دراسة سعودية توصي بإنشاء وزارة مستقلة تعنى بشؤون «البنية التحتية»

منتدى الرياض الاقتصادي يدعو لإنشاء هيئة عليا وبنك للاستثمار في القطاع

TT

دعت دراسة سعودية حديثة إلى ضرورة إنشاء وزارة للبنية التحتية، ترتبط برئيس مجلس الوزراء، وتعني بتحديث وجمع البيانات الدورية عن أنشطة تخطيط وتطوير وتمويل وتنفيذ وتشغيل وصيانة خدمات البنية التحتية بكفاءة، وذلك بهدف تحديث الخطط المرحلية لخدمات تلك البنية التحتية طويلة الأجل.

وأعد منتدى الرياض الاقتصادي ـ أحد أكبر الفعاليات في السعودية ـ دراسة بعنوان «تكامل البنية التحتية مطلب أساسي للتنمية المستدامة» ضمن سلسلة الدراسات التي يعدها لتشخيص القضايا الاقتصادية، والسعي لإيجاد التوصيات المقترحة، ليتم رفعها إلى المجلس الاقتصادي الأعلى، الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وأكدت الدراسة ضمن توصياتها، على ضرورة إلزام الوزارات والإدارات المختلفة بوضع معايير لخدمات البنية التحتية، تحت رعاية كل جهة مختصة، ووضع خطط طويلة المدى بالتعاون والتنسيق الكامل بين الوزارات والإدارات المعنية، تحدد احتياجات المناطق المختلفة وأولوياتها في السعودية، منها البنية، فضلا عن وضع خطط طويلة المدى لتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في إنشاء وتشغيل وصيانة خدمات البنية التحتية، إلي جانب وضع إستراتيجيات محددة لتطوير تلك البنية في جميع القطاعات الاقتصادية.

وقالت الدراسة، إن تطوير خدمات البنية المستمر يجذب الاستثمارات الأجنبية ورؤوس الأموال والتقنيات الحديثة، ويطور الاقتصاد الوطني، وإن تطوير تلك الخدمات يحتاج إلى تخطيط بعيد المدى، وتوفير تمويل مستمر، فضلا عن ضرورة تحفيز القطاع الخاص للإسهام الإيجابي في تطوير تلك البنية التحتية في المملكة.

وكشفت الدراسة عن تراجع ونقص في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، في قطاعات الكهرباء والغاز والمياه، على الرغم من وجود خطط لإعطاء هذه الخدمات والأنشطة الأولوية في خطة التنمية الثامنة، كوسيلة لتعويض النقص واللحاق بالركب، مبينة أن الاعتمادات المخصصة للخدمات العقارية بلغت 227.3 مليار ريال (60.6 مليار دولار) بما يمثل 21.7 في المائة من إجمالي الاعتمادات والمخصصات المالية.

ولفتت الدراسة إلى الحاجة إلى خدمات وتجهيزات للبنية التحتية بصورة أكبر، حيث بلغت مخصصات قطاع النقل والاتصالات نحو 35.7 مليار ريال، بما يمثل 3.4 في المائة من إجمالي الاعتمادات، الأمر الذي يؤكد الحاجة لزيادة تغطية الاحتياجات المتزايدة لهذا القطاع من قبل القطاع الخاص.

ووصفت الدراسة قطاع التشييد والبناء بأن اعتماداته جاءت ضعيفة حيث بلغت 13.4 مليار ريال، يمثل 1.6 في المائة، مؤكدة أنها لن تكفي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن الأرقام تعكس انحسار الاستثمار في تطوير خدمات البنية التحتية، مشددة على ضرورة الإنفاق بالنسبة الأكبر في استثمارات تطوير تلك البنية، التي توفر للصناعة ما يعادل 18 في المائة من تكاليف الإنتاج، وأن الاستثمار في تشييد وتطوير وصيانة الطرق وحدها يسهم بما يعادل 7 إلى 8 في المائة من الناتج القومي.

لكن الدراسة أكدت أن خطة التنمية الثامنة تعد علامة بارزة على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السعودية، موضحة أنها أول خطة خمسيه تشتمل على إستراتيجية تنمية طويلة الأجل، لها غايات مرسومة وأهداف محددة تسعي إلى بناء أسس للتنمية، وتعالج التحديات الجديدة المتمثلة في تطوير الأيدي العاملة السعودية وزيادة فعاليتها وإنتاجيتها، فضلا عن تحقيق التكامل بين الاقتصاد الوطني للمملكة والاقتصاديات الإقليمية والدولية.

وقالت الدراسة، إنه في حالة عدم قبول توصية إنشاء وزارة للبنية التحتية فيجب تفعيل دور وزارتي التخطيط والنقل، وإنشاء هيئة عليا لتخطيط البنية التحتية، مرتبطة برئيس مجلس الوزراء، مع ضرورة النظر في إنشاء بنك أو صندوق مستقل ومخصص للاستثمار في تلك البنية عن طريق قروض دوارة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في تطوير خدمات البنية التحتية عن طريق الدخل السنوي من منح الامتياز للقطاع الخاص، لتوفير خدمات معينة من خدمات تلك البنية، والتبرع مقابل تسهيل إجراءات تنظيمية وقانونية أو رسوم تصدير، وإصدار السندات العامة والمنح المالية، ووضع حوافز للمطورين مقابل قيامهم بتوفير بعض خدمات البنية التحتية، إلى جانب الاقتراض من البنوك المحلية والدولية ومن برامج التمويل الأوربية للتنمية.

وحددت الدراسة عددا من القطاعات التي يمكن للقطاع الخاص الاستثمار فيها، وأخذ زمام المبادرة لإنشاء خدماتها المطلوبة وصيانتها، وهى قطاعات الاتصالات وخدمات الهاتف، وتشغيل الموانئ البحرية وإدارتها وصيانتها، والمصارف والبنوك، مشددة في هذا الإطار على ضرورة التقليص التدريجي لدور القطاع العام كممول وحيد لتخطيط وتطوير وتشييد خدمات البنية التحتية في قطاعات إنشاء وتشغيل وصيانة الطرق، وصيانة الطاقة الكهربائية ومحطات تحليه مياه البحر ومحطات تنقية مياه الصرف الصحي في المدن الكبرى وفي المجتمعات الحضرية، إلى جانب تمديد وتطوير شبكات خطوط التغذية بالطاقة الكهربائية، وشبكات تغذية مياه الشرب والصرف الصحي.

وواجهت الدراسة عددا من المعوقات لتطوير البنية التحتية في المملكة، تمثلت في غياب التنسيق والتخطيط لتوفير الخدمات، ونقص المعلومات عن احتياجات المناطق المختلفة من خدمات البنية التحتية، إلي جانب قيود والتزامات الإنفاق من ميزانية الدولة، حيث تحد قيود توفير السيولة المطلوبة وقيود الالتزام بتعليمات الإنفاق من معدلات تنفيذ وتطوير خدمات البنية التحتية، خصوصا في حالات نقص دخل الدولة نتيجة انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية، فضلا عن التطور العمراني السريع في المدن الكبرى، وزيادة طلب السكان على خدمات البنية التحتية، وتأخر تنفيذ الخدمات في المناطق المعمرة أدى إلي زيادة الضغط والإلحاح في توفير خدمات البنية التحتية لقطاع كبير من السكان النازحين إلى المدن الكبرى.

وأشارت الدراسة إلى عدد من المعوقات الأخرى، منها الاعتماد الكامل على مصادر الدولة المالية لتمويل البنية التحتية، ومحدودية المشاركة الفعالة للقطاع الخاص في تأسيس وتشغيل خدمات البنية التحتية، وغياب الخبرات المتخصصة لدى القطاع العام، وعدم وجود قاعدة معلومات متكاملة ومحدثة وموحدة وقياسية، فضلا عن تعقيدات الأنظمة والقوانين واللوائح المالية، التي تحد من التمويل، وعدم توافر مرونة في الاستفادة من عوائد توفير الخدمات لتطوير البنية التحتية.