عقارات دبي تتعرض لتصحيح حاد.. وسندات الحكومة كافية لسداد ديون الكيانات التابعة

قال إن المستثمرين يتوقعون تمويلا مباشرا لدعم قطاع العقارات والخدمات المالية في الإمارة

TT

قال تقرير إماراتي حكومي صادر أمس، إن قطاع العقارات في دبي، الذي يعتبر أحد أعمدة الاقتصاد، يواجه تصحيحا حادا في الأسعار، مشيرا إلى أن أسعار العقارات هبطت بنسبة الربع على الأقل، مقارنة بأعلى مستوياتها في 2008، في حين تعرضت المصارف إلى تدابير صعبة بسبب القروض المعدومة وخسائر الاستثمارات التي شطبت.

لكن التقرير ذاته، الصادر من «غرفة تجارة وصناعة دبي»، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ينظر إلى برنامج السندات طويلة الأجل، الذي أصدرته الحكومة بقيمة 20 مليار دولار، باعتباره الحافز الذي تتطلبه إعادة الثقة إلى الاقتصاد. ويضيف التقرير «من المؤكد أن قيمة السندات كبيرة، وتكفي كل التزامات الديون الحالية لحكومة دبي والكيانات المملوكة للحكومة، وإكمال مشاريع التنمية، وكذلك التخفيف من حدة موقف السيولة في الاقتصاد، وخاصة المساعدة في عودة الثقة إلى السوق. ومن الأرجح أن الإصدار سوف يرفع من معنويات الأسواق المالية، ويعضد من ثقة المستثمر المحلي والأجنبي. وأطلقت حكومة دبي برنامجا للسندات طويلة الأجل بقيمة 20 مليار دولار (73.4 مليار درهم)، لأجل الاستمرار في خططها التنموية. وقد أصدرت هذه السندات غير المضمونة بسعر فائدة ثابتة تبلغ 4 في المائة سنويا، وتعتبر مستحقة الدفع بعد خمس سنوات. وقد اكتتب مصرف الإمارات المركزي الإصدار الأول من هذه السندات بقيمة 10 مليارات دولار (36.7 مليار درهم).

ويقول التقرير إنه في ذات الوقت الذي استفادت منه دبي بشكل كبير من قلة العوائق أمام تدفق العمالة من أنحاء العالم المختلفة، وكذلك رؤوس الأموال والأفكار، «نجد أنها قد اقترضت بكثافة لتمتين اقتصادها غير النفطي. وقد تنوع الاقتصاد عبر قطاعات ذات دورات اقتصادية كبيرة، مثل العقارات والسياحة والخدمات المالية والتجارة، وكلها تأثرت الآن بالأزمة الاقتصادية العالمية. كما عانت الأسواق المالية من خسائر ثقيلة أدت إلى انخفاضها بنسبة 72 في المائة في الفترة الماضية». ووفقا للتقرير، فإن حكومة دبي ظلت نشطة في القيام بجهود عدة لتجنب حدوث أزمة، مشيرا إلى أنه في سبتمبر (أيلول) 2008 قام «مصرف الإمارات المركزي» بضخ 50 مليار درهم في النظام المصرفي لتعزيز السيولة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام قامت الحكومة الاتحادية بضمان ودائع المصارف. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، خفض «مصرف الإمارات المركزي» معدل الريبو بـ 50 نقطة أساسية إلى 1 في المائة، للتقليل أكثر من تكلفة تسهيلات السيولة التي طبقها المصرف المركزي. كذلك أعلنت حكومة دبي أنها ستصدر ميزانية بعجز يبلغ 4.2 مليار درهم هذا العام، لتعزيز الإنفاق الحكومي، وتحريك النمو الاقتصادي. وهنا يشير التقرير إلى أنه على الرغم من كل الجهود، فإن أزمة الائتمان العالمية وضعت الاقتصاد بين أمرين، هما تبخر الائتمان لإعادة تمويل الديون، وهبوط الإيرادات، حيث تباطأت التجارة العالمية، وكذلك النمو الاقتصادي. ويوضح التقرير الاقتصادي أنه على ضوء هذه الخلفية قامت حكومة دبي بإطلاق برنامج السندات طويلة الأجل بقيمة 20 مليار دولار، في محاولة لتغطية القروض التي مولت استراتيجية تطورها. وتعتبر عملية بيع السندات هذه وسيلة دبي لتجميع أموال بسعر فائدة منخفض، وكذلك توفر للحكومة الأموال اللازمة لاستبدال السيولة التي قلت عالميا لتلبية التزاماتها المالية المقبلة. تعني فترة الخمسة أعوام عمر السندات هذه أن الأزمة سوف تنقشع قبل وقت طويل من استحقاق دفعها.

ووفقا للتقرير الصادر من غرفة تجارة وصناعة دبي، فسوف تمنح السندات الكيانات الحكومية فرصة الحصول على الأموال لمواجهة التزاماتها المتعلقة بإكمال كافة مشاريع البنية التحتية، وتعزيز الإنفاق الحكومي، وتمهيد الطريق أمام التركيز بشكل أكبر على بعض برامج التحفيز. «وسوف يستخدم الإصدار بمثابة انطلاق نحو تسريع النشاط الاقتصادي، واستعادة الثقة العالمية في الاستقرار الاقتصادي بشكل عام، وتوقعات النمو بالنسبة للإمارة. ومع تعزيز قروض المصرف المركزي للدعم الاتحادي المقدم إلى قروض دبي، فإن الإمارة وشركاتها سوف تكون قادرة كذلك على إعادة التفاوض بشأن ديونها على أساس أسعار فائدة أكثر تنافسية». ويمضي التقرير «سوف يضيف شراء سندات دبي إلى مجموعة الأدوات التي يمكن للمصرف المركزي استخدامها في ضبط السياسة النقدية في دولة ترتبط عملتها بالدولار الأميركي، مما يحد من قدرتها على التدخل في الأسواق. ويمكن للمصرف المركزي الآن شراء وبيع الأوراق المالية الحكومية إلى النظام المصرفي، للتحكم في عرض النقود وإدارة السيولة. وسوف يبتدر عمليات سوق مفتوحة فيما يتعلق ببيع وشراء السندات والصكوك الحكومية. في الأوقات التي تشهد ـ نتيجة للأزمة المالية العالمية ـ صعوبة في الوصول إلى الأسواق الرأسمالية وأسواق الديون، وتزيد الاستحقاقات بمعدلات مرتفعة، فإن تطوير أسواق رأسمالية وأخرى خاصة بالديون محليا يعتبر خطوة هامة للغاية».

وتوقع التقرير أن يواجه اقتصاد دبي بعضا من التباطؤ هذا العام مع ظروف تشديد أسواق الائتمان، والضعف في أسواق الصادرات، «إلا أن إصدار السندات يعتبر خطوة حاسمة في تعزيز الوضع، والمساعدة في التخفيف من تأثير الأزمة العالمية. هنالك أيضا توقعات بظهور سياسات أخرى تعمل على تسهيل السيولة ومساعدة الاقتصاد. ويتوقع المستثمرون تحديدا، تمويلا مباشرا لدعم قطاع العقارات والخدمات المالية في دبي».