منتدى الاقتصاد في بيروت: 2,5 تريليون دولار خسائر العرب في الأزمة الحالية

السنيورة يدعو لمواجهة الأزمة بالاستثمار في البنية الأساسية والتعليم > وزير التجارة السعودي: الأزمة أظهرت هشاشة المؤسسات الرقابية

فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان يتحدث مع سعد الحريري رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية وقد ظهر بينهما نادر الذهبي رئيس وزراء الاردن خلال منتدى الاقتصاد العربي الذي يعقد اعماله في بيروت (رويترز)
TT

قال مسؤولون اقتصاديون عرب إن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية كلفت مستثمري المنطقة 2,5 تريليون دولار. جاء ذلك في افتتاح منتدى الاقتصاد العربي في دورته الـ17 في بيروت أمس، وقال عدنان القصار رئيس اتحاد غرف التجارة العربية وفقا لما نقلته عنه وكالة «أسوشييتد برس» إنه بين تأثيرات الأزمة انخفاض بورصات الأسهم في المنطقة بين 20 و60%، وإلغاء مشاريع كبرى وتراجع تحويلات العاملين في الخارج وتراجع أسعار النفط. وتوقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي في المنطقة إلى 2,9% في عام 2009، مقارنة بنسبة 8% في العامين الماضيين. ولم يوضح القصار ماذا كانت خسائر الـ2,5 تريليون دولار تدخل فيها أموال صناديق سيادية.

من جانبه قال رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إن الأزمة أنهت 5 سنوات من النمو السريع في العالم العربي، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وسياسات الإصلاح الاقتصادي. ودعا السنيورة العرب إلى محاربة الأزمة بالاستثمار فيما يحتاجونه، وهو البنية الأساسية والتعليم. وحذر من أن العالم العربي يحتاج إلى توليد 100 مليون فرصة عمل خلال العقدين المقبلين. وأمل السنيورة في أن يكون في مشاركة المملكة العربية السعودية في مؤتمر مجموعة العشرين بداية للمشاركة الفاعلة في موقع القرار في النظام الاقتصادي الدولي.

فيما اعتبر رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي أن تأثير الأزمة العالمية على الاقتصاد الأردني يمكن التعامل معه، أما وزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله بن أحمد زينل علي رضا فأكد أن المملكة مستمرة بدورها التنموي. ورأى الوزير السعودي أن الأزمة أظهرت هشاشة المؤسسات المسؤولة عن مراقبة النظام المالي العالمي والتنبؤ بمشكلاته ووضع الحلول اللازمة لمعالجتها، و«مع الأسف، فقد كشفت هذه الأزمة أيضا أن المنظمات الدولية كانت تراعي مصالح الدول الدائنة دون اكتراث بما يحدث من آثار اجتماعية واقتصادية وإنسانية على الدول المدينة. لقد أظهرت المؤشرات المبدئية عن آثار هذه الأزمة حدوث خسائر فادحة لدى بعض الاقتصادات العربية، وفقدان جزء كبير من الاستثمارات التي كانت مودعة لدى المؤسسات المالية التي أعلنت إفلاسها. ولا شك في أن القلق يساورنا جميعا من استمرار انتشار التداعيات السلبية لهذه الأزمة وزيادتها، والدخول في ركود اقتصادي عالمي طويل المدى، إذا لم تتخذ الاقتصاديات الكبرى الإجراءات الضرورية والصعبة وعدم التساهل مع تلك الجهات التي أسهمت إسهاما بالغا في تفاقم هذه الأزمة».

ولفت إلى أنه بالنسبة إلى العالم العربي فإنه «لا بد لنا في مواجهة هذه الأزمة أن نكون أكثر تعاونا وتنسيقا، مما سوف يساعد على تخفيف الآثار السلبية الناجمة عنها، وذلك من خلال عدد من الإجراءات، يأتي في مقدمتها: زيادة التجارة والاستثمار بين الدول العربية من خلال المبادرة فورا في تفعيل الآليات القائمة، السعي الجاد لتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي اكتملت عام 2005، تذليل ما يعتري التجارة بين دولنا من معوقات وصعوبات، تفعيل المؤسسات المالية العربية والإسلامية من خلال زيادة رؤوس أموال صناديق التمويل وتوسيع أنشطتها وتوفير التقنيات الملائمة التي تتطلبها، وتسهيل الصادرات العربية وزيادتها من مستوى (785) مليار دولار عام 2007م، وتمثل (5,7%) من إجمالي الصادرات العالمية، وزيادة الصادرات بين الدول العربية من مستواها الحالي (65) مليار دولار، والتي منها نحو (31) مليار دولار تمثل (48%) صادرات سعودية».

وأضاف أنه «نظرا لأن الاقتصاد المعرفي أصبح اليوم من أساسيات الاقتصاديات الحديثة، توظف فيها التكنولوجيا الحديثة لخدمة الحركة التجارية في العالم، فإنه يجب على الدول العربية أن تسعى بجد واجتهاد للتحول الحثيث إلى الاقتصاد المعرفي. وأهم من ذلك كله يجب مقاومة اللجوء إلى ثقافة الحماية إلى جانب الاهتمام بالتجارة بين دولنا، ويأتي الاهتمام بالاستثمار والعمل على إيجاد بيئة استثمارية ملائمة في دولنا العربية، وذلك من خلال الاهتمام بعدة أسس، من أهمها: تطوير الأنظمة والتشريعات لتكون أكثر صداقة للمستثمر، تبسيط إجراءات التقاضي والتحكيم، تدعيم الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، واستقطاب المدخرات المحلية لدعم نجاح السياسة الاقتصادية من خلال إصدار وتطوير الأنظمة والقرارات التي تصب في صالح جلب المزيد من الاستثمارات».

وأكد أن الخلافات بين الدول العربية تعتبر أحد الجوانب التي لها تأثير سلبي بالغ على دفع مسيرة العمل التجاري العربي المشترك، وما مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمصالحة العربية التي أطلقها في قمة الكويت الاقتصادية، ثم أتبعها بقمة الرياض التصالحية، ثم توجها بمبادرات المصالحة في قمة الدوحة قبل أيام قصيرة، إلا دليل على إيمانه الصادق بأهمية تنقية الأجواء العربية للوصول إلى التكامل الاقتصادي المشترك. ولمواصلة سياسة المملكة العربية السعودية في خدمة الصالح العربي، والتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية عليها، وباعتبارها الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، فإنها سوف تسعى لدعم تبني خطة للخروج من الأزمة.

وكان السنيورة قد افتتح أمس منتدى الاقتصاد العربي في دورته الـ17 في حضور حشد بلغ نحو 600 مشارك ضم شخصيات رسمية ورجال أعمال ومستثمرين من مختلف البلدان العربية وبعض البلدان الأجنبية، فضلا عن ممثلي المؤسسات التمويلية الإقليمية والدولية ورؤساء الهيئات الاقتصادية والنقابات المهنية وعدد كبير من السفراء العرب والأجانب المعتمدين في لبنان. وحضر جلسة الافتتاح وزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله بن أحمد زينل علي رضا، ومحافظ البنك المركزي الكويتي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، وحاكم مصرف سورية المركزي د. أديب مياله، ورئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة الشيخ صالح كامل. ومن لبنان شارك في جلسة الافتتاح وزير المالية محمد شطح، ووزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، ووزير الصناعة غازي زعيتر، ووزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ، ووزير المهجرين ريمون عودة، ووزير الدولة خالد قباني، وعدد من النواب الحاليين والسابقين.

وأكد المدير العام لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي أن مصلحة لبنان تكمن في ازدهار المنطقة وتطورها، وأشار حاكم مصرف لبنان إلى أن «لبنان استطاع على مدى السنوات القليلة الماضية، ولا سيما خلال العاميين الماضيين، أن يحقق نموا غير مسبوق، وأن ينجح في تحقيق فوائض هامة في ميزان المدفوعات، وأن يحتوي حقيقة وبشكل متميز نسب التضخم التي سادت خلال المرحلة الماضية، وأن ينجح أيضا في خلق فرص عمل جديدة للبنانيين. هذه النجاحات التي تحققت على مدى هذه السنوات الماضية لا بد أننا سوف نبني عليها خلال المرحلة القادمة بما يمكننا من مواجهة تحديات المرحلة القادمة».

وقال رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي «إن ما ينطبق على الأردن يمكن أن ينطبق على دول عديدة في المنطقة. إن الذين لم يخططوا في السابق للمستقبل والذين لم يتوقعوا حدوث أزمات مستقبلية، والذين انفتحوا دون قيود ومراقبة، فإنهم اليوم يدفعون الثمن باهظا. أما الذين خططوا في السابق من خلال إجراءات على أرض الواقع، وقاموا بتحصين اقتصاديات بلادهم، فإن تأثرهم بالأزمة المالية العالمية ربما يكون محدودا أو متوسطا، ولكنه لن يكون بحجم ما حدث في أميركا».