عبد الله بن زايد: الباب لم يقفل أمام انضمام الإمارات للوحدة النقدية الخليجية

مصدر إماراتي لـ «الشرق الأوسط»: عاتبون على أشقائنا الخليجيين > مصدر خليجي: اختيار الرياض كان الأكثر ملاءمة للخروج من عنق الزجاجة

سعر صرف الدرهم ما زال مربوطا بالدولار الأميركي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن بلاده انسحبت من مشروع الوحدة النقدية الخليجية بسبب عدم اتخاذ الإمارات مقرا للبنك المركزي المشترك.

لكن وزير الخارجية الإماراتي لم يستبعد أن تعيد بلاده النظر في القرار، وقال للصحافيين خلال زيارة يقوم بها للاتفيا: «لا أقول إن الباب قد أقفل. لا شيء ينتهي في السياسة».

وبحسب وكالة «رويترز»، أضاف الوزير: «لكني أقول إننا في الوقت الراهن غير مهتمين، ونعتقد أن الإمارات كانت أفضل مرشح لاستضافة المقر».

وأوضح أن الأمر لا يتعلق باختيار السعودية، بل بعدم اختيار الإمارات، مضيفا أن بلاده مركز مالي وأكثر اقتصادات المنطقة شفافية، مما يجعلها مكانا مثاليا لاستضافة المقر على أرضها.

وقال الشيخ عبد الله بن زايد إن من المعتقد أن قرار مجلس التعاون الخليجي لم يتخذ على أساس الجدارة، بل على أساس مجموعة من العوامل المختلفة. وأضاف أن الإمارات فضلت عدم استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع القرار.

من جانبه، قال سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي، إن بلاده ستواصل القيام بدورها مع «شقيقاتها دول الخليج العربية لتحقيق أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على الرغم من قرار عدم الارتباط بالوحدة النقدية الخليجية، كون الناتج المحلي للإمارات يشكل ثلث الناتج المحلي لدول الخليج» .

وقال الوزير الإماراتي في تصريحات صحافية أمس، إن دور الإمارات مستمر، وإن هناك احتراما متبادلا لوجهات النظر بين جميع دول مجلس التعاون.

وأضاف أن الإمارات تقدر وتثمن العلاقة الأخوية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي تعتبر نفسها جزءا من السوق الخليجية المشتركة.

من جهة أخرى، أوضح مصدر إماراتي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده عاتبة على شقيقاتها دول الخليج الخمس، ليس فقط بسبب عدم اختيار الإمارات مقرا للمصرف الخليجي المركزي، «ولكن أيضا لأن القرارات الخليجية كانت تؤخذ بالإجماع، لكن المفاجأة كانت بأن قرار اختيار الرياض أخذ بالأغلبية.. وهي سابقة تحدث للمرة الأولى في اجتماعات مجلس التعاون».

ووفقا للمصدر الإماراتي الذي كان يتحدث عن قرار بلاده بالانسحاب من مشروع اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، فإن الإمارات عندما تحفظت على قرار القمة التشاورية باختيار الرياض، لا الإمارات، مقرا للمصرف المركزي، «كانت تنتظر على الأقل أن تتم مراجعة التحفظ الإماراتي على هذا القرار، لكن ذلك لم يحدث، أضف إلى ذلك أن القرار اتخذ في قمة تشاورية وليس قمة دورية».

ويشير المصدر إلى المادة التاسعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي، التي تنص صراحة على أن تتخذ القرارات بالإجماع لا بالأغلبية، «لكن المفاجأة كانت حاضرة بأنه تم اتخاذ قرار استراتيجي مثل هذا دون الرجوع للنظام الأساسي للمجلس».

ويقول المحللون إن الاتحاد النقدي الخليجي سيمنح أكبر منطقة مصدرة للبترول في العالم موقعا أفضل للتفاوض مع شركاء التجارة العالميين، وسيوفر لهم مزيدا من المرونة لتغيير السياسة المالية والنقدية.

وقال جون سفاكياناكيس، كبير الاقتصاديين في بنك «ساب» بالرياض: «أعتقد أن الاتحاد سيتم»، وأضاف: «يمتلك الاتحاد الأوروبي قوة هائلة عند الاجتماع بالصين ولا تمتلك ألمانيا القوة نفسها».

وقال: «سيتم التعامل مع منطقة الخليج على أنها تكتل لتجارة النفط، وهو أمر شديد الأهمية، خاصة للدول الأصغر في المنطقة. الإمارات اقتصاد كبير في المنطقة، لكن ليس في العالم».

ويستند الإماراتيون في موقفهم من عدم اختيارهم مقرا للمصرف المركزي الخليجي، لسببين رئيسين، أولهما أن الإمارات ليست مقرا لأي من المؤسسات التابعة للمجلس والبالغ عددها عشرين مؤسسة وهيئة، والسبب الآخر، أن الإمارات هي أول من تقدم بطلب استضافة مقر المصرف الخليجي.

غير أن دبلوماسي خليجي قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول مجلس التعاون الخليجي كانت أمام خيارين، إما أن تبقى مسألة اختيار مقر المصرف الخليجي معلقة من دون اتخاذ قرار فيها، نظرا لرغبة أربع دول استضافة المقر، بينما الخيار الثاني، وهو الأكثر توافقية، وافقت عليه خمس دول، أن تكون الرياض مقرا للمصرف المركزي، وهنا يؤكد الدبلوماسي الخليجي أن الخيار الثاني «كان الأكثر ملاءمة للخروج من عنق الزجاجة للمضي بمشروع الوحدة النقدية دون وأدها والتوقف طويلا عن اختيار المقر».

وأوضح خلفان سعيد الكعبي رئيس مركز الإمارات الاقتصادي رئيس مجموعة «أسكوب القابضة» أن قرار الإمارات عدم الارتباط بالوحدة النقدية الخليجية تزامن في الوقت ذاته بالتزام واضح ببقاء سعر صرف الدرهم مربوطا بالدولار الأميركي مع عدم تغيير السياسة النقدية لدولة الإمارات، «مما يعني عمليا أن الإطار العام للسياسة النقدية للإمارات سيبقى منسجما ومتواكبا مع معايير الوحدة النقدية الخليجية، وبالتالي لن تتوقف جهود دولة الإمارات ودعمها للتكامل الاقتصادي الخليجي».

وتوقع الكعبي أن تتباطأ خطوات التكامل الاقتصادي الخليجي بعد هذا القرار، نظرا للوزن الاقتصادي والنقدي والمالي الذي تشكله دولة الإمارات على مستوى الاقتصاد الخليجي، خاصة على مسألة الوحدة النقدية والعملة الخليجية الموحدة، التي قد تتأجل عملية إطلاقها عن موعدها المحدد في عام 2010 . وخلال اجتماع عقد في الخامس من مايو (أيار) قرر زعماء دول الخليج اختيار الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية مقرا للمصرف المركزي الخليجي المشترك. وتحتضن الرياض أيضا مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، بينما لا يوجد في أبوظبي أي مقر لأي من الهيئات التابعة للمجلس، وكانت الإمارة تتطلع إلى استضافة المصرف المركزي على أرضها منذ سنوات.