تقارير سعودية تكشف عن عوامل تراجع في ثقة القطاع الخاص رغم قوة المشهد الاستثماري

«ساب» و«الأهلي كابيتال»: إمكانات نمو هائلة في القطاعات الاقتصادية و3 مسببات تحدد منظور النصف الثاني من العام

مؤشرات المشهد الاستثماري قوية في السعودية للقطاعات الاقتصادية الرئيسية من بينها صناعة البتروكيماويات. (تصوير: «الشرق الأوسط»)
TT

أفصحت تقارير مصرفية في السعودية، حصلت عليها «الشرق الأوسط»، عن وجود تراجع في مؤشر ثقة القطاع الخاص المحلي على الرغم من قوة المشهد الاقتصادي وتوقعات بنمو ملموس في القطاعات الاقتصادية الرئيسية، مفيدة أن هناك 3 عوامل تحدد منظور توقعات النصف الثاني من عام 2009.

وكشف مؤشر ثقة الشركات الذي تعده الدائرة الاقتصادية في البنك السعودي البريطاني (ساب) عن تراجع طفيف قوامه 1.1 في المائة ليصل إلى 88.3 بعد أن كان 89.2 في المائة في معدل ثقة قطاع الأعمال لتوقعاتهم خلال الربع الثاني من العام الجاري الذي لم ينقض بعد.

وأعاد المؤشر مسببات ذلك إلى التوقعات المسبقة حول النمو في قطاع الأعمال للنصف الثاني من العام الجاري، إضافة إلى التصاعد المتهور في أسعار النفط خلال الأسابيع المنصرمة، وأخيرا انتعاش سوق الأسهم المحلي مقرونا ببوادر تباطؤ الاقتصاد العالمي حيث بدأ يتجه نحو الهدوء وعدم التوصل إلى المراحل الأعنف.

وذكر التقرير الذي أعده الدكتور جون إسفيكناكيس كبير الاقتصاديين، وتركي الحقيل محلل الأبحاث الاقتصادية من بنك «ساب»، أن 51 في المائة من الشركات تتوقع نموا في أعمالها خلال الربعين المقبلين، بينما أشار 43 في المائة من العينة إلى توقعات بتنامي معدل الطاقة الإنتاجية.

وأفصح التقرير عن تجنب شريحة واسعة من الشركات الاقتراض من القطاع البنكي الذي لديه سيولة عالية، مفيدا أن 22 في المائة من العينة تتوقع ألا تكون عمليات الإقراض ملحة خلال هذه المرحلة.

وأوضح تقرير المؤشر الذي ضم 951 شركة من قطاع الأعمال السعودي، أن قطاع الأعمال يتوقع مزيدا من انخفاض التضخم مما يعزز الثقة في الاقتصاد العام، مفصحين عن أنهم سيسايرون ذلك التراجع بخفض الأسعار مستقبلا. وأفاد 47 في المائة أن الأسعار ستبقى خلال الربع الجاري رغم أن 5 في المائة منهم غير متأكدة بينما بقيت شريحة 14 في المائة تتوقع نمو الأسعار.

وتنبأ التقرير ضمن تقديرات المؤشر بتراجع أسعار العقارات وليس المساكن حيث يرى أن التعاملات التجارية في العقار ستنخفض في وقت كان سجل تراجعات تقدر بنحو 20 في المائة خلال الربعين الماضيين.

ويرى المؤشر أن الربعين المقبلين سيكونان سارّين للعاملين وغير سارّين للشركات، حيث لا تزال الشركات في طلب كبير على الموارد البشرية في حين يتنامى الطلب على العمالة الماهرة، لافتا إلى أن 11 في المائة فقط لا يتطلعون إلى عمالة ماهرة.

أمام ذلك، يرى تقرير مصرفي آخر أن المشهد الاستثماري في المملكة يمثل فرصة مغرية للمستثمرين في كافة القطاعات الاقتصادية الرئيسية، موضحا أن البيئة الصناعية والمالية والاتصالات والتجزئة تمثل أحد أبرز المجالات الواعدة.

وأطلقت أول من أمس شركة «الأهلي كابيتال» مرجعا شاملا للمستثمر في السوق السعودية تضمن دراسة شاملة عن البيئة الاقتصادية المحلية جاءت واصفة لواقع قوي مستند على سياسات عامة متينة وبالتالي رؤية مستقبلية متفائلة.

وبني الدكتور يارمو كوتيلين، كبير الاقتصاديين بـ«الأهلي كابيتال»، في تقييمه للسعودية كوجهة استثمارية ذات جاذبية ونمو، على 3 عناصر رئيسية، تركزت في الاحتياطيات القوية من عائدات النفط، والإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية، بالإضافة إلى حجمها الكبير وأهميتها الإقليمية، مما يجعلها محل ثقة المستثمرين.

وأفاد كوتيلين ضمن وصفه لمكامن قوة الاقتصاد بأن سوق المال السعودية تعتبر حجر الأساس لأسواق المال بمنطقة الخليج، لما تمثله من حجم يزيد على 45 في المائة من إجمالي حجم السوق الخليجية إضافة إلى كونها أكبر سوق بالمنطقة من ناحية السيولة بمتوسط قيمة تداولات يومية قوامها 2.9 مليار دولار حتى عام 2008.

أمام ذلك، أوضح برافن راجندران، محلل مالي أول بـ«الأهلي كابيتال» أن القطاع المالي يعد أحد أوجه القوة الاستثمارية في المملكة، حيث اعتبر البنوك السعودية الأقوى بالمنطقة لما تتمتع به من معدلات كفاية رأس مال عالية ومراكز مالية مدعمة بشكل متميز، مفيدا أن من شأن انخفاض معدلات الانتشار في مجال الخدمات البنكية والنمو السكاني المطرد أن يكونا عاملين محفزين لنمو سوق الائتمان بالمملكة على المدى البعيد.

ويؤمن راجندران أن صناعة البتروكيماويات في السعودية تحظى بإمكانيات نمو أفضل، مقابل مثيلاتها حول العالم وذلك بفضل توفر عناصر الإنتاج بشكل منافس ومصانع حديثة نسبيا والتوسع في الطاقات الإنتاجية مما ينتج عنه اقتصاديات الحجم.

وعد راجندران قطاع الاتصالات من بين دعائم القوة الاقتصادية في المملكة، حيث يرى أنه قطاع يشهد مستويات انتشار منخفضة، وهي ما ستقوم بدور النمو، يدعمها الارتفاع القوي للطلب على أجهزة الجوال من قبل الغالبية الشابة لسكان المملكة، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج القومي، وزيادة شعبية الخدمات ذات القيمة المضافة.

ولم يتجاهل خبراء شركة «الأهلي كابيتال» النمو القوي الذي يشهده قطاع تجارة التجزئة، بالإضافة إلى أسباب النمو المرتكزة في الزيادة المطردة في عدد السكان وارتفاع القوة الشرائية لدى المستهلكين الأفراد، وزيادة الاهتمام بالعلامات التجارية العالمية التي تقود معدل إنفاق المستهلك بالمملكة نحو الارتفاع.