وزير الطاقة الأميركي: نحن بحاجة إلى أسعار نفط مستقرة.. وارتفاع الأسعار يبقينا في حالة ركود عالمي

تشو أكد التزام بلاده بـ«التحرك أولا» لمواجهة التغيير المناخي وتخصيص 30 مليار دولار للاستثمار بتقنيات بديلة

TT

شدد وزير الطاقة الأميركي ستيفن تشو على أهمية استقرار أسعار النفط، محذرا من تأثير تأرجحها على الاقتصاد، وعلى جهود مكافحة التغيير المناخي. وقال تشو، خلال لقاء مع مجموعة صغيرة من الصحافيين في مستهل زيارته إلى لندن أمس «نريد أسعارا مستقرة لأسباب عدة، أولها أن العالم يواجه أزمة اقتصادية شديدة، وارتفاعا في أسعار النفط، وهذا غير ملائم تماما الآن، لأنه من الضروري أن نخرج من هذه الأزمة الاقتصادية». وأضاف «سعر النفط حاليا حوالي 60 دولارا للبرميل. ولا نريد أن ينهار هذا السعر، لأن انهيار السعر سيقتل الاستثمار في مصادر طاقة بديلة ومتجددة». وامتنع تشو عن تحديد سعر معين مناسب للنفط، قائلا: «لا أعرف ما هو السعر المناسب، ولكن إذا كان هناك سعر مستقر.. وحتى في السعر الحالي اليوم يمكن توليد استثمارات جدية» في تقنيات الطاقة النظيفة والبدائل عن النفط. ويزور تشو، الحاصل على جائزة «نوبل» في علوم الفيزياء لعام 1997، لندن للمشاركة في اجتماع دولي يحضره أكثر من 20 من الحاصلين على الجائزة المرموقة، لبحث سبل مكافحة التغيير المناخي. وتعهد الوزير الأميركي أمس بأن «وزارة الطاقة ستكون عاملا أساسيا في دفع الولايات المتحدة تجاه مستقبل طاقة مستدامة». وأشار إلى حرص إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على تعيين العلماء والأخصائيين في وزارة الطاقة، للإشراف على نقل الاقتصاد الأميركي من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الاعتماد على مصادر طاقة متجددة، قائلا «تم اختيار المسؤولين، ليس بناء على مواقفهم السياسية، بل على خبرتهم التقنية». ويذكر أن أوباما قد تعهد خلال حملته الرئاسية بتقليص اعتماد الولايات المتحدة على النفط من دول خارجية، وبشكل أخص من دول الشرق الأوسط، وفنزويلا. وعبر تشو عن الحيرة تجاه تحديد أسعار النفط واستقرارها، قائلا «لا نريدها أن تتصاعد بسرعة، لأن ذلك سيُبقي العالم في ركود جدي، ولا نريدها أن تنخفض بشدة، لأن ذلك سيقتل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة». وأضاف «نحتاج إلى الاستقرار. أما كيف نصل إليه؟، فذلك يعتمد على أن يتخذ الناس وجهة نظر بعيدة الأمد، وأن يستثمروا على المدى البعيد المطلوب لتطوير مصادر طاقة جديدة». وتابع، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب جدا استقرار الأسعار. علينا تشجيع العقود البعيدة الأمد، وتشجيع اتخاذ النظرة البعيدة الأمد، من خلال تطوير وقود للنقل، مثل السيارات الكهربائية، وعدم الاعتماد على مصدر واحد للوقود. هذا أمر مهم». واعتبر أن «هذا النقاش جدي للغاية، فلا نريد أن تتأرجح أسعار النفط في الوقت الراهن». واعتبر تشو أنه من الضروري «عمل كل ما بوسعنا» لمكافحة التغيير المناخي، من توفير الطاقة إلى تطوير تقنيات جديدة ومصادر طاقة متجددة. وقال «لا يمكن حل هذه المشكلة فقط من خلال توفير الطاقة، ولكن من دون التوفير يزيد العبء علينا في محاولة البحث عن مصادر جديدة للطاقة النظيفة». وأضاف «هناك مجال كبير لعمل أفضل في مجال الطاقة في الولايات المتحدة، ولنأخذ البنايات على سبيل المثال، حيث يمكن خفض استهلاك بناية تجارية للطاقة بنسبة 80 في المائة في الوقت الحالي»، موضحا أنه من الممكن تسديد أي استثمار في هذا المجال خلال 15 عاما من خلال صرف تكاليف أقل على الطاقة. وتابع قائلا «فرص التوفير هائلة، وعلينا التركيز عليها، وعلينا أن نعمل على توفير الطاقة، وأيضا تطوير مصادر الطاقة الأخرى». ولفت تشو إلى خطوات ملموسة يمكن اتباعها لتوفير الكهرباء، على رأسها «صبغ أسطح جميع المنازل باللون الأبيض، مما يوفر في استخدام التكييف الكهربائي خلال الصيف بنسبة بين 10 و15 في المائة». وحول ما إذا كان يريد بالفعل ذيوع فكرة صبغ أسطح البنايات باللون الأبيض، قال «نعم، أتمنى ذلك». ولفت إلى أن البنايات في الولايات المتحدة تشكل 40 في المائة من استخدام الطاقة في البلاد.

وامتنع تشو عن الحديث حول مشروع القرار الذي يدرسه الكونغرس حاليا لحماية البيئة، والتقليص من الانبعاثات الغازية، مجيبا على سؤال حول مشروع القرار بقوله «لست محللا سياسيا». وبموجب مشروع القرار الذي تقدم به النائبان الأميركيان هنري واكسمان، وإدوارد ماركي، سيكون على الولايات المتحدة خفض نسبة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 17 في المائة من مستويات عام 2005 بحلول عام 2020. وهذه النسبة أقل من تلك التي تطالب بها جهات عدة مهتمة بحماية البيئة، إذ إن دولة مثل ألمانيا قالت إنها ستخفض نسبتها بقدر 40 في المائة، إلا أن تشو قال أمس «هناك هوس زائد بالنسب. المهم هو أن يكون هناك تحرك. يوجد نقاش مطول حول الأهداف، ولا أعرف نسبة الدول التي حققت أهدافها السابقة. المهم أن الولايات المتحدة تريد خفض النسبة بأكبر قدر ممكن، وسنعمل بالسرعة التي نستطيعها». وأضاف «سأعمل على دفع التقنيات، وخاصة تلك المتعلقة بتوفير الطاقة، التي ستكون جزءا مهما من خفض نسبة الكربون في البيئة». وردا على تساؤلات حول تراجع التزام الإدارة الأميركية الحالية تجاه البيئة، مع تقليل النسبة المطلوبة في خفض الانبعاثات الخطيرة، قال «آمل أن يرى الناس التغيير في عمل الولايات المتحدة»، بعد أن كانت الإدارة الأميركية السابقة تحت رئاسة الرئيس السابق جورج بوش مترددة في معالجة قضايا البيئة والحرص على المصالح المتعلقة بقطاع النفط. وأضاف «لديّ فرصة للاستفادة من 30 مليار دولار من الاستثمارات في وزارة الطاقة، والكثير من تلك الأموال للتقنيات الجديدة، وأحرص على أن تستثمر الأموال بالطريقة الصحيحة». وتضاف الـ30 مليار دولار من أموال تحفيز الاقتصاد إلى ميزانية وزارة الطاقة الأميركية، وهي 26 مليار دولار. وحول القمة المرتقبة في كوبنهاغن في نهاية العام الحالي، والمطالب من الصين للمساعدة في مكافحة الانبعاثات الضارة، قال تشو «الرئيس الأميركي باراك أوباما كان واضحا.. حان الوقت لتحرك الولايات المتحدة». وأضاف «كدولة أكثر تطورا، علينا أن نتحرك أولا، ونحن نأمل أن تلحقنا الصين، فالقيادة الصينية تعلم جيدا تأثيرات التغيير المناخي».