دبي: النيابة العامة تحيل وزيرا سابقا للمحاكمة بتهمة «الاستيلاء على المال العام»

12 متهما أحيلوا للمحكمة الجنائية في قضية فساد شركة ديار العقارية

دبي تواصل حملتها ضد الفساد الذي طال عددا من الشركات الخاصة والعامة في الإمارة (تصوير جاك جبور)
TT

بعد نحو عام من التحقيق في أشهر قضايا الفساد في دبي، أحالت النيابة العامة في الأمارة أمس، 12 متهما، بينهم وزير الدولة للشؤون المالية السابق، إلى محكمة جنايات دبي، في قضية فساد شركة ديار العقارية.

وبعد شهور من الانتظار والترقب لما ستسفر عنه سلسلة التحقيقات في هذه القضية، أصدر المستشار عصام عيسى الحميدان النائب العام لإمارة دبي أمس، أمراً بإحالة المتهمين في قضية ديار إلى محكمة جنايات دبي، وشملت الإحالة كلا من الوزير السابق محمد خلفان خرباش، والرئيس التنفيذي السابق لشركة ديار زاك اس شاهين (أميركي الجنسية) وجون داكونها (هارب – هندي الجنسية)، حيث اتهمت النيابة العامة محمد خلفان خرباش «بالاستيلاء على مال عام والإضرار بمصالح الدولة وتسهيل استيلاء المتهم الثاني (شاهين) على مبالغ عائدة لشركة ديار، وإلى المتهم زاك اس شاهين الاشتراك في الجرائم المشار إليها بالإضافة إلى تلقيه مبالغ على سبيل الرشوة».

وكانت المفاجأة الأبرز في هذه القضية هي إحالة الوزير السابق ورئيس مجلس إدارة شركة ديار (سابقا) محمد خرباش كأحد المتهمين في القضية، بعد أن نفى النائب العام في دبي نفسه، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يكون الوزير السابق ضمن المتهمين في القضية، بعد أنباء تحدثت عن ذلك، كما نفى خرباش أيضا أن يكون قد تم التحقيق معه في هذه القضية.

وكان مصدر مسؤول في حكومة دبي قد أعلن في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن سلطات الإمارة عازمة على الضرب بيد من حديد ضد أي تجاوزات قانونية أو استغلال للمناصب «لتحقيق مكاسب غير مشروعة»، وأن الحديث عن تحقيقات في مثل هذه القضايا أمر لا يزعج السلطات.

وفيما يتعلق بإحالة المتهمين إلى المحاكمة في قضية ديار، قال النائب العام في دبي إنه قد تفرع عن هذه القضية قضيتان أخريان، تم إحالة الأولى إلى محكمة الجنايات حيث اتهمت النيابة العامة الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية عضو مجلس إدارة شركة ديار سابقا سعد محمد شريف عبد الرزاق (إماراتي الجنسية) ورجل الأعمال الإماراتي إسماعيل عقيل الجناحي بتهمة تلقي الأول من الثاني مبالغ مالية على سبيل الرشوة إخلالا بواجبات الوظيفة. وأحيلت القضية الثانية إلى محكمة جنح دبي وشملت وقائعها تهم خيانة الأمانة والاحتيال والتزوير وإفشاء الأسرار للمتهمين زاك اس شاهين (أميركي) ومدير شركة ماستر براند الشرق الأوسط المحدودة جانسيان كرشنا كومار (هندي) ومدير المبيعات السابق في ديار للوساطة شربل بطرس الحصروني (لبناني) وخوسيه ميبار (أرجنتيني) وهشام سعيد خطاب (فلسطيني) وجولدي اوم باركاش (هندي) وحامد شبير بن خواجه (باكستاني) وجون داكونها (هندي) ونفين سانوال بونجابي (هندي).

وكان مسلسل الحرب ضد الفساد في دبي قد انطلق في مارس (آذار) من العام الماضي، بعد اعتقال زاك شاهين الرئيس التنفيذي لشركة ديار العقارية التابعة لبنك دبي الإسلامي للتحقيق معه في قضايا فساد مالي.

وأعقب ذلك اعتقال الجهات المختصة بدبي المدير التنفيذي ورئيس المصرفية الإسلامية في بنك جي بي مورجان عمير موراج،  للاشتباه بتورطه في قضية الرشوة التي تسببت في إثارة كبيرة بالأوساط المصرفية في الإمارات والمنطقة، وتتعلق بعمولات حصل عليها رفعت الإسلام عثماني نائب رئيس بنك دبي الإسلامي السابق مع آخرين مقابل تقديم تسهيلات غير قانونية لـ«سي سي إتش إنترناشيونال». ويقول الحميدان بأن تحويل المتهمين على المحاكمة أتى بعد انتهاء التحقيقات المستفيضة التي باشرتها النيابة العامة، تحت إشراف المكتب الفني للنائب العام وذلك على مدار عدة أشهر «حيث استغرقت أعمال الخبرة الحسابية مدة طويلة بناء على ندب النيابة لها نظرا لتعدد الوقائع وكثرة تعدد المتهمين والتي كشفت عن وقائع فساد مالي عديدة تورط فيها المتهمون بلغت جملة المبالغ فيها عشرات الملايين». وبحسب الحميدان فإن النيابة العامة قد أتاحت للمتهمين جميعاً كافة سبل الدفاع في الأطر التي كفلها القانون، «وجاري العمل على إعلان المتهمين وتحديد جلسات المحاكمة».

وكان محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة الإماراتي السابق للشؤون المالية قد نفى في تصريحات سابقة تورطه في قضايا الفساد المالي في شركة «ديار للتطوير» حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة فيها.

وخرج خرباش من التشكيل الحكومي في فبراير (شباط) من العام الماضي، في أعقاب التغيير الحكومي الذي أجراه رئيس الحكومة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

وتعد قضية الفساد المالي والإداري في ديار العقارية هي الأشهر والأكثر إثارة منذ الإعلان عن كشفها من قبل السلطات المحلية في مارس (آذار) من العام الماضي، قبل أن يتوالى الإعلان عن قضايا فساد أخرى توالى سقوطها كأحجار الدينمو في عدد من الشركات العقارية والاستثمارية الكبرى في الإمارة.

وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، أقال الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وزير دولة في الحكومة الاتحادية، بعد توصية من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس البلاد ورئيس الحكومة، وهي الإقالة الأولى التي يتعرض لها وزير في تاريخ الإمارات. وربطت الاستقالة حينها بقضية رفعت على الوزير السابق بتهمة «خيانة الأمانة»، وهو الأمر الذي عد حينها سابقة في تاريخ الدولة بإقالة وزير بسبب اتهامه في قضية فساد. ودائما ما تؤكد الحكومة المحلية في العاصمة الاقتصادية للإمارات العربية المتحدة، وقوفها بحزم «ضد مختلف مظاهر الفساد والرشوة والكسب غير المشروع في مختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص في الإمارة».