تعليم قطاع خاص

علي المزيد

TT

تحدثت خلال المقالين السابقين عن التعليم وعدم ملاءمة مخرجاته لسوق العمل، واكتشفت أن القطاع الخاص في السعودية لم يستسلم لهذه المخرجات سواء كان المشرف عليها وزارة التربية والتعليم أو وزارة التعليم العالي أو المؤسسة العامة للتعليم الفني، بل أخذ زمام المبادرة بالتعاون مع بعض الوزارات وافتتح مدارسه الخاصة ليسد العجز الحاصل في المؤهلين القادرين على العمل لديه. ولكي لا يكون حديثنا طلقات طائرة في الهواء سنضرب أمثلة، فمثلا تم إنشاء معهد البلاستيك بعد أن أوعزت وزارة البترول والثروة المعدنية للقطاع الخاص بإنشاء هذا المعهد، وقامت شركة شرق المملوكة مناصفة بين سابك والشريك الياباني بإنشاء المعهد على أن تقوم بتمويله وإدارته لمدة خمس سنوات، وبعد أن يقف على رجليه يسلم للمؤسسة العامة للتعليم الفني.

لماذا أنشئ هذا المعهد؟ لأن هناك 1000 مصنع بلاستيك في السعودية، ولأن الأموال المستثمرة في هذه الصناعة بشقيها الأساسية والتحويلية بلغت 150 مليار ريال (40 مليار دولار)، وهذه المصانع قادرة على توظيف 150 ألف مواطن ومواطنة غير الوظائف غير المنظورة والمكملة لهذه الصناعة. الأمر لم يقف عند ذلك، فالهيئة الملكية للجبيل وينبع أنشأت كلية الجبيل الصناعية ومعهد الجبيل التقني، والسبب توفير موظفين قادرين على أداء العمل. الأمر لم يقتصر على القطاع الخاص، فحتى وزارات الدولة صممت برامج تعليمية طويلة المدة بعضها بلغ 18 شهرا لتوفير عمالة تفي بمتطلباتها، فمثلا وزارة الثقافة والإعلام وبالتعاون مع جامعة الملك سعود قامت بتصميم برنامج يؤهل الشباب للعمل كمساعدي مخرجين وتقنيي صوت للعمل لديها، وإضافة لذلك صرفت لهم مكافآت خلال مدة الدراسة تعادل مكافآت طلبة الجامعة، وبعد ذلك أقفل البرنامج بعد أن سد حاجة الوزارة. نحن بحاجة لثورة تعليمية على محتوى المناهج، والقطاع الخاص راغب في البذل، والدليل معهد البلاستيك. فلماذا لا تتضافر الجهود للخروج برؤية تعليمية تخرج طلبة يستطيع القطاع الخاص توظيفهم بدلا من أن يصبحوا رقما إضافيا في البطالة؟ وأنتم جميعا تعرفون أن هناك معهدا مصرفيا محدود الطاقة تابعا لمؤسسة النقد العربي السعودي، فلماذا تتبعثر الجهود؟ ألا يمكن استيعاب مناهج هذه المعاهد في التعليم العام أو جزء منها على الأقل والباقي يترك للتعليم المتخصص مثل التعليم الفني أو الإداري؟.

* كاتب اقتصادي [email protected]