سيتي غروب يحقق أول أرباح ربع سنوية منذ عامين

يدعم شعور تعافي القطاع المصرفي الأميركي بعد مكاسب غولدمان ومورغان تشيس وفارغو

أرباح «سيتي غروب» تدعم خطوات القطاع المصرفي الأميركي نحو التعافي (ا.ب)
TT

أعلنت مجموعة «سيتي غروب» المصرفية الأميركية أمس، عن أرباح قيمتها 1.6 مليار دولار للربع الأول من العام الجاري، مقارنة بخسائر قدرها 5.1 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي، لتعد أولى الأرباح الربعية للمجموعة منذ نحو عامين، لتعطي انطباعا أقوى أن جهود الحكومة الفيدرالية تسير على الخطى الصحيحة لمساعدة البنوك على تحقيق أرباح. وارتفعت العائدات إلى المثلين تقريبا بقيمة 99 في المائة إلى 24.8 مليار دولار. ولكن بعد احتساب أرباح حملة الأسهم الممتازة ستتكبد المجموعة خسائر تصل إلى نحو المليار دولار، ولكنها ما زالت أقل من التوقعات. وقفزت أسهم «سيتي غروب» أكثر من 15 في المائة إلى 4.63 دولار للسهم في تعاملات ما قبل بدء التداول الرسمي، قبل أن تقع في الدائرة السلبية بفقدانها 6 في المائة في تعاملات نيويورك. وبلغ نصيب الأسهم العادية من الخسائر الفصلية 966 مليون دولار أو 18 سنتا للسهم مقارنة مع خسائر بلغت 5.19 مليار دولار أو 1.03 دولار للسهم في الفترة المقابلة من العام الماضي.

وتوقع محللون في استطلاع أجرته «رويترز استميتس» أن تتكبد المجموعة خسائر تبلغ 30 سنتا للسهم في المتوسط، وأن تجمع إيرادات تبلغ 21.73 مليار دولار.

وشملت النتائج تكاليف ائتمانية قدرها 10.3 مليار دولار بارتفاع بلغ 76 في المائة، إذ جاء قسم كبير من تلك الزيادة بسبب بطاقات الائتمان.

وقال إكرام باندت رئيس مجلس إدارة المجموعة «هذه أفضل نتائج ربعية منذ الربع الثاني من عام 2007».

وتسلمت المجموعة بالفعل مرحلتين من خطط الإنقاذ الفيدرالية، في إطار خطط الإنقاذ البنكية وفي إطار مساعيها لتفادي شبح الإفلاس بدعم هائل من الحكومة الأميركية بلغت قيمته حوالي 350 مليار دولار لتنفذ «سيتي غروب» حاليا برنامجا لبيع مجموعة من الأصول ضمن عملية لإعادة الهيكلة.

وجاءت نتائج المجموعة لتعزز اتجاه القطاع المصرفي الأميركي الذي يخطو خطواته الأولى نحو التعافي، حيث أعلنت خلال الأيام القليلة الماضية مجموعة من البنوك الأميركية الكبرى تحقيق نتائج إيجابية خلال الربع الأول من العام الحالي، يبدي عدد منها مؤشرات على استعادته عافيته، ساعد في ذلك حدوث تحسن مؤقت في بعض مناحي الاقتصاد ومسارعة شركات جديدة على انتهاز الفرص التجارية السانحة جراء تعثر منافسيها في أعقاب الأزمة المالية التي ضربت البلاد. وجاء ذلك بعد إعلان كل من «جيه بي مورغان تشيس»، و«غولدمان ساكس»، و«ويلز فارغو»، إعلانهم تحقيق أرباح ضخمة خلال الربع الأول من العام. ساعدت هذه التقارير في دفع موجة ارتفاعات في أسعار الأسهم بدأت منذ ما يزيد على خمسة أسابيع ماضية، عندما ألمح «سيتي غروب» و«بانك أوف أميركا»، أكثر مصرفين تأثرا بالأزمة، إلى أن الفترة الأسوأ ربما تكون قد ولت بالفعل. في الوقت الحاضر، تتمتع المصارف بموجة جديدة من الأرباح، اعتمادا على الجهود الحكومية لدفع الصناعة المصرفية نحو استعادة نشاطها. وكان من شأن الانخفاض الشديد في أسعار الفائدة دفع أعداد غفيرة من المستهلكين للسعي نحو إبرام صفقات بشأن قروض الرهن العقاري. ومن الواضح أيضا أن النشاطات الاستثمارية المصرفية والتجارية بدأت في النهوض من عثرتها بفضل مليارات الدولارات التي جرى إنفاقها لتحفيز أسواق الاعتمادات التي أصابها الجمود. وحتى قبل الكشف عن نتائج الربع الأول من العام، التي جاءت بمثابة اختبار جديد لمتانة المصارف الـ19 الكبرى على مستوى البلاد، عمدت بعض المصارف التي غمرها الزهو بالتحسن الذي حققته في مستوى أدائها إلى محاولة تخليص نفسها من قبضة المساعدات الحكومية التي تلقتها. بيد أن هذه التطورات الإيجابية لا تخلو من جانب سلبي؛ فما زال ملايين المستهلكين عاجزين عن الوفاء بالتزاماتهم المرتبطة بالرهون العقارية والقروض السكنية وبطاقات الاعتماد. وقد بدأت خسائر الشركات المرتبطة بالقروض لتوها في التراكم. علاوة على ذلك، ظهرت نذر توحي بانتقال أزمة العقارات السكنية إلى العقارات التجارية. وتقدمت أول من أمس «جنرال غروث بروبريتيز»، واحدة من كبريات الشركات على مستوى البلاد بمجال إدارة المراكز التجارية، بطلب لإشهار إفلاسها في واحدة من أكبر الانهيارات بهذا المجال على امتداد التاريخ الأميركي. في هذا الصدد، أكد غيرارد كاسيدي، المحلل المصرفي لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «إننا نقف الآن في قلب العاصفة. ولت الفترة الأسوأ بالنسبة للإسكان. أما بالنسبة للعقارات التجارية وعمليات الإقراض التجاري، فلا تزال سحابة سوداء في الطريق». يذكر أن «جيه بي مورغان تشيس» أعلن تحقيقه أرباحا بقيمة 2.1 مليار دولار خلال الربع الأول من العام. وتشير الأرقام المعلنة إلى ارتفاع العائدات لمستوى 25 مليار دولار، متفوقا بذلك على معظم توقعات المحللين، بزيادة تعادل 45 في المائة عن الفترة ذاتها خلال العام الماضي، حيث حقق المصرف 16.9 مليار دولار. وعلى الرغم من ذلك، من الملاحظ أن النتائج تعكس استمرار حالة الفوضى داخل قطاعات مثل خدمات بطاقات الاعتماد والأسهم الخاصة، وهي قطاعات أعلنت تكبدها خسائر أو انخفاضات هائلة في عائداتها، ما يعكس استمرار تداعيات الركود على إنفاق المستهلكين وأسواق الاعتماد. وفي الوقت الراهن، تتخذ الكثير من المصارف استعداداتها لفترة التأزم القادمة، من خلال ادخار مزيد من الأموال حاليا لتغطية الخسائر المستقبلية في القروض. وبالمثل، تعمد جهات الإقراض الإقليمية والمحلية، التي تعد عرضة بصورة خاصة لحالات العجز عن سداد القروض التجارية والعقارية، إلى ادخار عشرات الملايين من الدولارات لزيادة احتياطياتها، بينما تعمل مصارف كبرى مثل «جيه بي مورغان» على ادخار مليارات الدولارات. في هذا السياق، أكد مايكل جيه كافانا، رئيس الشؤون المالية بالمصرف، أن الأوضاع «لم تتحسن على نحو كبير بعد. فحتى تستقر أسعار المنازل ومعدلات البطالة التي بلغت الذروة، سنبقى تحت ضغط جراء الخسائر في ميزانياتنا». وطالما استمرت معدلات الفائدة على مستوياتها المنخفضة، واستمرت الحكومة في عرض الدعم المالي، تأمل المصارف في جني أرباح كافية لمساعدتها على تحمل ضربات بعض من هذه الخسائر التي تلوح نذرها في الأفق. ويبقى التساؤل قائما حول ما إذا كان من الممكن الاحتفاظ بالقدرة على تحقيق أرباح حال تفاقم الركود. من ناحيتهم، يرى بعض الخبراء أن المخاوف من التأميم وعجز المصارف عن الوفاء بالتزاماتها في انحسار. على سبيل المثال، قال تشارلز بيابدي، محلل الخدمات المالية لدى بورتيلز بارتنرز: «ما بدأنا إدراكه الآن أنها قادرة على تحقيق أرباح. أما الجدال القادم فيدور حول قدرتها على الإبقاء على هذه الأرباح». الملاحظ أن الصناعة المصرفية شعرت بارتياح نتيجة إقرار تعديلات بقواعدها الحسابية، التي بإمكانها تضخيم عائداتها. علاوة على ذلك، فإن فترة الإرجاء المؤقتة التي تم فرضها على إجراءات مصادرة المنازل خلال الصيف ستؤدي إلى تأجيل الخسائر الدفترية التي ستتكبدها بعض المصارف فيما يخص مجموعة واسعة من القروض الرديئة. في الوقت ذاته، استفادت المصارف من نتائج مضاربة جيدة ومعدلات فائدة منخفضة على نحو غير عادي، التي كان من شأنها تعزيز قيمة استثماراتها المرتبطة بالرهن العقاري. وربما تساعد نتائج اختبارات الضغوط الرسمية، المتوقع الإعلان عنها في 4 مايو (أيار)، المستثمرين على تنظيم حفنة من المصارف التي باستطاعتها تحقيق عائدات كافية لامتصاص الخسائر المحتملة حال تردي الأوضاع الاقتصادية. وربما تحمل نتائج اختبارات الضغوط تشابها ضئيلا مع نتائج الربع الأول للمصارف، بالنظر إلى أنها تقوم على توجه إزاء أوضاع المصارف يتطلع باتجاه المستقبل، تحديدا على امتداد العامين القادمين. في المقابل، فإن تقارير العائدات ربع السنوية تتطلع بطبيعتها باتجاه فترة ماضية. من ناحيتهم، أشار خبراء معنيون باختبارات الضغوط إلى أنهم يتوقعون أن تكشف النتائج عن حاجة بعض المصارف إلى جمع رؤوس أموال جديدة. إلا أن مسؤولا بارزا بالإدارة الأميركية أكد على أن هذه المصارف لن تكون في حاجة بالضرورة إلى مساعدات مالية حكومية جديدة. وإلى جانب الحصول على أموال من قبل مستثمري القطاع الخاص، باستطاعة هذه المصارف خلق مصدر ضخم لرأسمال عبر تحويل الأسهم المفضلة التي تسيطر عليها الحكومة حاليا إلى أسهم عادية، مثلما تنوي «سيتي غروب». ومن المحتمل أن تعتمد وزارة الخزانة على مصارف فردية في إعلان نتائجها، وقال المسؤولون إنهم يتوقعون أن تعلن المصارف التي بحاجة لمزيد من رؤوس الأموال على الفور خططا لجمع المال اللازم. ولكن حتى قبل الكشف عن نتائج اختبارات الضغط، يبدو أن المستثمرين مقتنعون بأن المصارف ستتمكن من البقاء. جدير بالذكر في هذا الصدد أن قيمة أسهم «غولدمان ساشز» بلغت نحو 121 دولارا، بينما تجري المضاربة في أسهم «سيتي غروب»، التي تراجعت لأدنى من مستوى دولار واحد في مارس (آذار)، عند مستوى يزيد قليلا عن 4 دولارات، أما أسهم «بانك أوف أميركا» فقد قفزت مجددا إلى ما يزيد على 10 دولارات. يوم الثلاثاء، جمع «غولدمان ساكس» ما يزيد على 5 مليارات دولار في صورة رؤوس أموال جديدة على أمل سداد الاستثمارات الحكومية. من ناحية أخرى، شدد جامي ديمون، رئيس «جيه بي مورغان»، أمس، على أن شركته ستسدد 25 مليار دولار في أسرع وقت يسمح به المشرعون. وقال، في إشارة إلى أموال دافعي الضرائب التي تلقاها المصرف في أكتوبر (تشرين الأول): «لقد بات الأمر أشبه بوصمة عار. بوسعنا سداد هذه الأموال غدا، فنحن نملك هذا المال». وأضاف ديمون أن مصرفه لم يخطط للمشاركة كجهة شراء أو بيع في برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص التابع لوزارة الخزانة من أجل التخلص من الاستثمارات الخاسرة من سجلات المصارف. وقال ديمون: «قطعا لن نقترض أموالا من الحكومة الفيدرالية، لأننا تلقنا درسا في هذا الشأن».