السعودية تدعو لحسم ملف التجارة الحرة بين أوروبا والخليج

تركي الفيصل: توقيعها لا يحتاج لـ«وحي إلهي»

TT

دعت السعودية، أمس، على لسان الأمير تركي الفيصل، سفيرها السابق لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، لحسم أمر اتفاقية التجارة الحرة بين الجانب الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد أشهر من تعليق التفاوض حول هذه الاتفاقية لأسباب غير واضحة، بعد نحو 20 عاما من مفاوضات بدأت منذ العام 1988.

وجاءت دعوة الفيصل تلك، في كلمة وجهها لندوة «أوروبا ومنطقة الخليج»، التي أقيمت في العاصمة السعودية الرياض، وقال فيها «ينبغي حسم أمر اتفاقية التجارة الحرة بين المجموعتين (الخليجية والأوروبية)، والتي تراوح مكانها (...) يجب إقرارها بأسرع ما يمكن».

ووجه رئيس الاستخبارات السعودية السابق هذه الدعوة، في إطار تحميله الاتحاد الأوروبي مسؤولية (مباشرة وغير مباشرة)، في تعزيز قدرات دول مجلس التعاون الدفاعية والاقتصادية والعلمية والتقنية، ودعم توجهاتها السلمية وتصوراتها وخياراتها لكيفية الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط. وتبحث ندوة «أوروبا والخليج»، فتح آفاق جديدة للتعاون بين المجموعتين الأوروبية والخليجية. وتختتم الندوة التي تعقد برعاية الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أعمالها اليوم، وسترفع توصياتها لصناع القرار في كلا الجانبين لوضعهم في إطار ما توصلت إليه من رؤى ومقترحات لتطوير العلاقات الأوروبية الخليجية.

واعتبر الأمير تركي الفيصل، أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين أوروبا والخليج ستعمل على الإسهام في تكثيف العلاقات بين المجموعتين، وتعزيز الترابط بينهما في كافة المجالات، وهو ما سيدفع بعوامل الاستقرار الأخرى في المنطقة.

وأشار الفيصل في تصريحات مشتركة لـ«الشرق الأوسط»، إلى اعتقاده بأن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين أوروبا والخليج ليست بحاجة إلى وحي إلهي. وقال «المسألة أبسط بكثير. كما هو معلوم أنه لم يبق إلا اليسير في هذا الموضوع. على الجميع أن يتقدم خطوة».

ويحضر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي يترقب وصوله السعودية، إحدى جلسات الندوة الأوروبية الخليجية، اليوم، التي سيخصص النقاش فيها حول الدور الأوروبي المطلوب للدفع قدما بمبادرة السلام العربية.

وحمل تركي الفيصل الاتحاد الأوروبي مسؤولياته تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، على اعتبارات تتصل بتأثيرات مباشرة وغير مباشرة لهذا الملف على منطقة الخليج، وتأثيره على العلاقات الأوروبية الخليجية تبعا لذلك.

واعتبر أن مسألة إيجاد حل عادل ومقبول للصراع العربي الإسرائيلي، من ضرورات إيجاد بيئة مستقرة، تسمح بتطوير استراتيجيات بعيدة المدى للمحافظة على الأمن والاستقرار في الخليج.

وشدد الفيصل على الحاجة لموقف أوروبي جماعي مستقل، يجمع بين الدبلوماسية ووسائل الضغط الضرورية للدفع بعملية السلام قدما. وأشار إلى أنه من دون هذا التحرك «سيستمر النظر إلى السياسة الأوروبية تجاه هذا الصراع، كسياسة مكملة لسياسات دول أخرى منحازة إلى إسرائيل».

وتبحث الندوة الأوروبية الخليجية، وهي ندوة سنوية تسمى (كورنبيرغ توكس)، وتنظمها مؤسسة بيرتلزمان العريقة، ويساندها في التنظيم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ومعهد الدراسات الدبلوماسية، في سبل مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

وقال الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي، إنه من الواضح أنه ليس هناك دولة بمنأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، على اختلاف بين الدول في مدى تأثرها. غير أنه أكد في خطابه أمام ندوة العلاقات الأوروبية الخليجية، أن منطقة الخليج كانت الأقل تأثرا، فيما كان تأثر بلاده بها محدودا.

ووصف العساف مفاوضات التجارة الحرة التي بدأها الخليجيون مع الاتحاد الأوروبي، بأنها أقدم مفاوضات دخلتها المجموعة الخليجية وأقلها نجاحا، لما وصفه بالإصرار الأوروبي على مواقف غير مبررة في بعض النقاط القليلة المتبقية.

وشدد وزير المالية السعودي، على أهمية موضوع أمن الطاقة للجانبين الأوروبي والخليجي (أمن الطلب وأمن الإمدادات)، واصفا السياسات التي يتبعها الاتحاد الأوروبي تجاه البترول المصدر لهم من الدول الخليجية بـ«التميزية»، حيث الضرائب المجحفة ضد البترول سواء تحت غطاء حماية البيئة أو تحت مسميات أخرى.

من جهة أخرى، ذكر الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، خلال حلقة نقاش نظمت في الدورة، بأن بلدان منطقة مجلس التعاون، باعتبارها أحد مزودي النفط والطاقة الرئيسيين في العالم، تهدف إلى التركيز على موضوع الاستقرار فيما يخص ملف الطاقة والأسواق العالمية.

وشدد الأمير عبد العزيز أمام حشود الخبراء المشاركين في حلقة النقاش مساء أمس بأن التركيز على الاستقرار لا يعني فقط البقاء في مستوى واحد بل يقصد به المفهوم الشامل لموضوع الاستدامة التي تعنى بالمستقبل وتضمن للعالم طاقة على مدى بعيد. من ناحية أخرى، يرى خبراء مشاركون في الحلقة بأن 80 دولارا ربما تكون القيمة العادلة الأكثر ترجيحا لسعر البرميل في الأسواق العالمية، بينما ركزت مشاركات أخرى بأن خطر الأزمة الاقتصادية العالمية لا يزال باقيا وسيلقي بآثاره على القطاع البنكي في منطقة الخليج خلال العام الجاري 2009.