البولنديون يتوافدون من هولندا على بريطانيا سعياً وراء فرص عمل

الفرص في بلادهم ليست بأفضل منها قبل عامين عندما غادروها

TT

يبدو أن العمال في هولندا خائفون من فقدان وظائفهم، خلال الأزمة المالية الحالية، إلى درجة أن نصف مجموع العمال الهولنديين، أصبحوا يرغبون في القبول بخفض المرتبات، مقابل ضمان استمرار وظائفهم. فقد أظهر مسح رعته وكالة راندستاد للأعمال المؤقتة أن ثلاثة من كل عشرة عمال يوافقون على خفض مرتباتهم، بنسبة 1 في المائة، بينما وافق اثنان من عشرة على خفض بنسبة 5 في المائة، وقال 14 في المائة من الذين تم استطلاعهم إنهم سيقبلون حتى بخفض يصل إلى نسبة 10 في المائة، مقابل ضمان استمرار وظائفهم. وأظهر المسح أيضاً أن العمال الأكثر تعليماً أكثر رغبة في الموافقة على خفض المرتبات. وكتبت دي تليغراف أن الشباب بشكل عام أكثر خوفاً من فقدان وظائفهم مقارنة بالعمال الأكبر سناً. كذلك ينتاب العمال شك في فرص  العثور على عمل آخر إذا فقدوا عملهم الحالي.

وأن النساء والعمال الأعلى تعليماً أكثر تفاؤلاً بقليل عن غيرهم. كما أدت الأزمة الاقتصادية إلى جعل العمال أكثر إخلاصاً ورغبة في حضور الدورات التدريبية، بما في ذلك إعادة التدريب لأعمال مختلفة. وتقول المؤسسة، التي نفذت المسح، وهي بلاوف ريسيرش، إن التغيّر، الذي طرأ على توجهات العمال يفتح الطريق أمام المزيد من مرونة العمال، وإذا تم توظيف ذلك بشكل صحيح، سيؤدي إلى المزيد من الولاء من قبل العمال. ويأتي ذلك في الوقت الذي أدت الأزمة المالية إلى تدفق البولنديين إلى هولندا من بريطانيا. وذكرت مصادر إعلامية في لاهاي أن أعداد البولنديين، الذين دخلوا إلى هولندا من بريطانيا سعياً وراء فرص العمل، قد بلغت رقماً ضخماً. وكثيرون منهم بدأوا يعودون إلى بلادهم، لكن الفرص في بلادهم ليست بأفضل من قبل عامين عندما غادروها. وحسب المصادر نفسها تمثل هولندا ثاني أفضل مقصد لهم بعد ألمانيا. ويوضح أحد البولنديين، «نحن نفضل الذهنية الحرة، والعمال البولنديون يتسببون في إبعاد العمال الأجانب الآخرين. فهم، كما يوضح أحد زعماء الاتحادات النقابية، يتحدثون انجليزية جيّدة، كما أنهم أقل سعراً وأكثر طاعة، ورغم أن البولنديين يشكون من الأجور المنخفضة، والإيجارات المرتفعة، والفصل من الخدمة في حالة الغياب عن العمل بسبب المرض، إلا أن أكثر ما يخافونه هو الأجور المنخفضة إذا ما تم تنفيذ ما يُسمى بالاتفاقية البولندية للعمل، التي تسمح للعمال الأجانب بالعمل بأجور منخفضة. وما إذا كانوا سيبقون بالبلاد، فهو أمر سيحدده المستقبل القريب». فالبولنديون «مهاجرون يوجدون اليوم وغداً يذهبون». وسبق ان أظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الهولندي، تراجعا في الإقبال على الأسواق والفنادق والمطاعم والمقاهي، مثلما هو الحال في قطاع الالكترونيات. ويقول الخبير الاقتصادي بمكتب الإحصاء ميشيل فيرخير، «إن المستهلكين يرجعون خطوة للخلف». ففي شهر سبتمبر الماضي تراجع ما أنفقه المستهلكون في المقاهي والمطاعم بنسبة 3 في المائة، كما يرى مكتب الإحصاء غيوما سوداء تتجمع فوق قطاعات الإلكترونيات، والأثاث، والملابس.

ويقول السيد فيرخير «لقد تراجع الإقبال في هذه القطاعات لكنه لم ينهر بعد». ومن المتوقع أيضا أن تتأثر مبيعات السيارات نتيجة للأزمة «فالناس لا يزالون يشترون نفس العدد من السيارات، لكن متوسط السعر تراجع». وفي الوقت الذي يرى فيه العديد من المراقبين أن المستهلكين الهولنديين «يحدون من قدرتهم الشرائية»، فالمستهلكون، يتخذون الاستعدادات لمواجهة أزمة اقتصادية. ويشير المعهد القومي لمعلومات ميزانية الأسرة إلى أن الناس يقتصدون من دون أن يشعروا بأي فارق بتأجيل عدد من المصاريف الرئيسية. وليس من المتوقع حدوث استقطاعات كبيرة في الإنفاق قبل أن يخسر عدد كبير من الناس وظائفهم وفي نفس الوقت، يتعرض قطاع النقل، أحد أهم روافد الاقتصاد الهولندي، لخسائر مؤلمة نتيجة للأزمة الاقتصادية.

حيث تظهر الأرقام التي نشرتها هيئة النقل والإمداد في هولندا أن القطاع قد شهد أسوأ 3 أشهر منذ 6 سنوات. حيث ان 46 في المائة من كل الشركات التي تعمل في مجال النقل بهولندا قد شهدت تراجعا في نشاطها مقارنة بعام 2007. كما أن الرقم يرتفع إلى 54 في المائة بالنسبة لشركات النقل ذات التعاملات الدولية. هذا وستضطر ما لا يقل عن 100 شركة إلى إغلاق أبوابها قبل نهاية العام الجاري، وهو ما سيعني خسارة الآلاف لوظائفهم. ويقول ألكسندر ساكيرز مدير هيئة النقل والإمداد في هولندا «سنقدم الدعم والمشورة لشركات النقل عندما يكون الأمر ضروريا. وبالإضافة لذلك فإننا سنطلب من الشركات أن تساعد بعضها البعض، فالتعاون أصبح هو العقيدة الجديدة».