صناعة السيارات: كرايسلر «المفلسة» تنوي الاستغناء عن ربع وكلائها

فيما أعلنت «جنرال موتورز» إغلاق 1100 من وكالاتها

إحدى وكالات «كرايسلر» («نيويورك تايمز»)
TT

أبلغت شركة «جنرال موتورز» الأميركية للسيارات 1100 من وكلاء بيع سياراتها البالغ عددهم 6000 وكيل أنها لن تجدد اتفاقيات التوكيلات عندما ينتهي أجلها في العام القادم.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي الخطوة الأولى للشركة في تقليص شبكة البيع التابعة لها بنسبة 40 في المائة.

وهذا التخفيض هو جزء من تخفيضات أخرى حيث من المتوقع أن تبيع أو توقف إنتاج 4 من ماركاتها: ساترن وهامر وساب وبونتياك. وكانت الشركة قد أبلغت إدارة الرئيس الأميركي أوباما أنها تنوي تخفيض شبكة الوكلاء إلى 3600 توكيل بحلول العام القادم.

وجاء قرار «جنرال موتورز» بعد يوم واحد من إعلان «كرايسلر»، التي أشهرت إفلاسها، أنها تنوي الاستغناء عن 789 من وكلائها البالغ عددهم 3181 وكيلا.

وقد علم بعض أصحاب التوكيلات مثل وارد درينان، الذي يدير الشركة التي أسسها جده الأكبر منذ 101 عام بالقرب من برمنغهام في ألاباما، بمصيرهم من خلال خطابات تلقوها صباح أمس. في هذا الصدد، علق درينان بالقول: «كان حولي حشد صغير عندما فتحت الخطاب، وكانوا جميعا يأملون في أخبار طيبة». يذكر أن درينان، انتقلت إليه ملكية «دون درينان كرايسلر جيب» من والده المريض منذ أيام قلائل فقط. وأضاف: «انتابنا شعور بالصدمة. إن وجودنا في برمنغهام يرجع إلى بداية إنشاء المدينة ذاتها تقريبا، وكنا نبيع السيارات منذ قرابة بداية عهد تصنيعها». يذكر أن درينان، يملك أيضا معرضا للسيارات «بويك» ويساوره القلق حيال إمكانية سحب «جنرال موتورز» توكيلها يوم الجمعة. وترمي إجراءات الخفض التي تنتهجها الشركات إلى تقليص أعداد التوكيلات الهائلة، التي تعد الآن واحدة من بقايا العصر الذهبي لهذه الشركات، الأمر الذي يترتب عليه فقدان آلاف الوظائف داخل مئات المناطق. من جهته، قدر الاتحاد الوطني لتجار السيارات أن كافة إجراءات غلق التوكيلات، بما في ذلك ما أعلنت عنه بالفعل كل من «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، تمثل 187 ألف وظيفة، ما يزيد على عدد الأفراد الذين يعملون لحساب الشركتين داخل الولايات المتحدة. من ناحيته، قال جون مكليني، رئيس الاتحاد: «على الرغم من علمنا بأن هذا الأمر سيحدث، فإنه ما زال بمثابة صدمة لنا أن نرى كل هذه الأسماء بوضوح». وتعكس إجراءات الإغلاق غير المسبوقة الوضع المالي الخطير، الذي تمر به كل من «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، اللتين تعتمدان على القروض الحكومية منذ مطلع العام. إلا أنه من بين العوامل الأخرى وراء هذه الإجراءات حدوث أكبر تراجع في مبيعات السيارات داخل الولايات المتحدة منذ ما يزيد على 225 عاما. وتشير الإحصاءات إلى أنه منذ سنوات قليلة فقط، باع تجار السيارات في الولايات المتحدة بصورة مجملة 16 مليون سيارة سنويا. أما هذا العام، تناضل السوق بجد لتجاوز مستوى 10 ملايين سيارة. وفي هذا السياق، أوضح جيمس إي. بريس، نائب رئيس شركة «كرايسلر»، أنه: «لا تتوافر سوق كافية لاستيعاب جميع هذه التوكيلات». يذكر أن «كرايسلر» تقدمت هذا الشهر بطلب لإشهار إفلاسها، معلنة أنه تقرر إغلاق 789 متجرا بحلول 9 يونيو (حزيران)، ما يعادل ربع إجمالي متاجرها البالغ 3200، وما يكافئ 14 في المائة فقط من مبيعاتها السنوية. على الجانب الآخر، صرحت «جنرال موتورز»، التي تبدو في طريقها للاحتذاء بحذو «كرايسلر»، والتقدم بطلب لإشهار إفلاسها هي الأخرى، بأنها تنوي الاستغناء عن 2600 من التوكيلات الخاصة بها داخل الولايات المتحدة، أو ما يكافئ 40 في المائة، بحلول العام القادم. ومن المتوقع أن تبدأ هذه العملية يوم الجمعة، مع إخطار الشركة لحوالي 1100 من أصحاب التوكيلات بأن الاتفاقات المبرمة معهم لن يتم تجديدها عند انتهائها في أكتوبر (تشرين الأول) 2010. وفي إطار مذكرة تقدمت بها إلى المحكمة، طلبت «كرايسلر» من القاضي المكلف بالنظر في قضية إفلاسها، آرثر جيه. غونزاليس، عقد جلسة استماع في 3 يونيو (حزيران) للسماح للشركة بنبذ «عقودها واتفاقات التأجير غير المنتهية بعد مع تجار محليين محددين».

من جهتها، أعلنت وزارة الخزانة، التي تتولى تمويل «كرايسلر» خلال فترة إفلاسها، في بيان لها أنها: «لم تضطلع بأي دور في تقرير أي التجار، أو عدد التجار» الذين سيفقدون التوكيلات الخاصة بهم. وأضاف البيان: «التضحيات من جانب مجتمع التجار ـ إضافة إلى تضحيات العمال بمجال السيارات والموردين والدائنين وغيرهم من أصحاب المصلحة في «كرايسلر» ـ ضرورية لضمان نجاح هذه الشركة والصناعة برمتها». والملاحظ أن بعض المناطق لم يعد بها أي توكيلات لـ«كرايسلر». على سبيل المثال، أغلقت الشركة التوكيلين الوحيدين اللذين يبيعان «كرايسلر» و«جيب» و«دودج» في ستيلووتر بأوكلاهوما. أما أقرب توكيل لبيع سيارات «كرايسلر» فيقع في غثري، على بعد قرابة ساعة. وعلق داثان في. ويلسون، الذي يملك توكيل «جيب» على وشك الإغلاق، بقوله: «الآن، أصبح على عملائي الانتقال لمسافة 50 ميلا للحصول على خدمات حاصلة على إجازة من «جيب». أعتقد أنهم سيعانون بقدر ما سأعاني». إلا أن «كرايسلر»، من جهتها، أكدت حاجتها إلى التخلي عن التوكيلات ضئيلة الحجم، مثل تلك التي يملكها ويلسون، خاصة عندما تعاني السوق بوجه عام من مستوى الكساد الراهن. وعلق بريس بقوله: «عندما لا يضخ القلب كميات كافية من الدماء، تنفذ الدماء من الشعيرات الدموية في الأصابع أولا، وهي في هذه الحالة المتاجر الصغيرة». في إطار المذكرة التي تقدمت بها إلى المحكمة، أعلنت «كرايسلر» حاجتها إلى تقليص عدد التوكيلات الخاصة بها على نحو بالغ سعيا لزيادة مبيعات معارض السيارات المعنية بها المتبقية، وتعزيز كفاءة عملية التوزيع. في الوقت الحاضر، يبيع توكيل «كرايسلر» في المتوسط 303 سيارات سنويا، مقارنة بـ1292 سيارة لصالح «تويوتا» و1219 بالنسبة لـ«هوندا». على الجانب الآخر، أكد محللون معنيون بالصناعة أن إجراءات الخفض من جانب «جنرال موتورز» و«كرايسلر» كان ينبغي اتخاذها منذ أمد بعيد، نظرا لتراجع مبيعاتهما. في هذا السياق، قال جون كاسيسا، من شركة «كاسيسا شابيرو غروب» الاستشارية بمجال صناعة السيارات: «تعمل هاتان الشركتان حاليا على تعويض ما عمدت إلى تجنبه على امتداد سنوات عدة، إن لم يكن عقودا. وحال عدم استقرار السوق، فإن تلك الإجراءات ربما تشكل مجرد مرحلة أولى».