السعودية: التحديات الاقتصادية التي تواجه العالم تلقي بظلالها على أعمال مجلس التفاهم العالمي

نيابة عن خادم الحرمين الأمير خالد الفيصل يفتتح الاجتماعات بقوله: السعودية أصبحت عنصرا مؤثرا في الأحداث والأفكار العالمية

الأمير خالد الفيصل خلال رعايته اجتماعات الدورة الـ 27 لمجلس التفاهم العالمي في رابغ أمس («الشرق الأوسط»)
TT

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، افتتح الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، أمس، أعمال الدورة السابعة والعشرين لمجلس التفاهم العالمي، وذلك بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية بمحافظة رابغ.

واختصر الأمير خالد الفيصل، انعكاسات انعقاد اجتماعات الدورة الـ27 لمجلس التفاهم العالمي على الاقتصاد السعودي قائلا «كنا ننتظر التقدم نحو العالم الأول، والآن العالم الأول سبقنا للحصول علينا».

واشار أن السعودية تستضيفه للمرة الأولى، مطالبا بضرورة تكرار استضافة مثل تلك الملتقيات، بهدف الاستفادة من الخبرات العالمية في تطوير الاقتصاد السعودي.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن المملكة العربية السعودية أصبحت من الدول التي ينظر لها العالم باهتمام بالغ، إذ لم تعد تتأثر فقط بالأحداث العالمية والأفكار الخارجية، وإنما عنصر مؤثر فيها أيضا.

وأكد أن وجود مثل هذا المؤتمر في السعودية له أهمية كبيرة، لا سيما وأنه اختار من مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مقرا له، باعتبارها مشروعا يعطي صورة مشرقة لمستقبل السعودية، وسلامة المنهج الذي تسير عليه في التطوير والإصلاح، لافتا إلى أن النقلة الحضارية التي تشهدها المملكة العربية السعودية الآن تعد من النوافذ التي ينبغي أن ينظر من خلالها العالم إلى السعودية.

وذكر الأمير خالد الفيصل، أن وجود مثل هذه النخبة العالمية السياسية والاقتصادية، التي لها آراء وخبرات في العالم، يعطي دلالة لما وصلت إليه السعودية من مكانة عالمية، متوقعا أن تثري مثل تلك المؤتمرات الفكر السعودي، وتطلعات الدولة وزيادة فرص مشاركتها في الحقول العالمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكان الأمير خالد الفيصل، افتتح فعاليات اجتماعات الدورة الـ27 لمجلس التفاهم العالمي، التي انطلقت صباح أمس الاثنين، بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وتستمر لمدة ثلاثة أيام متواصلة، وذلك بحضور نحو 28 رئيس دولة سابق، من ضمنهم هيلموت شميت مستشار ألمانيا الاتحادية الأسبق.

من جهته، أوضح عمرو الدباغ، محافظ الهيئة العامة للاستثمار، أن المدن الاقتصادية في السعودية تعد إحدى الآليات الرئيسية، التي تستخدمها الهيئة العامة للاستثمار بهدف الارتقاء ببيئة الاستثمار السعودية إلى مصاف أفضل الدول في العالم، من حيث تنافسية بيئة الاستثمار.

وقال في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاقتصاد السعودي يتميز بمزايا نسبية، مثل الطاقة والموقع الجغرافي ومقومات الاقتصاد الكلي، وجميعها تجعل من السعودية واجهة مفضلة للمستثمرين، وهذا ما شهدناه عبر السنوات القليلة الماضية من تزايد حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة، حتى وصل تصنيف المملكة في المستوى الثامن عشر على مستوى العالم، والأولى وعلى مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي».

في حين قال في كلمة ألقاها خلال فعاليات اليوم الثاني من لقاء مجلس التفاعل العالمي، في دورته السابعة والعشرين، في المدينة الاقتصادية صباح أمس: إن البنك الدولي أعلن من خلال تقرير أداء الأعمال للعام الحالي عن حصول السعودية على المركز الأول بين دول الشرق الأوسط، والمركز السادس عشر على مستوى العالم، بعد أن كانت تحتل المركز السابع والستين لعام 2005.

وأضاف ثمة علاقة وطيدة بين مدى تنافسية الدول وتدفق رؤوس الأموال إليها، مرجعا سبب احتلال السعودية للمركز الأول إلى التدفق الفعلي للاستثمار الأجنبي، وذلك وفقا لتقرير منظمة الأنوكتاد.

وأشار محافظ الهيئة العامة للاستثمار، إلى المشروعات الثلاثة، التي تضمها منطقة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، والمتمثلة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ومجمع بترو رابغ، الذي يعد أكبر مشروعات التكرير والمواد البتروكيماوية، كونه مشروعا مشتركا بين «أرامكو» السعودية و«سوميتومو» اليابانية.

فيما يتمثل المشروع الثالث في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي تضم منظومة متكاملة من المشروعات والخدمات ومنشآت البنية التحتية الذكية ذات التنافسية العالمية.

وأكد على أن الاقتصاد السعودي يمتلك مقومات ومزايا نسبية لا تتوفر لدى العديد من الدول، لافتا إلى أن جميع المصارف السعودية استمرت في تحقيق أرباح مرتفعة خلال الربع الأول من هذا العام، والربع الرابع من العام الماضي، الأمر الذي يدل على قوة الاقتصاد السعودي، وتأثره المحدود من الأزمة المالية العالمية.

وقال: تسعى سياسات السعودية النفطية إلى الموازنة كموقف مبدأي ثابت ما بين مصالح المستهلكين والمنتجين، بما يضمن نمو الاقتصاد العالمي بشكل يخدم الإنسانية جمعاء، في ظل حرص الدولة على تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في العالم.

فيما أكد هيلموت شميت، الرئيس الفخري لمجلس التفاهم العالمي والمستشار السابق للجمهورية الاتحادية الألمانية، على أن العالم تغير كليا، غير أن التغير السلبي طال الاقتصاد العالمي بشكل خاص، الذي كان مستمرا في النمو خلال الفترة الماضية. وقال خلال ورقة عمل قدمها تحمل عنوان «ملاحظات حول حالة العالم اليوم»: إن هناك سببين رئيسيين لحالة الركود الاقتصادي، تتضمن الجشع المهول والمتهور للمديرين الماليين والناتج عن قيام بعض البنوك والمؤسسات الخاصة بأخذ مخاطر غير محسوبة العواقب، إضافة إلى تحويل بعض تلك المخاطر إلى آخرين لم يفهموا ما كانوا يشترون، فيما تورط آخرون في نشاطات مختلفة.

وأضاف يتمثل السبب الثاني في تقاعس الطبقة السياسية في عدد من الدول عن القيام بواجباتها حيال مراقبة الاقتصاد وحسن أدائه، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، لافتا إلى أن سلطات الرقابة والتنظيم لم تكن كافية آنذاك، وغير مناسبة بشكل مطلق في ظل السماح للمؤسسات المالية الخاصة بتضخيم رأسمالها بنحو 20 إلى 30 ضعفا، إلى جانب بيع أسهم غير مؤمنة، التي تسمى اليوم الأسس المسممة، مؤلفة من مليارات الدولارات للإدارات المالية، التي اشترت عن جهل أو باعتها إلى الزبائن في القطاع الخاص.

وشدد هيلموت شميت، على أن التوسع المالي والنقدي فقط لن ينشطا الاقتصاد العالمي إلى الدرجة المطلوبة، إذ يجب ملاحظة خطر التضخم الكبير في المستقبل عند تجاوز الأزمة الراهنة، وخطورة أن تجد دولة ما نفسها عاجزة عن تمويل عجز الموازنة عبر الأسواق المالية، واستحالة تمويل عجز الموازنة مع الخارج، مؤكدا على أن أيام اعتبار أميركا الدولة العالمية الأكبر في العالم قد انتهت.