تقرير مصرفي سعودي يتوقع اضطراب «الاقتصاد العالمي» مع حدة «إنفلونزا الخنازير»

«الأهلي التجاري»: تأثيرات مباشرة تربط الأوبئة بعوامل الاقتصاد

TT

توقع تقرير مصرفي سعودي أن يتسبب تفشي وباء «إنفلونزا الخنازير» المنتشر حاليا إلى اضطراب في الأسواق المالية، مشيرا إلى أن ذلك يتزامن مع وقت يتلمس الاقتصاد العالمي الاستقرار النسبي على خلفية التأثيرات السلبية التي منيت بها اقتصادات العالم من الأزمة المالية العالمية.

وذكر تقرير أعده جيروم كوتيليان كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري أنه من المرجح أن يكون أداء الأسواق استجابة لحدة الوباء، مقرونة بتجربة وباء «سارس» إلى حد كبير، عارضا بعض المقارنات وبعض الشواهد التاريخية المشابهة.

ولكن كوتيليان توقع أن هذه الحالة الطارئة ليست أسوأ من «سارس»، مشيرا إلى أنه من المحتمل أن تؤدي الأزمة الحالية بتفشي الوباء إلى اضطراب أقل حدة في الأسواق المالية وكذلك في نمو الاقتصادات، مرشحا أن يؤدي وجود دليل بقوة الوباء وتفشيه بأكثر حدة إلى قدر كبير من القلق مصحوبا بآثار سلبية جدا على النمو في المدى القريب.

وذكر التقرير أن أنباء تفشي وباء إنفلونزا الخنازير في المكسيك تأتي في ظروف غير مواتية للاقتصاد العالمي، خصوصا أن المستثمرين والمراقبين يعقدون الآمال في تحقيق استقرار نسبي في الوضع الاقتصادي، لذلك فإن احتمال حدوث أزمة عالمية أخرى تمثل خطورة محتملة بالغة الخطر، وأكثر إلحاحا، ومصدرا رئيسيا جديدا للقلق.

وتعرض التقرير إلى تاريخ الأوبئة على مدى القرن الماضي، ملمحا إلى إمكانية حدوث سلسلة من النتائج بدأت بسيطة نسبيا وانتهت بكارثية، حيث كان الأثر المباشر للأزمة تعديل توقعات النمو في أسواق الأوراق المالية بواسطة المشاركين في السوق، بينما تخضع الأسهم والسلع لتعديلات تنازلية، مشيرا إلى أنه حتى لو أثبتت الأزمة إمكانية معالجتها فقد تعصف مخاطرها بموجة التفاؤل الأخيرة، رغم أن أزمة ذات مدى زمني قصير للغاية قد تؤدي إلى تسابق لإغاثة ذات أهمية.

ووفقا للتقرير، تعتبر الأوبئة سمة متكررة في التاريخ الاقتصادي العالمي، في حين أن معظمها كانت محدودة نسبيا من حيث الفترة وأثرها الاقتصادي، منذ «الإنفلونزا الإسبانية» في عام 1918، وهي واحدة من أكثر الأوبئة المدمرة في تاريخ البشرية، حيث أودت الإنفلونزا بعد الحرب العالمية الأولى بحياة 40 مليون شخص في العالم.

ويضيف التقرير بأن المصدر الرئيسي للقلق من الأوبئة ذات الصعوبة البالغة في تنبؤ أثرها، حيث من المحتمل أن تمتد لعدة أشهر يشهد خلالها القلق والتوتر تصاعدا مطردا وينطوي على أثرها احتمال كبير للاضطراب والاقتصاد العالمي، يمر بأزمة أكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب التقرير فإن اندلاع إنفلونزا الخنازير هو ثالث ذعر عالمي رئيسي للصحة العامة خلال هذا العقد، حيث شهد عام 2003 الالتهاب الرئوي الحاد «سارس» الذي تسببه فيروسات كورونا سريعة العدوى، حيث سجلت نحو 8 آلاف حالة بين نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2002 ويوليو (تموز) من عام 2003، من بينها 774 حالة وفاة في 37 دولة، عقب أول تفشٍّ للمرض في جنوب الصين.

وفي عام 2005 اندلع وباء إنفلونزا الطيور، وباندلاعه توقعت جهات التنسيق العالمي احتمال إصابة 20 في المائة من سكان العالم بهذا الوباء، إلا أنه تم السيطرة عليه رغم أنه أدى إلى وفاة 248 شخصا.

ويرى التقرير أن الفيروس الحالي غير مألوف حيث يجمع بين سلالات إنفلونزا البشر العادية وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، الأمر الذي يجعل انتقال العدوى بين البشر سهلا نسبيا، فالمصابون بالإنفلونزا ينقلون العدوى قبل ظهور الأعراض في وقت وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه من المستوى الخامس، مما يعني أن الوباء قد بات وشيكا.

وقال كوتيليان إنه من الصعب للغاية تحديد حجم الآثار الاقتصادية الناجمة عن الأوبئة، إلا أن «سارس» قد خفض إجمالي الناتج المحلي لهونج كونج بنسبة 2.6 في المائة، أكثر من المستوى الذي كانت ستصل إليه في ظل غياب الأزمة. خسرت الصين 1.1 في المائة من النمو، وتايوان وسنغافورة نحو 0.5 في المائة.

واستشهد كوتيليان بما قام به مكتب الميزانية بالكونغرس الأميركي من محاولة تقييم الأثر الاقتصادي للأوبئة في عام 2005 و2006، حيث في حالة اندلاع حاد تصاب 30 في المائة من القوى العاملة، وتغيب في المتوسط نحو 3 أسابيع عن العمل، بينما يبلغ معدل الوفيات 2.5 في المائة، مما قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 2 في المائة.