قواعد اللعبة !!

TT

لكل لعبة قواعد تتبع، فـ«كرة القدم» على سبيل المثال لها قواعد معينة من يخالفها يعاقب وفق جزاءات متصاعدة. ويمكن لهذه القواعد أن تتغير سواء على مستوى التشريع أو اللعب، وذلك يأتي نتيجة مستجدات آنية أو ملاحظات متكررة أو دخول لاعبين جدد على مستوى اللعبة مثلما حاول الأمريكان جعل أشواط المباراة أربعة بدلا من اثنين للاستفادة من الإعلان. سوق الأسهم لها قواعد معينة بعضها ثابت وبعضها متغير، ومما لاحظت في الآونة الأخيرة أن قواعد اللعبة في سوق الأسهم تغيرت. ففي التسعينات الميلادية كان هناك قادة للسوق يتحكمون في توجهها وقد خرج بعضهم من السوق، إما نتيجة الجهل أو التهور. وفي العقد الأول من الألفية الثانية برز قادة جدد للسوق جلهم من الشباب الطامحين في الثراء والمتعلمين أحيانا والجهلة بالسوق أحيانا أخرى. وقد قاد هؤلاء السوق، سواء بشكل كلي أو جزئي، ومارسوا نفوذا عليها إلى درجة وصل بهم الأمر إلى أنهم حينما يقولون ستتراجع السوق غدا فعلا تتراجع، وحينما يقولون إنها ستصعد غدا تستجيب لقولهم وهذا أمر طبيعي فلكل شيء قادة حتى أسراب الطيور لها قادة وحينما يقتل قائد يُنصب السرب قائدا آخر. ما استرعاني في الآونة الأخيرة أن مؤشر سوق الأسهم السعودية سجل نقطة متدنية بلغت 4130 نقطة في 9 مارس (آذار) الماضي، وروج كثيرون أن السوق ستهبط أو إلى مزيد من الهبوط ولكن السوق عاكست ما قالوا وبدأت بالصعود ليصل المؤشر إلى 6100 نقطة في 23 مايو (أيار) الماضي. وبدأ قادة الرأي القدامى يروجون أن السوق ستهبط وبقوة وأن الأفضل أن يخرج المتعاملون من السوق ليضاعفوا محافظهم بعد تراجع السوق ووصولها لنقاط إغلاق متدنية. وكان ذلك يتم بوسائل شتى منها المكالمات الهاتفية والشخصية والرسائل الهاتفية واستخدام شبكة الانترنت. ورغم استخدام كل الوسائل الممكنة لترويج هذه الشائعة لم تهبط السوق، أتدرون لماذا؟ لأن قواعد اللعبة تغيرت فمثلما انتهى دور قادة التسعينات انتهى في نظري دور قادة العقد الأول من الألفية الثالثة. وذلك بسبب انتشار بيوت الخبرة ونشوء شركات الاستثمار المالية، واستثمار صناديق أجنبية في السوق السعودية، ووعي المستثمرين السعوديين بشركات السوق سواء بالخبرة أو التعلم. كل ذلك غير قواعد اللعبة وجعل التحكم بمسار السوق دون عوامل ومؤثرات اقتصادية حقيقية وبفعل أهواء شخصية ـ كأن يكون من يرجف قد قام ببيع ما لديه ويريد أن يشتري أو العكس ـ أمرا مستحيلا، لتغير قواعد اللعبة لذلك لا تصدقوهم.

* كاتب اقتصادي [email protected]