكومة للاقتراض على سبيل المثال أو تغطية الفرق من خلال الاحتياطيات؟

- نحن مستمرون بتنفيذ المشاريع والبرامج المعتمدة في الميزانية، ولدينا القدرة على مواصلة ذلك. والسنة المالية ما زالت في بدايتها ولم نلاحظ أية مؤشرات تثير القلق. وإذا ـ لا سمح الله ـ تغيرت الظروف بشكل سلبي فلدينا المرونة في التعديل والقدرة على ذلك. الشيء الذي نحرص عليه هو الاستمرار ببرنامج الاستثمار وفقا لما أقر بالميزانية. وإذا كان هناك حاجة لاتخاذ إجراءات من شأنها ضمان التنفيذ الكامل لما تم إقراره فنحن مستعدون لذلك.

> في ظل التطرق إلى الموازنة السعودية، كيف هي مؤشراتها في الربع الأول؟

- كما ذكرت في إجابتي على السؤال السابق، ليس لدينا مؤشرات تختلف عما هو مستهدف. والوزارة ـ بحكم اختصاصها ـ تتابع بشكل دقيق ومع الجهات الحكومية المختلفة مؤشرات الإنفاق والإيرادات، ومدى توافقها مع الميزانية المعتمدة، وجميع المؤشرات التي لدينا تبعث على الاطمئنان.

> في سبيل تعزيز الشفافية التي سبق لخادم الحرمين الشريفين أن دعا إليها ويؤكد عليها باستمرار، دائما ما تلجأ السعودية إلى تأجيل نشر بعض المؤشرات عن الاقتصاد السعودي إلى بيانات الميزانية أي في نهاية العام، لماذا لا تعلن بشكل ربع سنوي على سبيل المثال؟

- هناك تطور نوعي وكمي في البيانات والإحصاءات المتعلقة بالاقتصاد السعودي. وتبذل مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وبالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية جهودا كبيرة في سبيل نشر الإحصاءات والمؤشرات. وهناك الكثير من البيانات الاقتصادية التي تنشر بشكل أسبوعي وشهري وربع سنوي، ومنها البيانات النقدية والمالية وإحصاءات التجارة الخارجية وميزان المدفوعات، وتقوم بنشرها مؤسسة النقد العربي السعودي في نشراتها وعلى موقعها على الإنترنت. ويدرك المتابعون مدى التطور النوعي الحاصل، لكن هذا لا يعني أن هناك رضا تاما عما تحقق بل هناك حرص على العمل على التطوير، وبالنظر إلى برنامج التطوير الذي تنفذه مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات فنحن متفائلون، لكن على الجميع العمل للوصول إلى الهدف المنشود بأن نحقق كافة المعايير في النشر والدورية وفقا لقرارات مجلس الوزراء وتمشيا مع التطورات العالمية في هذا المجال.

> عودة لموضوع الأزمة المالية العالمية هل أثرت تلك الأزمة على خطط الحكومة نحو تخصيص بعض القطاعات التي كانت قد أعلنت عنها منذ فترة طويلة؟

- برنامج التخصيص يسير وفقا للبرنامج المقرر، ولا شك أن الأزمة الحالية تفرض نفسها عند بحث مثل هذه الموضوعات لكن ذلك لا يمثل إعاقة للبرنامج، الذي يعتمد تنفيذه على توفر المقومات الفنية. وكمثال على أن هذا البرنامج يسير وفقا للمخطط ما أقره مجلس الوزراء يوم الاثنين 19 ربيع الأول 1430هـ من الترخيص بتأسيس شركة مساهمة سعودية قابضة باسم «شركة المياه والكهرباء القابضة» بهدف الاستثمار في مشاريع إنتاج المياه والكهرباء التي يملكها أو يشارك في ملكيتها صندوق الاستثمارات العامة ـ الذراع الاستثماري للحكومة السعودية ـ وهذا من أبلغ الأدلة على استمرار الحكومة ببرنامجها للتخصيص، وحرصها على نجاحه بتوفير المقومات الفنية والاقتصادية لنجاحه، إذ ليس الهدف فقط نقل الملكية من الحكومة أو الإدارة إلى القطاع الخاص بل الهدف أن ينتج عن ذلك عوائد إضافية مقارنة باستمرار الحكومية في الملكية أو الإدارة أو فيهما معا.

> ماذا عن حصص الحكومة في بعض الشركات التي أعلن أنها ستطرح في اكتتاب عام ومنها على سبيل المثال البنك الأهلي والحصة التي اشتراها صندوق الاستثمارات العامة في مجموعة سامبا المالية ـ البنك السعودي الأميركي سابقا ـ بعد انسحاب سيتي بنك عام 2003م من المجموعة؟

- هذا الموضوع أيضا ينطبق عليه ما ذكرت لك في إجابتي على سؤالك السابق، فالهدف من التخصيص تحسين الخدمة من تطوير المرفق المراد تخصيصه، وهذا يتطلب توفر المقومات الفنية في المرفق نفسه التي تساعد على نجاح تخصيصه، وأيضا على توفر الظروف الاقتصادية التي تعين على تحقيق أهداف التخصيص. إذ قد يكون المرفق جاهزا من الناحية الفنية للتخصيص لكن قد تكون الظروف السائدة قد لا تساعد على النجاح، من هنا تعمل الحكومة ومن خلال المجلس الاقتصادي الأعلى على الدراسة المتأنية والدقيقة لمدى توفر هذه المقومات. إذا أن الفشل في التخصيص سيكون له عواقب سلبية على مسيرة التخصيص نفسها، وهو ما لا نرغبه أو نتمناه.