«الاحتياطي الفدرالي»: الانكماش سيكون أكثر حدة من المتوقع.. والبطالة ستطول في أميركا

غرينسبان يرى أن اقتصاد بلاده تحسن > أوباما يصادق على قانونين لمساعدة أصحاب العقارات ومنع الغش المالي

TT

صادق الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس على قانونين يهدفان إلى مساعدة أصحاب العقارات الذين يحاولون تفادي مصادرة أملاكهم ومكافحة جميع أنواع الغش في الإقراض العقاري والغش المالي.

وقال أوباما، خلال مراسم التوقيع في البيت الأبيض، إن مشروعي القانونين المنفصلين، «قانون مساعدة الأسر في الحفاظ على منازلها» و«قانون مكافحة الغش»، يهدفان إلى حماية الأميركيين الكادحين، والقضاء على أولئك الذين يسعون للاستفادة منهم، وضمان أن المشكلات التي أدت إلى هذه الأزمة لن تتكرر ثانية.

ويعتمد قانون الإسكان على التشريع السابق لمنع مصادرة العقارات وذلك من خلال إزالة العديد من العراقيل الإدارية وتوسيع خيارات التمويل لأصحاب المنازل بنوعيات معينة من القروض التي تدعمها الحكومة وحماية المستأجرين ممن يواجهون خطر الطرد عند تأخر ملاك الوحدات الخاصة بهم عن تسديد أي أموال.

أما قانون الغش فسيعمل على مكافحة غش الشركات والعقارات من خلال زيادة جهود الحكومة في مكافحة الاحتيال، حيث سيتم تشكيل لجنة حكومية للنظر في أسباب الأزمات العقارية والمالية التي أسهمت في انكماش الاقتصاد الأميركي وحالة الركود العالمي.

من جهة أخرى توقع الاحتياطي الفدرالي الأميركي أن يكون تقلص الاقتصاد في الولايات المتحدة أكثر حدة مما هو متوقع وانطلاق النشاط الذي يؤمل أن يبدأ قبل نهاية العام، بطيئا، مشيرا إلى أن البطالة الكثيفة ستدوم حتى 2011 على الأقل. وقال الاحتياطي الفدرالي (المصرف المركزي الأميركي) إن إجمالي الناتج الداخلي في أكبر اقتصاد في العالم سيتقلص بنسبة 1.3% إلى 2.0% في عام 2009. وكانت توقعاته السابقة العائدة لشهر فبراير ( شباط) تشير إلى تقلص بنسبة 0.5% إلى 1.3%. وفي حال حصول أسوأ السيناريوهات، فإن التدهور السنوي في إجمالي الناتج الداخلي سيكون الأكبر المسجل في الولايات المتحدة منذ 1946. وهذه التوقعات التي أحبطت الحماسة التي كانت سائدة منذ عدة جلسات في بورصة وول ستريت، ملحقة بالبيان الصادر عن اجتماع لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي في 28 و29 أبريل(نيسان). وبحسب الاحتياطي الفدرالي، فإن أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي لفتوا إلى مؤشرات تباطؤ في الانكماش منذ أبريل بعد ثلاثة فصول متتالية من التراجع في إجمالي الناتج الداخلي. لكنهم «يتوقعون عموما تحسنا تدريجيا لأن القوى السلبية التي تلقي بثقلها على الاقتصاد يمكن ألا يتفكك تأثيرها ألا ببطء»، حسبما ذكر البنك المركزي. وهكذا لن يسجل الاقتصاد الأميركي سوى نمو من 2.0% إلى 3.0% في 2010 ومن 3.5% إلى 4.8% في 2011، ولن يسجل ما بين 2.5% إلى 3.3% في 2010 وما بين 3.8% إلى 5.0% في 2011 كما كان يأمل الاحتياطي الفدرالي حتى الآن. وكما أوضح رئيسه بن برنانكي في بداية الشهر، فإن الاحتياطي الفدرالي يخشى أن تواصل التسريحات من العمل ارتفاعها بشكل خطير. وقد يرتفع معدل البطالة البالغ الآن 8.9%، أي الأعلى منذ 25 عاما، إلى 9.6% في 2009 وقد يكون أيضا بين 7.7% و8.5% في 2011، أي أعلى بكثير من الهدف الذي ينشده البنك المركزي الأميركي على المدى الطويل وهو بين 4.8% و5.0%.وهذا الارتفاع في معدل البطالة سيكون مثل السيف المسلط على الاقتصاد لأنه قد «يقضي»، بحسب رأي لجنة السياسة النقدية، على تحسن استهلاك الأسر والاستثمارات في السكن وهما مكونان أساسيان في عملية النمو. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية اعتبر معظم أعضاء لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي من جهة أخرى أن مراجعة توقعاتهم مجددا قد تشير إلى تراجعها وأن الاقتصاد لن يكون متوافقا مع أهداف البنك المركزي في مجالات النمو والبطالة والتضخم على المدى الطويل قبل خمسة أو ستة أعوام. ويكرر البنك المركزي الأميركي في هذه المناسبة القول إن النمو المحتمل في الاقتصاد على المدى الطويل سيكون بين 2.5% إلى 2.7% سنويا. وفي ما يتعلق بالتضخم، اعتبر البنك المركزي أنه سيكون بين 0.6% و0.9% هذه السنة. إلا أن التضخم قد لا يسجل، بسبب ضعف النشاط، سوى 0.9% إلى 1.7% في 2011، أي ما دون الهدف الذي توقعه المسؤولون في البنك المركزي على المدى الطويل (1.7% إلى 2، 0%). والتوقعات الجديدة للبنك المركزي أقل تشجيعا من الفرضية التي أطلقها البيت الأبيض بالنسبة إلى موازنة الدولة (تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1.2% في 2009)، ما دعا إلى الخشية من أن تكون الفجوة المالية أسوأ من العجز الكبير البالغ نحو 1840 مليار دولار المتوقع في موازنة 2008ـ2009 التي ستنتهي في نهاية سبتمبر. ويخشى أن تؤدي هذه التوقعات أيضا إلى تأجيج المخاوف حيال سلامة البنوك الأميركية. وبالفعل، فإنه إذا ما تم تنفيذ اختبارات المقاومة التي فرضت على البنوك التسعة عشر الأكبر من بينها، بحسب سيناريو نشاط اقتصادي أسوأ من توقعات الاحتياطي الفدرالي، فإن الفرضية المتوقعة للبطالة (8.9% في أسوأ تقدير في نهاية 2009) تكون قد أصبحت على ما يبدو أكبر من ذلك.

يأتي هذا فيما نقلت نشرة بلومبرغ أمس عن الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي ألان غرينسبان قوله إن الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية تحسنت ولكنه حذر من أن البنوك تواجه نقصا في رأس المال مما قد يؤدي إلى تعثر الإقراض وعرقلة الانتعاش. وقال غرينسبان في مقابلة نشرت على موقع بلومبرغ على الانترنت «لا شك في أن الأمور تحسنت. وقد تحسنت في شتى أنحاء العالم. وهذا أمر رائع». لكنه أضاف «لا تزال هناك احتياجات كبيرة جدا لرأس المال في النظام المصرفي التجاري في الولايات المتحدة وينبغي تمويلها». وتأتي تصريحات غرينسبان بعد أن أصدرت وزارة الخزانة الأميركية وكبرى المؤسسات التنظيمية للقطاع المصرفي في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر نتائج اختبار لقدرة البنوك على تحمل الأزمات وذلك بناء على سيناريو يفترض تفاقم الكساد الاقتصادي. وأظهرت الاختبارات أن هناك عجزا مشتركا في رأس المال يبلغ 74.6 مليار دولار لمجموعة من عشرة بنوك. ويتعين على كل واحد من البنوك العشرة تقديم خطة لزيادة رأس المال بحلول الثامن من يونيو (حزيران) وسيكون أمامه حتى التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) لتنفيذ الخطة. ووفقا لنشرة بلومبرغ فقد قال غرينسبان أيضا أن أزمة الرهن العقاري قد تتفجر مرة أخرى وأن الأزمة المالية لم تنته بعد. كما حذر غرينسبان الذي كان رئيسا للبنك المركزي الأمريكي حتى عام 2006 من المخاطر الناجمة عن الهبوط المستمر في أسعار المساكن الذي يهدد ملايين المقترضين. وقالت نشرة بلومبرغ إن غرينسبان يتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بمعدل سنوي يبلغ واحدا بالمائة في الربع الثاني.