الصين تسعى لتبوؤ الصدارة في مجال السيارات الكهربائية

مع إنتاج نصف مليون سيارة عام 2011

سيارات شحن في مصنع للسيارات الكهربائية في تيانجين في الصين (نيويورك تايمز)
TT

يتبنى القادة الصينيون خطة تهدف إلى تحويل الدولة إلى واحدة من بين أكبر منتجي المركبات الهجينة والكهربائية خلال ثلاث سنوات، وأن تكون رائدة العالم في السيارات الكهربائية والحافلات بعد ذلك.

الهدف الذي أعلنته الحكومة الصينية يشير إلى أن الشركات الثلاث الكبرى في ديترويت، التي تناضل للبقاء، ستواجه منافسة خارجية كبرى في المجال القادم من تكنولوجيا السيارات أكثر مما تشهده اليوم.

وقال ديفيد تولوسكاس، مدير سياسة الحكومة الصينية في شركة «جنرال موتورز»: «إن الصين مؤهلة بقوة للريادة في هذا المجال».

وتملك الصين، إلى حد ما، إمكانية الاضطلاع بهذا الدور، إذ إنها تأتي في أعقاب الولايات المتحدة واليابان والدول الأخرى في مجال السيارات التي تعمل بالبنزين، لكنها تأمل في القيام بقفزة في التكنولوجيا الحالية.

وتعتبر اليابان اليوم رائدة العالم في صناعة السيارات الهجينة التي تعمل بالكهرباء والبنزين مثل «تويوتا بريوس» و«هوندا إنسايت»، في حين جاءت الولايات المتحدة متأخرة عنها في مجال السيارات البديلة، حيث يتوقع أن تطرح «جنرال موتورز» سيارتها «شيفروليه فولتا» الهجينة للبيع العام القادم، وسوف تجمع تلك السيارات في ميتشغان باستخدام البطاريات القابلة للشحن المستوردة من شركة «إل جي» الكورية الجنوبية. وتنوي الصين، إلى جانب خلق صناعة عالمية توفر الوظائف والصادرات، خفض التلوث في المدن وخفض الاعتماد على النفط، الذي يأتي من الشرق الأوسط، والذي يمر في مسارات بحرية تتحكم فيها البحرية الأميركية.

لكن المركبات الكهربائية قد لا تقدم كثيرا لتنقية سماء الصين المشبعة بالأدخنة أو أن تعوق الانبعاثات الغازية المتزايدة التي ترفع من درجة حرارة الأرض. وتحصل الصين على ثلاثة أرباع حاجتها من الكهرباء عن طريق الفحم الذي ينتج المزيد من السخام وغازات الانحباس الحراري مقارنة بالأنواع الأخرى من الوقود.

ويقدر التقرير الذي أعدته «ماكينزي آند كومباني» الخريف الماضي أن استخدام سيارات مشابهة في الحجم تسير بالكهرباء، بدلا من السيارات التي تسير بالبنزين في الصين، سوف يعمل على خفض الانبعاثات الغازية بنسبة 19%. كما أنها ستخفض نسبة التلوث في المدن عبر تحويل مصدر السخام من مواسير عادم السيارات إلى محطات القوى التي غالبا ما تقع خارج المدن.

وبعيدا عن عملية التصنيع، يقدم دعم بحوالي 8.800 دولار لسائقي التاكسي والهيئات الحكومية المحلية في 13 مدينة صينية لكل سيارات هجينة أو كهربائية يشترونها. وقد أصدرت أوامر لشبكة كهرباء الدولة بإقامة محطات شحن للسيارات في بكين وشنغهاي وتيانجين. ويتزايد دعم أبحاث الحكومة المخصص للسيارات الكهربائية، وهناك هيئة حكومية تخطط ائتمانات ضريبية للمستهلكين الذين يشترون مركبات الطاقة البديلة.

وقال مسؤولون حكوميون ومديرو صناعة السيارات الصينية إن بلادهم ترغب في رفع قدرة إنتاجها السنوي من 2.100 العام الماضي إلى 500.000 سيارة هجين أو كهربائية بنهاية عام 2011. وبالمقارنة تتوقع شركة «سي إس إم وورلدوايد»، وهي شركة استشارات تقدم توقعات مستقبلية لشركات السيارات، أن اليابان وكوريا الجنوبية ستنتجان 1.1 مليون مركبة خفيفة هجينة أو كهربائية بحلول هذا التاريخ، في حين ستصنع أميركا الشمالية 267.000 مركبة.

ولدى وزارة الطاقة الأميركية برنامجها الخاص الذي يتكلف 25 مليار دولار لتطوير السيارات الكهربائية وتطوير تكنولوجيا البطاريات، وسوف تتلقى 2 مليار دولار أخرى لتطوير البطاريات كجزء من برنامج التحفيز الاقتصادي الذي سيسنه الكونغرس.

وقد أكد وين جياوباو، رئيس الوزراء الصيني، على أهمية السيارات الكهربائية منذ عامين مع اختياره غير المبشر لمنصب وزير العلوم والتكنولوجيا، عندما عين وان غانغ، مهندس شركة أودي للسيارات في ألمانيا السابق والمولود في شنغهاي، كبير علماء هيئة أبحاث السيارات الكهربائية التابعة للحكومة الصينية.

ويعد وان أول وزير، خلال ثلاثة عقود على الأقل من خارج الحزب الشيوعي. ولرئيس الوزراء الصيني علاقة خاصة بصناعة السيارات الكهربائية، حيث ولد ونشأ في تيانجين، التي تقع على مسافة 70 ميلا جنوب شرق بكين، التي ظلت عاصمة الصين في صناعة البطاريات.

وقد ازدهرت تيانجين في السنوات الست التي تولى فيها وين رئاسة الوزراء وأصبحت المدينة الأولى في الصين التي تقدم فيها خدمة القطار السريع إلى بكين، وتحوي مصنعا لطائرات الإيرباص ومطار جديدا نظيفا. كما تلقت تيانجين زيادة كبيرة في معونات الأبحاث للشركات مثل شركة «تيانجين ـ كوينغوان» للمركبات الكهربائية. للسيارات الكهربائية العديد من المميزات في الصين، فالقيادة في داخل المدينة قليلة والرحلات اليومية قصيرة إلى حد كبير وتتم بسرعة منخفضة نتيجة للازدحام المروري، لذا فإن السرعات القصوى للسيارات التي تعمل كلية بالكهرباء ـ أحدث الموديلات تسير بسرعة 60 ميلا في الساعة، وفي حدود 120 ميلا بين الشحن ـ أقل من ناحية المشكلات.

ويسجل مشترو السيارات للمرة الأولى أربعة أخماس السوق الصينية، لكن هؤلاء المشترين لم يعتادوا بعد على قوى أكبر وسيارات تسير بالبنزين.

لكن صناعة السيارات الكهربائية تواجه العديد من العقبات هنا أيضا، فغالبية سكان المدن في الصين يعيشون في شقق سكنية وليس بمقدورهم تركيب أجهزة شحن في طرقهم، لذا فإن ذلك يستلزم تركيب العديد من مراكز الشحن. كما تحظى بطاريات الليثيوم أيون القابلة للشحن بسمعة رديئة في الصين. فأحيانا تنفجر البطاريات الليثيوم أيون الموجودة في أجهزة الهاتف الخلوي مسببة إصابات، وكان على «سوني» أن تطلب بطاريات ليثيوم أيون جديدة في حواسبها المحمولة في 2006 و2008 بعد ارتفاع درجة حرارة بعض البطاريات واشتعال النار بها وانفجارها. وقد تزامنت مشكلات الأمان مع بطاريات الليثيوم أيون المصنوعة من الكوبلت التي تستخدم في السيارات الآن.

التحدي الأصعب الآن هو أن بطاريات الليثيوم أيون مرتفعة الثمن، سواء أكانت مصنوعة من الكوبلت أو الفوسفات، الأمر الذي سيشكل مشقة بالنسبة للمستهلكين الصينيين المتزايدين، خاصة مع انخفاض أسعار البنزين مقارنة بارتفاعها الصيف الماضي.

وتعمل الصين على مواجهة ذلك التحدي بالأدوات نفسها التي ساعدتها في تسريع عملية: كميات ضخمة من الطاقة والمال والأفراد. تملك شركة «بي واي دي» 5.000 مهندسا، وعددا مماثلا من مهندسي البطاريات الذين يعيش أغلبهم في مقرات الشركة في شينزان في 15 مبني سكنيا يتكون كل منها من 18 طابقا. ويحصل المهندسون الصغار على أقل من 600 دولار شهريا بما فيها المكافآت.

عندما تطرح شركة «تيانجين كوانغيوان» سيارتها الـ«سيدان» متوسطة الحجم للبيع هذا الصيف، التي تعمل كلية ببطارية من نوع سايباو، سيكون هيكلها من سيارة «سيدان» تباع بـ14.600 دولار مزودا بمحرك بنزين. لكن ستستبدل علبة بطارية ومحرك كهربائي بقيمة 14.000 دولار بدلا من المحرك وخزان الوقود، وذلك بحسب ما قاله وو زينشين، المدير العام للشركة.

ويعني ذلك أن سعر التجزئة سيتضاعف إلى ما يقرب من 30.000 دولار، وحتى إذا ما قدمت الحكومة الإعانات الكبيرة التي تبلغ 8.800 دولار للمشترين، فإن ذلك يعد عبئا ضخما.

وأضاف «وو» أنه يمكن للإنتاج الكبير أن يؤدي إلى خفض تكلفة البطارية والمحرك الكهربائي بحوالي 30 إلى 40 في المائة، غير أنه مع ذلك يترك السيارات الكهربائية مرتفعة السعر مقارنة بالسيارات التي تسير بالبنزين. لكن «وو» لديه كثير من المال لإنفاقه على التطويرات، وقاطع إحدى المقابلات التي أجريت في مقر شركته يوم الخميس للرد على اتصال على هاتفة الجوال، رافضا بأدب طلبا للمتصل. وقال معلقا إن مدير البنك الذي تسيطر عليه الدولة اتصل به لسؤاله عما إذا كان بحاجة إلى قرض.

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»