عقاريون يرون عودة الرواج لقطاع العقارات المصري منذ بداية الشهر الجاري

تذبذب أسعار مواد البناء يخفض أرباح شركات العقارات > حجم استثمار المقاولات ينمو إلى 7 مليارات دولار بنهاية 2015

السوق المصرية تشهد حالة من النضج من خلال تفعيل أنظمة التمويل العقاري إلى جانب شركات متخصصة في التسويق («الشرق الأوسط»)
TT

توقع خبراء عقاريون أن تعاود سوق العقار المصرية رواجها مرة أخري بداية من الشهر الجاري بشكل أقرب إلى ما كانت عليه السوق خلال عام 2007. وأكدوا أن السوق العقارية المصرية شهدت ركودا كبيرا بداية من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي مشيرين إلى أن هذا الركود السابق لم يصاحبه تراجع في الأسعار ولكنه أدى إلى تعامل الشركات مع هذا الركود من خلال عرضهم لمنتجات جديدة لم تكن موجودة في السوق من قبل، وأشاروا إلى أن الشركات العقارية الكبرى استطاعت أن تصمد أمام الأزمة التي مرت بها السوق المصرية كون تلك الشركات تنظر إلى الاستثمار العقاري كاستثمار طويل الأجل وليس قصير الأجل. جاء ذلك خلال المؤتمر الذي عقد أمس على هامش المعرض العقاري السنوي التي تنظمه مؤسسة «نيكست موف» وحضرة كل من حسين صبور رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للتنمية العقارية ومحمد عبد الله رئيس مجلس إدارة شركة غولدويل بنكر للتسويق العقاري وهالة بسيوني المدير التنفيذي بشركة المصرية للتمويل العقاري. وأكد الخبراء أن الأزمة التي مرت بها السوق العقارية خلال الأشهر الخمسة الماضية كانت بمثابة دورة تعليمية للمطورين لكي يتعلموا كيف يتعاملون مع الأزمات والمخاطر التي قد يتعرض لها النشاط العقاري مما يساعدهم على تغيير ثقافتهم الاستثمارية من خلال تنويع منتجاتهم وهو ما لم يلجأ إليه الكثير من المطورين خلال الفترة الماضية مما أدى إلى تراجع في أدائهم خلال فترة الركود، وأشاروا إلى أن المطور يجب أن ينوع في منتجاته ما بين الإسكان الفاخر والمتوسط والاقتصادي بالإضافة إلى التنوع في شكل الاستثمار العقاري نفسه ما بين السكني والسياحي والصناعي والإداري.

وأضاف الخبراء أن المطورين العقاريين في مصر يجب أن يسعوا إلى خلق سوق عقارية صحية ومستديمة مما يتطلب وجود أمانة في تحديد مستويات الربحية التي يجب ألا تتعدي 25 في المائة، موضحين أنه إذا وصل هامش الربحية إلى هذا المستوى فسيؤدي إلى رواج كبير في سوق العقارات بالإضافة إلى أنه سيعمل على خلق معدل أسرع لدوران رأسمال تلك الشركات ومن الممكن أن تحقق تلك الشركات عائد أعلى رأسمالها بنسب تتجاوز 60 في المائة سنويا. وطالب الخبراء بوجود قاعدة معلومات دقيقة عن احتياجات السوق المصرية من قطاع العقارات وأشاروا إلى أنه مع وجود هذا النوع من الأبحاث المتخصصة ستساعد المطورين على تقديم احتياجات الجمهور المصري من العقارات وذلك بعيدا عن اللجوء إلى دراسات خاصة بالفئة العمرية وغيرها، مؤكدين أن أزمة الإسكان في مصر والخاصة باستمرار اتساع الفجوة بين العرض والطلب ستستمر من 40 إلى 50 عاما. وأشار الخبراء إلى أن السوق المصرية بدأت تشهد حالة من النضج من خلال تفعيل أنظمة جديدة مثل التمويل العقاري إلى جانب وجود شركات متخصصة في التسويق العقاري وكل هذا من شأنه أن يعمل على تدعيم سوق العقارات المصرية وحماية المشترين. أكد تقرير اقتصادي صادر عن مؤسسة ألمانية متخصصة في مجال الإنشاءات، أن الاستثمار في قطاع المقاولات بمصر قد يصل إلى 7.3 مليار دولار بحلول عام 2015.

وتوقع التقرير الصادر عن مؤسسة دوميتيكس أن ينمو قطاع المقاولات في مصر بنسبة 3.9 في المائة سنويا، مشيرا إلى أن حجم المقاولات في أعمال البنى التحتية قد يحقق نموا سنويا بنسبة 4 في المائة ليصل بحلول عام 2015 إلى 6.7 مليار جنيه مقابل 4.6 مليار جنيه خلال عام 2005.

وأشار التقرير إلى أن النمو في أعمال المقاولات من شأنه أن يعزز ويحفز الطلب على منتجات متعلقة بأعمال البناء مثل الأسمنت والحديد إلى جانب تعزيز الطلب على سيراميك الأرضيات والسجاد مما سيعزز من ربحية الشركات المصرية التي تعمل في هذا المجال.

وذكر التقرير أن نشاط قطاع المقاولات بدأ يستعيد عافيته في السوق بعد عام 2006، بعد أن صادف فترة ركود نتيجة زيادة أسعار مواد البناء وقانون المناقصات الذي كان يمنع صرف فروق الأسعار، وبعد تعديل هذا القانون، بدأت الروح تدب في القطاع مما شجع المقاولين على البدء في مشروعات جديدة. وأشار التقرير إلى أن قطاع المقاولات في مصر لا يعتمد فقط على المشروعات السكنية، لأنها تشكل جزءا صغيرا، لكن القطاع يقوم بدور أساسي في إقامة المصانع والمشروعات السياحية والمباني الخدمية ومد الطرق وعمل الكباري والأنفاق والجسور والمطارات والمواني. ويعود النمو في قطاع المقاولات بمصر بشكل أساسي إلى قطاعات محدودة مثل المنشآت الفندقية والسياحية، وأعمال إقامة شبكات الصرف الصحي. وتشير الدراسات البحثية إلى إمكانية تصاعد معدلات النمو في قطاع المقاولات لو تم القضاء على المعوقات التي تواجهه مثل تعنت البنوك في منح قروض للمشروعات الإنشائية أو خطابات الضمان المكلفة فيما يتعلق بالمشروعات الإنشائية التي تقوم بها الشركات خارج مصر. فيما أشارت أبحاث شركة «سي أي كابيتال» المصرية إلى أن وجود بعض العوائق التي قد تبطئ من نمو قطاع المقاولات والعقارات في مصر، من أهمها هو عدم استقرار أسعار الحديد والصلب والأسمنت، إلى جانب الزيادة المتوقعة في أسعار الحديد نتيجة ارتفاع أسعار البيليت والخردة عالميا وهما من المواد الأولية في صناعة حديد التسليح. وعلى صعيد متصل، تتنافس خمسة تكتلات تضم شركات محلية وعربية وعالمية على أعمال البنى التحتية التي طرحتها وزارة الإسكان في ضاحية القاهرة الجديدة (شمال القاهرة)، وستتم تلك الأعمال على عدة مراحل، المرحلة الأولى تشمل تطوير 250 ألف متر مربع سيتم الإعلان عن الفائز بتطويرها خلال شهر مايو (أيار) المقبل. وشهدت السوق المصرية منذ بداية العام تذبذبا كبيرا في أسعار مواد البناء، خاصة الأسمنت والحديد الصلب وهما المؤثران بشكل كبير في تحديد أسعار الوحدات السكنية في مصر.

ومنذ بداية العام شهدت أسعار مواد البناء تذبذبا كبيرا ما بين الارتفاع والانخفاض إلى جانب قلة المعروض منهما لأسباب كثيرة متعلقة بالمنتجين والموزعين.

وقال رؤساء لشركات عقارات مصرية إن التذبذب الذي شهدته أسعار مواد البناء في مصر كان له تأثيرات متفاوتة على شركات العقارات، ويمثل تحديا أمام المطورين العقاريين في مصر. وبحسب عقاريين فإنه رغم أن التذبذب في أسعار مواد البناء أمر مستمر فإنه يمكن السيطرة عليها، خاصة مع إمكانية التحكم في أسعار الأسمنت الذي يمثل المكون الأكبر في البناء كون المواد الأولية التي تدخل في تصنيعه مواد محلية إلى جانب أن السعر الذي وصل إليه مبالغ فيه مقارنة بالتكلفة، لافتين إلى أن الحديد هو الذي سيتأثر كثيرا بالأسعار العالمية لأن مواده الأولية المتمثلة في الخردة وخام «البيليت» يتم استيرادها من الخارج، وإن كان الحديد لا يمثل أكثر من 14 في المائة من المواد المستخدمة في البناء. وقال حسين صبور رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للاستثمار العقاري لـ«الشرق الأوسط» إن التذبذب في أسعار مواد البناء سيؤثر بشكل كبير على الشركات العقارية الصغيرة إلى جانب الشركات العقارية ذات الخبرات المحدودة التي أسسها أفراد توفرت لديهم سيولة مستغلين فترة النشاط العقاري في مصر دون دراسة لافتا إلى أن تأثير هذا التذبذب سيكون كبيرا عليهم لعدم إلمامهم بمخاطر المهنة وكيفية التعامل معها، ولا تستطيع تلك الشركات أن تتعامل مع ارتفاع الأسعار وتضطر إلى توقيف أعمال البناء لديها مما يعرضها إلى مزيد من الخسائر بالإضافة إلى قصر رؤيتها المستقبلية.

وبحسب صبور فإن الوضع مختلف عند الشركات الكبرى فقد استطاعت أن تتعامل بشكل جيد مع تحديات عديدة خلال العامين الماضيين ومنها، ندرة الأيدي العاملة بسبب الطلب المتزايد من شركات العقارات الخليجية لتلك العمالة مما أدى إلى ارتفاع بشكل كبير على أسعار تلك العمالة محليا. إلى ذلك أشار فاضل الشهاوي رئيس مجلس إدارة شركة مصر الجديدة للإسكان إلى أن «الارتفاع في مواد البناء ينعكس على أسعار الوحدات ويؤثر في ربحية الشركات وذلك بعد ارتفاع التكاليف مما يؤثر على صافي مبيعات الشركة، وقال إن الشركات الكبرى لا تلجأ إلى توقيف أعمالها وتتعامل باستمرار مع الأسعار الحالية في السوق». وبعد الارتفاعات التي شهدها أسعار الحديد والصلب والأسمنت اتخذت وزارة الصناعة والتجارة المصرية العديد من الإجراءات للتصدي لتلك الزيادة منها فتح باب الاستيراد للسلعتين، وهو ما أدى إلى تراجع سعر الحديد بشكل كبير إلى جانب قيام المنتجين المحليين بتخفيض الإنتاج ومن المنتظر خلال الفترة القادمة وصول شحنات الأسمنت المستوردة التي أكد الخبراء أنها ستعمل بشكل كبير على تراجع أسعاره في السوق إذا كانت بنفس جودة المنتج المحلي.