أميركا: الخسائر المتنامية لبطاقات الائتمان تمثل تحديا جديدا أمام البنوك

احتمالات أن تصل إلى 141.5 مليار دولار بحلول 2010 مع توقع عدم مقدرة الملايين على دفع ديونها

يجد الملايين من الأميركيين أنفسهم مُثقَلين بأعباء بطاقات ائتمان
TT

كان يسهل تخمين عدد الأميركيين الذين سوف تكون لديهم مشكلات في دفع فواتير بطاقات الائتمان الخاصة بهم، وخلصت البنوك وهي تنظر إلى معدلات البطالة إلى أنه كلما قلت الوظائف المتاحة زادت المشكلات المستقبلية. ويشار إلى أنه منذ فترة طويلة، يعكس معدل البطالة معدلات خسائر البنوك في أرصدة البطاقات. ولكن قد يكون إيدي وارد، وهو عاطل يبلغ من العمر 32 عاما، أحد الأسباب التي ساعدت على تغيير هذه القاعدة، حيث أخذت الخسائر تفوق معدلات تسريح العمال بالنسبة إلى العديد من المقرضين. خسر وارد (من كنساس) وظيفته في مستودع تجزئة في أبريل (نيسان)، ومنذ هذا الحين تمكن من القيام بمدفوعات الحد الأدنى لدين كارت الائتمان الخاص به الذي يقدره بـ15,000 ـ 20,000 دولار. وعندما سُئل إذا ما كان يعتقد أنه سيكون قادرا على الدفع قال: «لا، ما لم أفُز بيانصيب».

وفي الوقت نفسه قال: «أقوم بما أستطيع القيام به».

ويتوقع الخبراء أن ملايين الأميركيين لن يكونوا قادرين على دفع ديونهم، وهو ما يؤدي إلى فجوة متنامية داخل البنوك المتعثرة التي ما زالت تسعى للتعافي من أزمة الإسكان.

وتشير نتائج اختبار الضغط التي نُشرت يوم الثلاثاء الماضي، إلى أن البنوك التسعة عشر الكبرى في البلاد يمكن أن تتوقع قرابة 82.4 مليار دولار في صورة خسائر على بطاقات ائتمان بنهاية 2010 تحت ما يصفه المنظمون الفيدراليون بأنه الوضع الاقتصادي «الأسوأ». ولكن إذا تجاوزت معدلات البطالة حاجز 10 في المائة، كما يتوقع الكثير من الاقتصاديين، فإن معدل الأرصدة التي لا يمكن تحصيلها داخل بعض البنوك يمكن أن تتجاوز هذا المستوى بدرجة كبيرة. وبالنسبة إلى «أميركان إكسبريس» و«كابيتال وان فاينانشال»، فإن نحو 20 في المائة من أرصدة بطاقات الائتمان يتوقع أن تصبح سيئة نهاية العام الحالي أو خلال العام المقبل، حسب ما تظهره نتائج اختبار الضغط. ويتوقع أن يتحول 23 في المائة من قروض البطاقات داخل «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» و«جي بي مورغان تشيس» إلى قروض سيئة. ويمكن أن تكون التوقعات الكئيبة للحكومة تهون بدرجة كبيرة من حجم مشكلات بطاقات الائتمان لدى البنوك. وحسب ما تفيد به تقديرات لشركة الاستشارات الإدارة «أوليفر وايمان»، فإن خسائر البطاقات في البنوك الكبرى داخل الولايات المتحدة يمكن أن تصل إلى 141.5 مليار دولار بحلول 2010 إذا ما طبق معدل المنظمين للخسائر على أنشطة بطاقات الائتمان بصورة مجملة. ويمكن أن يصل إلى 186 مليار دولار بالنسبة إلى مجمل صناعة بطاقات الائتمان.

وفي نتائج اختبار الضغط الرسمية، نشر المنظمون الخسائر التي تتكبدها بطاقات الائتمان الموجودة في ميزانيات البنوك. ولم يعكس الرقم 82.4 مليار دولار عنصرا آخر في تحليل المنظمين: عشرات مليارات الدولارات في صورة خسائر مرتبطة بقروض بطاقات الائتمان وضعتها البنوك في صورة سندات وأبعدتها عن ميزانيات البنوك. ومع ذلك، سوف يستوعب جزء من هذه الخسائر المستثمرين من الخارج. وعلاوة على ذلك فإن ذروة معدل البطالة الذي استخدمه المنظمون لتقديم تقديرات الخسائر الخاصة بهم هو تقريبا ما تسير المعدلات الحالية تجاهه في الوقت الحالي. ويشير ذلك إلى أنه إذا وصلت معدلات البطالة إلى مستوى أكثر، فإن خسائر بطاقات الائتمان يمكن أن تصبح أسوأ مما توقعه المنظمون.

ويتوقع العديد من الاقتصاديين أن معدل فقدان الوظائف سوف يرتفع إلى ما هو أبعد. ويشار إلى أنه في يوم الجمعة وصل معدل البطالة إلى 8.9 في المائة بعد فقدان 539,000 وظيفة. والتناسب الطردي بين معدل البطالة ومعدل حسابات مديني بطاقات الائتمان التي يشك في تحصيلها، أو الأرصدة غير القابلة للتحصيل، سببه أن العملاء الذين يخسرون وظائفهم يُحتمل أن يعجزوا عن الدفع. وقامت بنوك بإسقاط متوسط 5.5 في المائة من أرصدة بطاقات الائتمان الخاصة بها في عام 2008، عندما كان معدل البطالة في المتوسط 5.8 في المائة. وبنهاية العام كان معدل إسقاطات بطاقات الائتمان 6.3 في المائة، ولم يتح الاطّلاع على بيانات حديثة. ويتوقع خبراء أن معدل خسائر بطاقات الائتمان يمكن أن يتجاوز في النهاية معدل البطالة بسبب الآثار المركبة لأزمة الإسكان وضعف ثقة المستهلك. وبعد انفجار فقاعة التقنية في عام 2001، وصلت معدلات خسائر بطاقات الائتمان إلى 7.9 في المائة.

وعلى عكس ما حدث في فترات ركود سابقة، فإن حمَلة البطاقات الذي خسروا وظائفهم أخيرا لا يُحتمل أن يكونوا قادرين على سحب الأسهم من منازلهم أو خفض أرصدة التقاعد للمساعدة على دفع ديونهم. ويعني ذلك أن المقترضين الذين يعجزون عن دفع الفواتير الخاصة يحتمل أن يتعثروا، وهو ما يؤدي إلى خسائر أكبر.

وبعد إسقاط نحو 45 مليار دولار في صورة ديون مشكوك في تحصيلها خلال 2008، يستعد مقرضو بطاقات الائتمان لمواجهة العام الأسوأ في تاريخ القطاع. ولن يقف الأمر عند تفاقم الخسائر وحسب، ولكن يوشك المشرّعون على تمرير مجموعة من الإجراءات الصعبة التي تهدف إلى حماية العملاء، ويمكن أن يكون لها أثر مدمر على الأرباح. وخلال الأسبوع الجاري، من المتوقع أن يناقش مجلس الشيوخ مشروع قانون حقوق حمَلة بطاقات الائتمان بعد أن مرر مجلس النواب المشروع الذي صوت لصالحه 357 عضوا من كلا الحزبين مقابل 70 صوتوا ضده. وخلال العطلة الأسبوعية، ضغط الرئيس أوباما على المشرّعين للموافقة على القواعد الجديدة، التي سوف تحد من قدر مُصدِري البطاقات على رفع معدلات الفائدة بصورة رجعية على العملاء كما أنها سوف تفرض عليهم تقليل الرسوم المستترة والعقوبات. ويأمل أوباما أن يوقع على التشريع في يوم الذكرى. وبالنسبة إلى البنوك فإن اقتصادات نشاط بطاقات الائتمان تواجه مشكلات بصورة متزايدة. ومع استمرار الركود نجد أن حمَلة البطاقات يخفضون نفقاتهم بصورة كبيرة. ويصعب الحصول على عملاء جدد لديهم تاريخ ائتماني قوي.

ويغرق معظم المقترضين، الذين يواجهون مشكلات بدرجة كبيرة، في الديون، ولذا نجد أن الشركات لا توجد لديها الرغبة في عقد صفقات لرفع الرسوم المتأخرة وتقليل أرصدة قروض الائتمان. وطبقا لموقع «Moody’s Economy.com» فإن الأسرة الأميركية في المتوسط تكون مرهقة بأعباء بطاقات ائتمان بقيمة 8,400 دولار وديون أخرى متجددة. وتقبل الكيانات الكبرى المصدر لبطاقات الائتمان عددا أقل من المتقدمين، وتضع قيودا على خطوط الائتمان، كما تقوم بإلغاء الأرصدة غير المستخدمة. وتتوقع ميريديث ويتني (محللة مصرفية بارزة) أن يخفض مقرضو بطاقات الائتمان خطط الائتمان التي يقدموها إلى المقترضين بمجمل 2.7 تريليون خلال 2010، ويكافئ هذا الرقم تراجعه بنسبة 57 في المائة في الائتمان الذي أتيح قبل عامين في ذروة الفورة الاقتصادية.

وداخل قطاع البطاقات، تتجه الأعين حاليا إلى الزيادة الحادة في معدل البطالة. ويشير المسؤولون التنفيذيون داخل «سيتي غروب» إلى أن معدل حسابات مديني بطاقات الائتمان المشكوك في تحصيلها كسر «علاقته الهامة مع البطالة». وأشار «أميركان إكسبريس» و«بنك أوف أميركا» و«كابيتال وان فاينانشال» إلى أن معدل الخسائر لديهم خلال الربع الأول يتراوح بين 8.5 في المائة، مقتفيا أثر معدل البطالة. وأعلنت البنوك الثلاثة أنها تتوقع خسائر أكبر خلال الأشهر المقبلة. وتوقعت «خدمات بطاقات تشيس» ارتفاع مستويات الخسائر لتتجاوز معدل البطالة بنهاية العام الحالي. ويقول مسؤولون تنفيذيون مسؤولون عن قطاع بطاقات الائتمان إنه سيكون هناك تحسُّن طفيف إلى أن يستقر الاقتصاد ويكون العملاء متفائلين بدرجة أكبر. ولا تثق كيندي شنايدر، التي تبلغ من العمر 53 عاما، في مصادر تمويلها، فهي لا تحصل على أي أموال من وظيفتها كعميلة عقارات ولا يمكن أن تعثر على عمل في أي مكان آخر، وتم تخفيض ما يتقاضاه زوجها بنسبة 10 في المائة، وتشعر بالقلق بخصوص كيف سيمكنهم رد 5000 دولار في كرت الائتمان الخاص بهم. وعندما رفعت شركة بطاقة الائتمان التي تتعامل معها أخيرا معدلات الفائدة أخيرا لأن شنايدر كانت متأخرة في الدفع ثلاثة أيام، حولت الرصيد إلى بطاقة أخرى بمعدل أقل. وتقول شنايدر: «نقترض من هذا لندفع لذلك».

* خدمة واشنطن بوست خاص («الشرق الأوسط»)