استقرار نسبي لمؤشر الأسهم المغربية بعد صدمة 2008

أزمة ثقة تهيمن على سلوك المتعاملين وسط انخفاض حجم التداول

TT

عرفت سوق الأسهم المغربية في الفترة الأخيرة استقرارا نسبيا للمؤشرات وسط تراجع قوي في حجم التداول. وتأرجح مؤشر «مازي» خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة داخل نفق ضيق بين مستوى 10500 نقطة و11300 نقطة، وذلك مع ميل ملحوظ للارتفاع. وحقق «مازي» خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي مكاسب بلغت 5.15%. واستقر الإنجاز السنوي لمؤشر «مازي» في مستوى ـ 0.42% في نهاية أبريل.

وتراجع حجم التداول في سوق التجزئة لبورصة الدار البيضاء بنسبة 56.7% خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، بسبب حالة الانتظار والترقب التي تسيطر على سلوك المتعاملين. وبلغ حجم معاملات سوق التجزئة للأسهم المغربية خلال هذه الفترة 27.14 مليار درهم (3.1 مليار درهم).

وقال يوسف بنكيران، رئيس جمعية شركات الوساطة المغربية، إن بورصة الدار البيضاء تجتاز فترة تراجع ثقة المستثمرين بعد الهبوط القوي الذي عرفته خلال النصف الثاني من السنة الماضية، والذي تواصل خلال الأسبوع الأول من العام الحالي. ويضيف بنكيران «أتفهم شعور المستثمرين الصغار الذين تكبدوا خسائر خلال الانخفاض الذي عرفته السوق تحت تأثير الأزمة المالية العالمية نهاية العام الماضي. لكني أود الإشارة إلى أن وضعنا لم يكن سيئا جدا إذا ما قارناه بأسواق مالية قريبة منا. فقد أنهينا سنة 2008 بخسارة نسبتها 13.5% في قيمة المؤشر العام للأسهم المغربية. ومنذ بداية العام الجاري أبان المؤشر قدرة كبيرة على الصمود. وهو الآن مستقر نسبيا في مستوى قريب من بداية العام».

ويتوقع بنكيران أن تعاود سوق الأسهم المغربية الارتفاع خلال الربع الأخير من السنة الحالية. وقال «هناك مؤشرات إيجابية، منها العودة القوية لصناديق التوظيف الجماعي في الأسهم، التي ارتفع صافي الموجودات التي تديرها من 12.7 مليار درهم (1.5 مليار دولار) نهاية 2008 إلى 19 مليار درهم (2.2 مليار دولار) منتصف أبريل (نيسان) الأخير. إضافة إلى آفاق نمو الاقتصاد المغربي نتيجة جودة المحصول الزراعي ومضاعفة المجهود الاستثماري للدولة. ونتوقع ارتفاع القدرة الإرباحية للأسهم المغربية بنسبة 16% خلال السنة الحالية».

وأضاف بنكيران «علينا كمهنيين أن نعمل على إعادة الثقة للمتعاملين في سوق الأسهم وجلب متعاملين جدد لكي نتمكن من تعبئة الادخار بشكل أفضل وتوجيهه للاستثمار الطويل. لدينا الآن نحو 120 شخصا يتعاملون في البورصة. وهدفنا رفع هذا الرقم إلى مليون شخص عبر توفير منتجات ادخار ملائمة. كما أننا نسعى إلى اجتذاب المزيد من الشركات لتطرح أسهمها في البورصة وتسهم في تنشيط السوق المالية المغربية».

وتسود حالة من الارتباك وتزعزع الثقة وسط المتعاملين. ويقول أحد المتعاملين الذي رفض ذكر اسمه «لم أعد أعرف على ماذا يمكنني أن أعتمد. فاتباع نصائح المحللين والسماسرة وتوقعاتهم جعلتني أخسر أموالا كثيرة. فقد أصبحوا يخطئون باستمرار. فعندما ينصحون بعدم الشراء أفاجأ بعد أسبوع بارتفاع السهم الذي نصحوا بعدم شرائه، وتضيع مني الأرباح. وبالعكس عندما ينصحون بالشراء ينخفض السهم بعد ذلك وأتكبد الخسائر».

أما المحللون الماليون فيقولون إن توقعاتهم لا علاقة لها بالتوجهات قصيرة الأجل للسوق، التي تعكس الحالة السيكولوجية للمتعاملين. فالمحللون يقومون بصياغة نصائحهم وتقييماتهم على المعطيات الأساسية للشركات، من خلال دراسة بياناتها المالية وإجراء لقاءات مع مسؤوليها. وتقييماتهم تتعلق بالقدرة الإرباحية للشركة في مجال نشاطها الاعتيادي، وليس بأرباح المضاربة الناتجة عن تذبذب الأسعار في البورصة. فنصائح المحللين الماليين تهدف إلى توجيه الاستثمار الطويل والمتوسط في أسهم الشركات.

وينصح المحللون بعدم الاستثمار دفعة واحدة، وتوزيع المبلغ المراد استثماره في قيمة معينة على عدة دفعات وعلى عدة فترات زمنية بهدف توزيع المخاطر. كما ينصحون بالتركيز خلال الفترات الانخفاضية على القطاعات قليلة التأثر بالدورة الاقتصادية كالاتصالات والصناعات الغذائية والخدمات الجماعية.

وعرفت الأرباح الإجمالية للشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء انخفاضا بنسبة 3.2% خلال 2008 مقارنة مع 2007، وبلغت 26.4 مليار درهم (3 مليارات دولار). ويرجع هذا الهبوط للخسارة التي تكبدتها شركة «سامير» لتكرير النفط والتي بلغت 1.2 مليار درهم (138 مليون دولار) بسبب تدهور قيمة المخزون نتيجة انخفاض أسعار البترول الخام، إضافة إلى خسارة شركة «مناجم» التي بلغت 589 مليون درهم (68 مليون دولار) بسبب انخفاض أسعار المعادن الأساسية. كما نزلت أرباح «أونا» بنسبة 35%، ونزلت أرباح «الشركة الوطنية للاستثمار» بنسبة 35.1%. ونزلت أرباح الأسهم المصرفية بنسبة 4% نتيجة هبوط أرباح «القرض العقاري والسياحي».

وفي المقابل ارتفعت أرباح أسهم الاتصالات بنسبة 18.5%، وارتفعت أرباح الأسهم العقارية بنسبة 57.1%، وأرباح أسهم الصناعات الغذائية بنسبة 9.9%، وأرباح صناعة الإسمنت بنسبة 8.1%.