بريطانيا: ميزانية جديدة لتنشيط الاقتصاد بنسبة اقتراض قياسية

زيادة الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة

وزير الخزانة البريطاني اليستير دارلينغ في طريقه إلى مجلس العموم لعرضه الميزانية الجديدة (رويترز)
TT

كشف وزير الخزانة البريطاني اليستاير دارلينغ النقاب أمس عن ميزانية بلاده لعام 2009/2010، هادفة إلى إنعاش الاقتصاد المتعافي، متوقعا فيها عودة الاقتصاد إلى النمو مرة أخرى بحلول نهاية العام الجاري بإدخال حزم علاجية لإيجاد وظائف، ودعم قطاع الإسكان والنهوض بقطاع السيارات وحماية البيئة.

وعرض دارلينغ الصورة القاتمة التي توقعها خبراء اقتصاديون، موضحا أن الاقتراض الحكومي قد يسجل 175 مليار جنيه إسترليني (258.9 مليار دولار) هذا العام، بينما قد ينكمش الاقتصاد إلى أسوا ما رأته البلاد منذ عام 1945، بنسبة 3.5 في المائة قبل أن يشهد أي تحسن بنسبة نمو 1.2 في المائة، لترتفع إلى 3.5 في المائة في 2011. وأعلن الوزير البريطاني عن زيادة على ضريبة دخل الأفراد وصل إلى 50 في المائة من قيمة الدخل، للذين تتعدى رواتبهم 150 ألف إسترليني بداية من أبريل (نيسان) المقبل، مرتفعا بنسبة 5 في المائة من 45 في المائة.

وأكد دارلينغ أمام مجلس العموم بأن بريطانيا تواجه أسوأ أزمة مالية عالمية، لكنه أوضح أن «ميزانية اليوم ستساعد المواطنين على تجاوز هذا الانكماش العالمي، وعلى البلاد انتهاز الفرص التي تتوفر في المستقبل».

وتضمنت الميزانية العديد من الإجراءات لتنشيط الاقتصاد، عرض من خلالها برنامجا لاستبدال السيارات التي يزيد عمرها عن 10 سنوات بسيارات جديدة، تنص على حصول المشتري على ألفي إسترليني مقابل تحويل القديمة إلى خردة، بهدف دعم قطاع السيارات الجديدة والحد من الانبعاثات البيئية.

وبقيت التوقعات على ألا يزيد التضخم عن معدل اثنين في المائة. وذكرت الميزانية الجديدة مقاييس أخرى أساسية في حياة المستهلك اليومية، بزيادة بنسين على كل لتر بنزين من سبتمبر (أيلول) المقبل (سعر اللتر نحو 0.95 إسترليني)، ثم بنس واحد فوق معدل التضخم، بداية أبريل (نيسان) من كل عام لأربع سنوات مقبلة، إضافة إلى زيادة الرسوم اثنين في المائة على التبغ والمشروبات.

وتوقع دارلينغ أن هذه الزيادات قد توفر موارد إضافية بقيمة 6 مليارات إسترليني بحلول 2012، مما سيدعم دخل المعاشات بشكل كبير.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» راي باريل من المعهد البريطاني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (نايزر)، أن الميزانية فقدت عنصرين مهمين لم تشِر إليهما بوضوح، وهما أن البريطانيين سيضطرون إلى دفع 5 مليارات إسترليني من خلال زيادة الضرائب خلال العام الجاري والمقبل. وأضاف باريل أن أسلوب إضافة ضرائب لإعادة التوازن للميزانية المستخدم حاليا، ليس أفضل الأساليب التي قد تستخدم لإيجاد حلول، وقال: «الميزانية ظهرت في شكل جيد إلى حد كبير، وحزب العمال يعمل بشكل جيد خلال الكساد الحالي، مقارنة بالعقد الماضي والذي سبقه». وأضاف: «يظهر ذلك من خلال معدلات البطالة التي لم تشهد انفجارا كبيرا. الأرقام تبدو كبيرة، ولكن الخطر ليس مثلما سبق». وجاءت تعليقات دافيد كاميرون رئيس حزب المحافظين المعارض للحزب الحاكم الحالي مليئة بالغضب، موضحا أن دارلينغ لم يتخذ الإجراءات الكافية ليضع الإنفاق تحت السيطرة، وقال: «بريطانيا لا تحتمل خمس سنوات أخرى من حزب العمال».

وستكون هناك مساعدات لإعادة العاطلين عن العمل بسرعة، ودعم المشروعات وأصحاب المنازل المتعثرين من خلال تقديم وظيفة أو فرصة تدريبية لكل شخص يبلغ 25 عاما من العمر دون عمل لأكثر من 12 شهرا أو أكثر، بالإضافة إلى توفير الحكومة لأكثر من 250 ألف فرصة عمل في أنحاء متفرقة من البلاد.

وأظهرت بيانات أمس أن عدد البريطانيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة بطالة زاد بشكل أقل من المتوقع في مارس (آذار)، رغم أن إجمالي عدد العاطلين عن العمل ارتفع في حين بلغ الاقتراض الحكومي مستوى قياسيا جديدا.

وأوضحت بيانات رسمية أصدرها مكتب الإحصاءات الوطنية أن عدد الذي طلبوا الحصول على إعانات بطالة زاد 73700 عاطل في مارس (آذار)، وهو ما يقل كثيرا عن التوقعات بزيادة قدرها 120 ألف عاطل.

إلا أن المقياس الأوسع للبطالة الذي يشمل العاطلين عن العمل ممن لم يطلبوا الحصول على إعانات بطالة زاد 177 ألف عاطل في ثلاثة شهور حتى فبراير (شباط)، في أكبر قفزة منذ عام 1991. وأدى هذا إلى ارتفاع إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى أعلى مستوى منذ أوائل عام 1997.

وبلغ حجم الاقتراض الحكومي في السنة الضريبية 2008 ـ 2009 إجمالي 89 ألف مليار جنيه إسترليني، وهو ما يزيد كثيرا عن توقعات الحكومة بإجمالي قدره 77.6 مليار جنيه حسبما جاء في تقرير ما قبل الموازنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والأعلى منذ بدء تسجيل البيانات في سنة 1946 ـ 1947.

وأضاف دارلينغ أنه تم تمديد فترة العفو عن تمغة البيع على المنازل التي يتم شراؤها بمبلغ 175 ألف إسترليني لمدة عام آخر، لشد أزر قطاع الإسكان كجزء من حزمة قيمتها مليار إسترليني لقطاع الإسكان.

ويسعى وزير الخزانة بجوار رئيس الوزراء البريطاني لإصلاح الاقتصاد بحسب وعود الميزانية، قبل منتصف العام المقبل وقبل الفترة الانتخابية الجديدة لرئاسة الوزراء.