إدارة أوباما تضع التفاصيل النهائية لخطة إفلاس «كرايسلر»

الدائنون يرفضون استبدال مستحقاتهم بحصة في الشركة

عمال يخرجون من احد مصانع شركة «كرايسلر» (أ. ف. ب)
TT

يتسابق فريق العمل المسؤول عن قطاع السيارات بإدارة أوباما من أجل إنهاء خطة لإشهار إفلاس شركة «كرايسلر» بحلول يوم الاثنين، بعد أن أبدى دائنو شركة السيارات ترددا في إتمام صفقة للإبقاء على الشركة بعيدا عن المحكمة. ويتكون دائنو الشركة من 45 بنكا، وصندوق تحوط، ومؤسسة مالية. وتدين شركة السيارات الأميركية البارزة بـ6.9 مليار دولار للدائنين، الذين رفضوا مطالب الحكومة بأن يبادلوا معظم مستحقات القروض الخاصة بهم بحصة صغيرة في الشركة.

وسوف تبدأ إدارة أوباما في إجراءات إشهار الإفلاس الخاصة بشركة «كرايسلر»، إذا فشلت الشركة ومقرضوها في الوصول إلى اتفاق بحلول الأول من مايو (آيار)، على الرغم من أنها سوف تفضل تسوية الأمر خارج المحكمة، حسب ما أفادت به المصادر. ويشير أحد المصادر إلى أنه حتى الآن ما زال هناك بون شاسع بين ما تريده وزارة الخزانة، وما يريده الدائنون. وأضاف المصدر أنه يجب أن تحدث «معجزة» لكي يصل الطرفان إلى تفاهم بحلول الموعد النهائي. وقد تحدثت المصادر، شريطة عدم ذكر أسمائها بسبب حساسية المحادثات. ونتيجة لذلك، فإنه بنهاية الأسبوع المقبل، قد تدخل شركة السيارات، التي أسسها والتر كرايسلر في عام 1925، عملية تصفية، أو يتم إنقاذها من خلال صفقة معقدة تحصل فيها على مساعدات من أموال دافعي الضرائب، وتكون هناك تنازلات من جانب اتحاد السيارات ودائني الشركة، وتجري عملية دمج جزئي للشركة مع شركة «فيات» الإيطالية. وتزداد حدة القلق من جانب موظفي الشركة البالغ عددهم 54 ألف موظف، والآلاف من الموردين في مختلف أنحاء البلاد. ويقول غريغ غودنايت، عمدة كوكومو بولاية إنديانا، ويوجد بها أربعة مصانع تابعة للشركة يعمل في كل منها 5000 موظف، مقارنة بـ7000 في أيام ازدهار أعمال «كرايسلر»: «السيناريو الأسوأ هو ماذا لو قدمت «كرايسلر» طلبا لإشهار الإفلاس؟. إنها تضمن الكثير من الوظائف هنا».

ومن المتوقع أن يتفاوض فريق العمل المسؤول عن قطاع السيارات مع حملة الحصص داخل الشركة حتى نهاية الأسبوع الجاري، بغية التوصل إلى إطار مالي جديد يسمح لشركة «كرايسلر» بالاستمرار من خلال عملية استحواذ «فيات» المقترحة. ولكن، في نفس الوقت يستعد فريق العمل لإجراءات طلب إشهار الإفلاس التي يمكن أن تصبح حتمية، إذا ما فشلت المفاوضات. وإذا ما أصبح طلب إشهار الإفلاس أمرا لا مفر منه، فإن الفريق الحكومي يميل ناحية تسوية «مجهزة»، وهي عبارة عن استمارة تتطلب موافقة من جانب حملة الحصص قبل إجراءات المحكمة. ومن المفترض أن تحد هذه الاستراتيجية من الوقت الذي تبقى الشركة فيه في حالة إفلاس. وفي المحكمة، يمكن للقاضي أن يجبر حملة الحصص المترددين على تحمل خسائر. ولم تتضح بعد كمية الأموال التي تستعد الحكومة لإقراضها إلى «كرايسلر» خلال عملية إشهار الإفلاس أو خارجها، وما زال الأمر قيد المراجعة من جانب الإدارة، حسب ما قاله أحد المصادر. وتفضل الإدارة الإبقاء على «كرايسلر» بعيدة عن إشهار الإفلاس، إذا ما تمكنت من الحصول على موافقات من الاتحاد والمقرضين وشركة «فيات» تساعد على جعل الشركة قادرة على البقاء في السوق. وتعمل الإدارة في اتجاه مواز مع «جنرال موتورز»، حيث سلمت الحكومة أمس بتسليم 2 مليار دولار طلبتها الشركة العملاقة المصنعة للسيارات، لتجنب الحاجة إلى طلب إشهار إفلاس عن طريق التخلص من طرازات، مثل «بونتياك» وإغلاق بعض المصانع.

وفيما يتعلق بالمحادثات الخاصة بـ«كرايسلر»، توجد قضية هامة لم تنته بعد، وتتضمن 10 مليار دولار اقترضتها «كرايسلر» من صندوق الصحة الخاصة بالمتقاعدين التابع لاتحاد السيارات. وحسب مقترحات عدة، من المحتمل أن يقوم الاتحاد بتقليص مطالبه الخاصة بالمال في مقابل حصة أسهم. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق مبدئي، ولكن تقول بعض المصادر إنه تم التوصل إلى إطار فضفاض. ولا يوجد أيضا اتفاق لحماية معاشات الاتحاد. يذكر أنه في الليلة الماضية، توصلت «كرايسلر» إلى اتفاق مؤقت مع اتحاد عمال شركات السيارات الكندي بخصوص عقد جديد سوف يقلل من تكاليف العمال. ولكن، تعد المفاوضات مع المقرضين المصدر الرئيسي للشكوك بالنسبة لفريق «كرايسلر». وتأتي في مقدمة مجموعة الدائنين «جا بي مورغان تشيس»، و«سيتي غروب»، و«غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي»، التي تسيطر على معظم الدين. ولكن مما يعقّد من هذه المهمة حقيقة، أن الكثير من الشركات الأخرى، ومن بينها صناديق تحوط، لها جزء في دين «كرايسلر». ولذا، فهي تلعب دورا في الموضوع. وتقول المصادر إن بعضا من صناديق التحوط ـ على وجه الخصوص ـ مترددة في تقديم تنازلات. والتساؤل الهام الذي يسيطر على محادثات المقرضين هو: ما هي القيمة بالتحديد للقروض التي تبلغ 6.9 مليار دولار؟. وكما أشارت الإدارة وأعضاء في الكونغرس، فإن هذه القروض ستتم مبادلتها بمعدل حوالي 15 سنتا للدولار. وقد عرضت الحكومة حوالي 22 سنتا للدولار، بالإضافة إلى حصة أسهم نسبتها 5 في المائة. ولكن في يوم الجمعة رد الدائنون بعرض 54 سنتا للدولار، كما أنهم يريدون حصة أكبر قيمتها 40 في المائة. ويقول الدائنون إنه إذا ما دخلت الشركة في إجراءات تصفية، فيمكنهم استرداد ما يصل إلى 30 - 50 سنتا للدولار. ويقول غراي بيتر، النائب الديمقراطي عن ولاية ميتشغان «كان عرض اليوم بعيدا عن المعقولية، فمع هذا العرض الجديد يطلب أصحاب ديون «كرايسلر» ما هو أكبر بدرجة كبيرة عن القيمة السوقية لما يحوزونه». وأضاف في بيان له أنه «يأمل أن يوافق الدائنون على صفقة عادلة، حتى تتمكن «كرايسلر» من تجنب إشهار الإفلاس، وتتم حماية مئات الآلاف من العائلات». ومع انتشار الأخبار عن أن الشركة سوف تطلب إشهار إفلاسها، قال رون بلوم، مستشار الفريق المسؤول عن قطاع السيارات التابع لإدارة أوباما، لحملة حصص «كرايسلر»: «إن الحكومة تعمل على اتفاقية لتجنب هذه النهاية». وخلال اجتماع مع متقاعدي شركة «كرايسلر» أمس، واجتماع آخر مع وكلاء الشركة ليلة الخميس، نفى بلوم الشائعات التي تقول إن إشهار الإفلاس أمر مؤكد. ويمكن لعملية إشهار الإفلاس أن تنهي معاشات «كرايسلر»، وتقسم إلى مدفوعات تقاعد لعشرات الآلاف من المتقاعدين.

ويقول تشوك أوستين، رئيس متقاعدي «كرايسلر» من غير النقابيين «إن بلوم قال إنه يفهم الكلفة الإنسانية لدخول شركة في عملية إشهار إفلاس». «يقولون إنهم يحاولون تجنب إشهار الإفلاس ويقول إن الهدف الرئيسي هو الوصول إلى تسوية، دون الذهاب إلى المحكمة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ («الشرق الأوسط»)