أزمة الأزمة

علي المزيد

TT

هل نحن نمر بأزمة؟ نعم نحن نمر بأزمة خانقة، والعالم يمر بهذه الأزمة، ونحن جزء منه. ومثل هذا السؤال يبدو سخيفا. إذاً دعونا نعيد صياغة السؤال؟ هل هذه أول أزمة تمر على الاقتصاد السعودي؟ كلا، فهناك العديد من الأزمات التي مرت على الاقتصاد المحلي السعودي والعربي ولعل الأزمة القوية مرت منذ 43 عاما وهبطت أسعار العقارات فيها بقوة وكانت وقتها المؤشر الوحيد على قوة الاقتصاد من عدمه، لعدم وجود أسهم في ذلك الوقت إلا من عدد محدود من الشركات وعلى رأسها شركات الكهرباء والأسمنت وبعض أسهم البنوك وأسهمها تتداول بيد قلة قليلة من التجار. هذه هي الأزمة الأولى ومرت بسلام، لأن الأضرار انحصرت في فئة قليلة من التجار وتشاءم معظم الناس من العقار. كما أن البنية التحتية في البلد كانت مقتصرة على عدد محدود من الطرق والمطارات والمرافق البسيطة في السعودية، كما أن عدد الموظفين قليل، لذلك لم تحس بها الحكومة لمحدودية التزاماتها. والأزمة الثانية كانت عام 1985 ميلادية وكانت أزمة قوية وخانقة، وقد بدأت بوادر الأزمة منذ عام 1983 وفاقم من الأزمة تراجع أسعار النفط إلى ما دون تسعة دولارات وتراجع الطلب عليه مما أجبر السعودية على خفض الإنتاج. وقد توسعت السعودية في البنى التحتية وفي أعداد الموظفين مما أجبر الدولة على ترشيد الاستهلاك والاستدانة للوفاء بالتزاماتها، حتى تجاوزت المديونية 600 مليار دولار وهو من الداخل مما قلل القدرة على التوسع في إقراض القطاع الخاص بمعنى أن الأزمة كانت أقوى من الأزمة الحالية وهو ما أجبر مؤشر السوق السعودية على التراجع لما دون الألف نقطة. ومن المعروف أن الوزن الافتراضي لمؤشر السوق السعودية هو ألف نقطة أي بمعنى أن السوق خسرت لما دون مستويات التأسيس وهذا يؤكد عمق الأزمة في ذلك الوقت وأنتم تعرفون ـ قرائي الكرام ـ أن الدولة السعودية هي المنفق الأكبر في السوق السعودية، وترشيد الإنفاق والاستدانة يقللان من فرص الإنفاق. ورغم هذه الأزمة الكبرى فقد نجحت السعودية في تجاوز الأزمة. واليوم نحن نمر بأزمة عالمية ومحلية ولكنها ليست بأسوأ من السابقة للأسباب التالية:

أن لدى الدولة فائض سابق، وأسعار النفط منطقية وأعلى من المقدر والدولة لم تضطر للاستدانة حتى الآن ولا تزال تنفق. كما أن القطاع الخاص أصبح قويا وأصبح يوظف ويربح مما خفف أعباء الحكومة. وأظن أن أزمة الأزمات حينما نهون من الأزمة كما هو حال البعض أو نبالغ في عمق الأزمة، ولكن حينما نضعها في مكانها الصحيح فنحن قادرون على التعامل معها وتخطيها.

* كاتب اقتصادي