خبراء إعلاميون متفائلون بمستقبل الصحافة الورقية.. و11% نمو الإعلان في المنطقة العربية

عزام الدخيل: الوقت مناسب للاندماجات على صعيد العمليات اللوجستية لا التحريرية

عزام الدخيل يتحدث في المنتدى (تصوير: جاك جبور)
TT

رسم خبراء إعلاميون صورة متفائلة للإعلام الورقي، بالرغم من سوداوية الأزمة المالية العالمية على قطاع الإعلام، وفيما كان واضحا أن الأزمة العالمية قد ألقت بظلالها على الإعلام العربي، من خلال الدورة الثامنة لمنتدى الإعلام العربي الذي بدأت فعالياته أمس في دبي، غير أن الخبراء الإعلاميين المشاركين تفاءلوا بمستقبل الإعلام الورقي، حتى في خضم الأزمة المالية العالمية، وركزوا وعلى الرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها مناطق عديدة من العالم ، على الإقبال الذي «لا يزال متزايدا من القراء العرب على الصحف المطبوعة وزيادة معدل الاشتراك في الصحف إلى جانب ارتفاع حصة الصحافة المطبوعة من الاستثمار الإعلاني مقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى».

وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد افتتح أمس المنتدى الإعلامي العربي في نسخته الثامنة.

وخلال الجلسة الأولى في منتدى الإعلام العربي التي عقدت تحت عنوان «تطورات الاقتصاد العالمي: التأثيرات المباشرة على الإعلام واحتمالات المستقبل» طرح خبراء إعلاميون رؤية تفاؤلية لمستقبل الصحافة المطبوعة في المنطقة العربية بالرغم من الانتشار الواسع للصحافة الإلكترونية إقليميا وعالميا.

وطرح المشاركون في هذه الجلسة مجموعة من الإشكاليات الأخرى المتمثلة في إمكانية حدوث اندماجات بين المؤسسات الإعلامية في المنطقة العربية والفرق بين الاستثمار الإعلاني والإنفاق الإعلاني وأثر الأزمة الاقتصادية على المؤسسات الإعلامية في العالم العربي مقارنة مع المؤسسات الإعلامية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والفارق بين النموذج الإعلامي الغربي والنموذج الآسيوي ومسائل الشفافية والإفصاح في قطاع الإعلام في المنطقة العربية، حيث تم وضع تصورات مغايرة لهذه القضايا وغيرها خلال الجلسة التي شهدت حضورا ومشاركة كثيفين.

الدكتور عزام الدخيل الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق اعتبر أن تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية في سوق صناعة الإعلام والإعلان، هو «أمر بديهي.. فقد انكمشت على ما يعرف العاملون في قطاعات التسويق والإعلان الميزانية التسويقية لكثير من الشركات الكبرى حول العالم، وفي المنطقة، خصوصا القطاعات التي لحقها أكبر الضرر من الأزمة كالقطاعات العقارية، والمصرفية، وغيرها. وأسهم انكماش القدرة الشرائية لدى شرائح كثيرة من الناس في تقليص الميزانيات التسويقية لسلع التجزئة أيضا».

غير أن الدكتور الدخيل أكد في الوقت ذاته أن الأزمة العالمية قد أسهمت في تعميق أزمة وسائل الإعلام «لكنها لم تكن سببا رئيسا في ذلك». مضيفا «من الضروري، أيضا، أن نتذكر أن ثمة أزمة كانت تعانيها الوسائل الإعلامية، وذلك من قبل أن تطل الأزمة المالية العالمية برأسها. ثمة أسباب كثيرة أسهمت، كما يعرف المراقبون والمتابعون لصناعة الإعلام، في المشكلات التي تعانيها بعض كبريات وسائل الإعلام العالمية، والأميركية منها خاصة مثل: صحيفة نيويورك تايمز، ولوس أنجليس تايمز، وواشنطن بوست، وشيكاغو تربيون التي هبط توزيعها بنسب متفاوتة في السنوات الأخيرة عما كانت عليه الحال من قبل».

ولفت الدكتور عزام الدخيل الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، خلال مشاركته في جلسة حول تطورات الوضع الاقتصادي العالمي والتأثيرات المباشرة على الإعلام واحتمالات المستقبل، إلى أن الوقت الحاضر إنما هو فرصة ذهبية للكثيرين في عالم الإعلام للقيام بعمليات الاندماج وبشكل خاص في مجال الخدمات اللوجستية، أما بالنسبة للمحتوى «فليتنافس المتنافسون».

وفي طرحه لما سماه علاج الحالة الاجتماعية، قال الدكتور عزام الدخيل إنه من الضروري الالتفات ابتداء إلى عدد من المؤشرات في تطوير أوعية المحتوى الإعلامية الحديثة، والتي شرحها في العناصر التالية: تطور تقنية المعلومات والاتصالات، البعد الديموغرافي من حيث غلبة عدد الشباب على إجمالي عدد السكان، تطور التعليم، وتطور قدرة الجيل الجديد على الوصول إلى مصادر متنوعة للمحتوى المجاني، وقدرته على توليد محتوى يتصل بدائرة شبكته الاجتماعية أو الثقافية الإلكترونية، ضيق حاجة القراء إلى المساحة الإخبارية في الوسائل الإعلامية التقليدية.

واعتبر تلك المؤشرات أنها ستعين على بناء تصور لما ينبغي أن تأخذ به الوسائل الإعلامية التقليدية، حتى تحافظ على دائرة قرائها، ومن ذلك: تنويع أوعية المحتوى الورقي والإلكتروني والجوال والتلفازي على نحو متكامل. تطوير نوع المحتوى الذي يلبي المتطلبات المعرفية والثقافية للقراء الجدد الذين يشكلون غالبية السكان. تطوير الأذرعة البيعية الإلكترونية، من حيث استقطاب عدد كبير من المتصفحين لأوعية المحتوى الإلكترونية، وتوسيع دائرة استقطاب المساحات الإعلانية الإلكترونية. الاستفادة من المكاتب الخارجية في الدول التي تكثر فيها الكفاءات التحريرية أو التصميمية أو التقنية والعاملون في الترجمة وغير ذلك. سيعين ذلك كله لا ريب على تطوير الصناعة ومحاصرة التكاليف من غير أن تنقل هذه الكفاءات من بلادها إلى حيث يصنع المحتوى بأوعيته المختلفة. ائتلاف الشركات الإعلامية الصغيرة بما يعزز من اجتماع عناصر قوتها وتنوعها. وهذا أولى من أن تذهب بها حالة السوق المتردية التي لا تجد الكيانات الكبرى نفسها تسلم من تبعاتها في قليل أو كثير.

وأكد الدكتور عزام على أن قيام الشركة السعودية للأبحاث والتسويق بالاكتتاب في سوق الأسهم، دفعت المجموعة للعمل في جو من الشفافية بعيدا عن أصحاب المناورات الإدارية وعلق على ذلك بقوله «ضرورة الإفصاح تجعل من الصعب علينا المنافسة، لكن في المقابل يجب أن نكون على دراية بحاجة المعلن لأن يقتنع بالوسيلة الإعلامية التي ينوي الإعلان فيها».

ومن جهته، قال سامي رفول المدير العام للمركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية، إن الإنفاق الإعلاني في العالم العربي بلغ في عام 2007 حوالي 8 مليارات دولار مقارنة مع 513 مليار دولار للإنفاق الإعلاني في العالم «بما يعني أن العالم العربي يمثل أقل من 2 في المائة من الإنفاق العالمي، وهو أدنى مستوى للاستثمار الإعلاني ولا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الهام لهذه المنطقة، ولكنه من جانب آخر قد يكون سببا رئيسيا في انخفاض مستوى تأثر هذا القطاع بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية».

وأضاف رفول أن عجلة الاقتصاد في المنطقة العربية لم تتوقف كما قد يصور البعض، وإنما كان هناك تباطؤ في النمو حيث بلغ معدل النمو في الإنفاق الإعلاني في المنطقة العربي في الربع الأول من العام 2009 حوالي 11 في المائة مقارنة مع 25 في المائة في العام 2008 وذلك نظرا لتباطؤ وانحسار بعض الأسواق الإعلانية، موضحا أن هذا الانخفاض في معدل النمو قابل للاستعادة إذا ساهمت المؤسسات والقطاعات الرسمية بقوة في تحريك القطاع الإعلاني.