إفلاس ثالث أكبر شركة سيارات في أميركا يهز القطاع بأكمله

أوباما يتوقع ازدهار شركة كرايسلر بعد إشهار إفلاسها.. ويدعو الأميركيين لشراء سياراتها * الرئيس الأميركي عبر عن سعادته بدخولها في شراكة مع فيات الإيطالية

TT

ساند الرئيس الأميركي باراك أوباما قرار شركة كرايسلر الأميركية، التي تعد ثالث أهم شركة لصناعة السيارات في الولايات المتحدة، بإشهار إفلاسها بمقتضى قانون الإفلاس وهو طريق للتخلص من جزء كبير من ديونها. وقال أوباما أمس إن الشراكة بين شركة كرايسلر وشركة فيات الايطالية سيؤدي إلى إنقاذ واحدة من أهم شركات صناعة السيارات الأميركية. يشار إلى أن فيات ستحصل في البداية على حصة بقيمة 20 في المائة في كرايسلر ترتفع إلى 35 في المائة ويمكن أن تصل إلى 51 في المائة. ولن تدفع الشركة الإيطالية شيئا مقابل هذه الحصة التي ستفتح أمامها أبواب أسواق أميركا الشمالية. غير أن كرايسلر ستستطيع في المقابل الاستفادة من خبرات فيات في تصنيع سيارات أصغر وأكثر كفاءة من ناحية استهلاك الوقود. ودعا أوباما في كلمته إلى ضرورة أن تبدع الشركة سيارات جديدة، وشجع الأميركيين على شراء منتوجات الشركة الجديدة (بعد دخول فيات) وقال إن هذه السيارات ستكون مضمونة من طرف الحكومة الفيدرالية. وتطرق أوباما إلى الصعوبات التي واجهتها كرايسلر وقال إنها قدمت خطة للإصلاحات لكنه رفضها لأنها كانت بمثابة صفقة سيئة لدافع الضرائب الأميركي. وقال أوباما إن الذي يهمه بالدرجة الأولى أن كرايسلر ستضمن احتفاظ 30 ألف عامل بوظائفهم كما أن عشرات الآلاف من المتعاملين مع الشركة سيحافظون على وظائفهم. وقال أوباما إن استفادة كرايسلر من قانون الإفلاس لا يعتبر بمثابة إشارة ضعف، وتوقع ازدهار الشركة في وقت قريب. وقال إن إشهار الإفلاس سيجعل الشركة تقف على رجليها وبالتالي ستكون عملية التعافي سريعة. وقال أوباما الذي كان يتحدث من البيت الأبيض، إن الخطوات الضرورية اتخذت من أجل منح الشركة عقدا جديدا للحياة. وتوقع أوباما أن تعود شركة «جنرال موتورز» مثل كرايسلر، وعبر عن أمله في أن تعود كرايسلر إلى مكانها الطبيعي بمثابة عمود لصناعة السيارات. ومن شأن تحالف بين فيات وكرايسلر أن يمنح الكيان الجديد مبيعات سنوية تبلغ 4.16 مليون سيارة لتعادل مبيعات هيونداي ولتأتي خلف تويوتا وجنرال موتورز وفولكسفاغن وفورد. ويعتقد سيرجيو ماركيوني الرئيس التنفيذي لفيات أن أي شركة لصناعة السيارات بحاجة إلى إنتاج 5.5 مليون سيارة سنويا على الأقل حتى تتمكن من البقاء.

وفي وقت سابق أشار مسؤول في إدارة أوباما أمس أن شركة كرايسلر لصناعة السيارات ستمضي قدما في إجراءات إشهار الإفلاس بعد انهيار المحادثات مع دائنيها.

وبحسب مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، فقد قررت كرايسلر طلب وضعها تحت قانون الحماية من الدائنين مما يعني إشهار إفلاسها.

وتقرر إشهار إفلاس الشركة بعدما رفض عدد من دائنيها أول من أمس عرض وزارة الخزانة الأميركية خفض ديونهم من حوالي 7 مليارات دولار مترتبة لهم في ذمة المصنع الأميركي إلى 2.25 مليار، حسبما أوضح المسؤول.

وقد فشلت الشركة في الحصول على دعم الدائنين للمضي قدما في خطة لإعادة الهيكلة وتجنب أول دعوى للحماية من الدائنين بموجب قانون الإفلاس ترفعها إحدى شركات صناعة السيارات الأميركية الكبرى.

وأكد المسؤول أن رفض الدائنين عرض الوزارة «لا يقلل من قيمة ما حققته كرايسلر وفيات والأطراف المعنية، ولا يمنع كرايسلر من الحصول على فرصة جيدة لإعادة هيكلة نفسها والخروج من هذا الوضع أقوى من السابق».

ومن شأن الدعوى التي ذكرت مصادر أنها سترفع أمام محكمة التفليسات الأميركية في مانهاتن أن تهز صناعة السيارات بأكملها بما في ذلك منافسو كرايسلر والموردون والموزعون ومئات الآلاف من الوظائف التي تعتمد على الصناعة. وفي الوقت نفسه أكد موظفو كرايسلر، في تصويت، موافقتهم على اتفاق تحالف بين شركتهم والشركة الايطالية فيات، مما يفتح الطريق أمام إعادة هيكلة ثالث شركة أميركية لتصنيع السيارات، كما أعلنت نقابة عمال السيارات.

وأعلن رئيس نقابة العاملين في قطاع السيارات رون غيتل فينغر «كانت لحظة حاسمة مليئة بالقلق والشكوك لموظفينا».

وأضاف أن «منتسبينا ردوا بقبول اتفاق مؤلم لموظفينا ومتقاعدينا، لكنه يساعد في تأمين الوظائف الأميركية ويعطي كرايسلر فرصة الاستمرار وسيصادق عمال كرايسلر على اتفاقية جديدة للعمل، إذ إن موافقة العمال المنتسبين إلى النقابة لا بد منها داخل الشركة في حال أرادت تفادي إعلان إفلاس الشركة. وكان يفترض أن تطرح الاتفاقية التي عرضت على 28 ألف عضو في النقابة، على التصويت أول من أمس وتتم المصادقة عليها بحلول مساء أمس، المهلة النهائية التي حددتها واشنطن لكرايسلر لوضع كل نقاط خطة إعادة الهيكلة ووضع اللمسات الأخيرة على التحالف مع فيات.

ولا تحول دعوى الإفلاس دون التوصل إلى اتفاق مع فيات. وتسعى كرايسلر إلى إبرام اتفاق إنقاذ مع شركة صناعة السيارات الايطالية في حين كانت تسعى في نفس الوقت إلى وضع اللمسات النهائية على اتفاق مع الدائنين. وقادت محادثات إعادة الهيكلة قوة المهام المختصة بالسيارات في إدارة أوباما والمصرفي السابق ستيف راتنر. وقال مسؤولون مطلعون على المناقشات إنه في محاولة لنيل موافقة ثلاث شركات رفضت عرضا للحصول على ملياري دولار نقدا مقابل شطب كل ديون كرايسلر المضمونة البالغة 6.9 مليار دولار سعى مسؤولون أميركيون لتحسين شروط العرض بإضافة 250 مليون دولار. وتملك نحو 45 مؤسسة مالية ديون كرايسلر المضمونة. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاقتصادية قد ذكرت أمس أن المحادثات بين وزارة الخزانة الأميركية والجهات المانحة لمجموعة كرايسلر فشلت مساء أول من أمس مما جعل من شبه المؤكد إعلان إفلاس شركة تصنيع السيارات الأميركية.

ونقلت الصحيفة الاقتصادية عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم «إن كل شيء جاهز» بعد هذا الفشل للمحادثات الرامية، لوضع كرايسلر تحت حماية قانون الإفلاس.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد عرضت أول من أمس على المانحين مبلغا نقديا يصل إلى 2.25 مليار دولار للموافقة على التخلي عن نحو 6.9 مليارات دولار من الديون المتوجبة على الشركة، كما أعلنت الصحيفة نقلا عن مصادر «مقربة من المحادثات». وأمهل بنك «جي بي مورغان تشيز» الذي يدير مجموعة المانحين 45 مصرفا وصندوقا استثماريا 90 دقيقة للتصويت على هذا الاقتراح، لكن «عددا كبيرا من الصناديق صوت بالرفض»، بحسب الصحيفة. وبدا الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس فقط واثقا من مستقبل «جنرال موتورز» و«كرايسلر». وقال في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور مائة يوم على توليه مهامه الرئاسية «لقد ازداد أملي عما كان عليه قبل مائة يوم بشأن تمكننا من إيجاد حل قابل للاستمرار يحافظ على شركة كرايسلر على قيد الحياة».و كانت كرايسلر تجاهد قبل انتهاء المهلة المحددة لإثبات قدرتها على استمرار نشاطها على المدى الطويل أمس أو أن يضيع عليها الحصول على 4.5 مليار دولار في شكل قروض حكومية طارئة.

وعند إشهار إفلاس كرايسلر بالفعل والتقدم للمحكمة لحمايتها من دائنيها، قال أوباما إنه سيكون «نوعا سريعا من الإفلاس» الذي يسمح للشركة بإعادة هيكلة ديونها ومن ناحية أخرى الخروج مرة أخرى في وضع أقوى.