«سوء التنظيم المزمن» أعاق جهود معالجة الأزمة خلال إدارة بوش

خبير: إدارة أوباما دفعت بسياسات ابتكرت في عهد بولسون بإضافة «خطاب شعبي»

وزارة الخزانة اتخذت خطوات مهمة لتحقيق الاستقرار ولكنها لم تنجح في إقناع جمهور متشكك (أ. ف. ب)
TT

أشار مسؤول سابق كان يعمل في الخزانة الأميركية تحت رئاسة هنري بولسون، إلى أن استجابة إدارة بوش للأزمة المالية، قد فقدت فعاليتها بسبب «سوء التنظيم المزمن»، و«إجراءات سياسية تتسم بالعشوائية بصورة كبيرة»، و«في بعض الأحيان علاقات متوترة» بين الخزانة والبيت الأبيض. ومن المقرر أن يقدم التقرير الذي أعده فيليب سواجل، مستشار بولسون البارز في السياسات الاقتصادية، لمعهد «بروكينغز» هذا الصباح. ويمثل هذا التقرير الشهادة العامة الأكثر تفصيلا حتى الوقت الحالي بشأن ما كانت تقوم به الإدارة السابقة للحد من التقدم السريع لأزمة غير متوقعة. وما قام به سواجل من استعادة للأحداث الماضية، كان بدرجة كبيرة دفاعا عن دور وزارة الخزانة في الاستجابة للأزمة. ويقر سواجل، الذي كان يعمل مساعدا سابقا لوزير الخزانة، بأن الوزارة قد عجزت عن الاتصال بصورة واضحة مع الجمهور، ومن ثم عجزت عن كسب الدعم الذي كانت تنشده للبرامج المهمة. ولكنه يقول إن الإخفاق الأكبر الذي كان من جانب الحكومة كان نتيجة للعوائق القانونية والسياسية. وبصيغة أخرى، فإن وزارة الخزانة كانت عليها قيود خلال استجابتها للأزمة، بسبب ضعف قدرتها على استشراف القادم وضعف نفوذها. وكتب سواجل أنه على سبيل المثال فإن وزارة الخزانة نظرت في خيارات، من بينها خطة لشراء الأصول المتعثرة من البنوك، في مارس (آذار) 2008 وقامت بصياغة العشرات من مشاريع القانون على مدار الأشهر القليلة المقبلة. ولكنه يقول إن مسؤولي الخزانة خلصوا إلى أن الكونغرس سوف يرفض هذه الخطة، وإنه ليس من المحتمل أن تحظى بالدعم حتى «يذهب الوزير بولسون والرئيس برنانكي إلى الكونغرس ويقولان إن الأزمة على الأبواب».

ويقول سواجل إن المسؤولين يعرفون أنه «عندما يحدث ذلك، يمكن أن يكون الوقت متأخرا للغاية». ويظهر التقرير أن بولسون وبرنانكي انتظرا وأن الكونغرس قد وافق وأن الوقت كان متأخرا للغاية. ويقدم التقرير، الذي يبدأ من عام 2006، نظرة حول المنحى الذي اتبعته الإدارة السابقة إزاء الأزمة، بما في ذلك الاعتماد الكبير والمتكرر على المصرف الاحتياطي الفيدرالي وعدم التأكيد على تطوير خطة من أجل الحد من عمليات حبس الرهون العقارية. وكتب سواجل أن الإدارة قد كشفت عن رغبة في توزيع أموال الإنقاذ عن طريق الاحتياطي الفيدرالي بمجرد أن بات واضحا أن المشرعين لا يفهمون ماذا كان يحدث، ومن ثم لم يستطيعوا أن يمنعوا شيئا من الحدوث. ووصف الاكتشاف بأنه «صدفة».

ويقول إنه تم تعلم هذا الدرس خلال عملية الإنقاذ التي تمت في مارس (آذار) 2008 لـ«بير ستيرنز»، وهو البنك الاستثماري الذي دفعت به الحكومة إلى جي بي مورغان، بصورة جزئية عن طريق استخدام موارد الاحتياطي الفيدرالي للحد من خسائر «جي بي مورغان». وقد تم وصف تدخل الاحتياطي الفيدرالي بأنه كان بمثابة قرض دون حق الرجوع. وكتب سواجل إن اللغة بدت وكأنها أخفت على السياسيين احتمالية أن تخسر الحكومة مالا. ووصف سواجل لماذا كانت الإدارة مقيدة في جهودها للحد من عمليات حبس الرهون. لم تكن ثمة رغبة في المخاطرة بالمال العام للحد من المزيد من عمليات حبس الرهون لأن هذه الإجراءات يمكن أن تنقذ بعض المقترضين غير المستحقين لذلك، حسب ما كتبه في التقرير. وأضاف أن الإدارة قدرت أن الأميركيين، ونوابهم المنتخبين في الكونغرس، لديهم نفس الشعور بالتردد. وقال إن الكثير من الكلام لصالح منع الحبس العقاري، كان يهدف للتستر على ندرة الخيارات المتاحة. وأقر سواجل بإخفاقين كبيرين: استشراف القادم والقدرة على العمل كرجل مبيعات. وكتب أن بولسون طلب من مسؤولي الخزانة أن يبدأوا الاستعداد لـ«تحد» حتمي للنظام المالي بمجرد أن تولى بولسون منصبه في صيف 2006، على أساس أن الأوقات الجيدة لا تستمر إلى الأبد. ولكن، قال سواجل إن التخطيط لم يصبح ملحا حتى كان الاضطراب الذي وقع في أغسطس (آب) 2007 في سوق الائتمان، وكان ذلك حدثا أوليا اعتبر بصورة عامة أنه بداية الأزمة المالية. وقال إن المسؤولين استهانوا بالمشاكل التي عاني منها قطاع الإسكان، وتجاهلوا تحذيرات وتوقعات مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية. ودافع سواجل عن القرار بترك بنك ليمان براذرز الاستثماري يفلس. وكتب: «بدا الأمر وكأن إدارة ليمان في معركة ستكون نتيجتها مهما كانت الأسوأ بالنسبة لها، ومع ذلك لم تغير الاتجاه». ولكن، عندما رفضت وزارة الخزانة أيضا تغيير الاتجاه، كان المسؤولون مندهشين بسبب الهروب الكبير من الأسواق المالية العالمية. ويقول أيضا إن وزارة الخزانة كان يمكنها أن تبذل المزيد من أجل شرح جهودها، واصفا خطة العمل المبدئية لبرنامج إغاثة الأصول المتعثرة، التي كانت عبارة عن وثيقة من ثلاث صفحات قدمت للكونغرس، بأنها «خطأ في التواصل». وكتب أن عمليات البيع اللاحقة عن طريق التحدث مع المشترين المحتملين كان يجب أن تركز على المواطنين والكونغرس. وقال: «يتبين للتقييم الأمين أن وزارة الخزانة في عامي 2007 و2008 اتخذت خطوات مهمة وصعبة لتحقيق استقرار في النظام المالي ولكنها لم تنجح في شرح هذه الخطوات لجمهور متشكك». ويضيف سواجل أن إدارة أوباما استجابت عن طريق الدفع بالسياسات التي ابتكرت خلال فترة بولسون، ولكنها أضفت عليها «خطابا شعبيا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»