«المركزي اللبناني»: لبنان يحتل المرتبة الأولى عربيا في لائحة مجلس الذهب العالمي

الموجودات من العملات الأجنبية بلغت رقما قياسيا وصل 23 مليار دولار

مصرف لبنان (البنك المركزي اللبناني) («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن النائب الأول لحاكم مصرف لبنان المركزي رائد شرف الدين أن لبنان يتبوأ المرتبة الأولى عربيا و17 عالميا في لائحة مجلس الذهب العالمي، واعتبر أن الهندسات المالية التي اعتمدها مصرف لبنان المركزي أثبتت فعاليتها وجدواها.

نظمت الجمعية اللبنانية لإدارة الأعمال لقاء مع شرف الدين لمناسبه تعيينه نائبا لحاكم المصرف المركزي، حيث ألقى محاضرة بعنوان «دور مصرف لبنان في تحفيز النمو الاقتصادي». بدأها بعرض تاريخي للقرارات الدولية التي صدرت في عشرينات القرن الماضي وكرست للمرة الأولى الاعتراف الدولي بضرورة إنشاء المصارف المركزية على نطاق دولي.

ثم انتقل إلى المقارنة بين مهمة المصارف المركزية المحورية في التدخل في سوق القطع خلال نظام سعر الصرف الثابت الذي أرست دعائمه اتفاقيات «بروتون وودز» ابتداء من عام 1944 وكيف أصبحت أكثر تعقيدا في ظل نظام سعر الصرف القائم الذي بدأ عام 1971 بعد أن فك الارتباط ما بين الدولار والذهب. «ثم تفاقمت التعقيدات منذ الثمانينات بفعل النمو المضطرد للأدوات المالية وللأسواق المالية المعولمة وتلاحق الأزمات، ومنها ما كان معديا، وحصول الاكتشافات المتلاحقة في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واتساع رقعة تبني آليات السوق وتحرير القيود أمام تأدية الخدمات المصرفية والمالية».

ورأى «أن التطورات السابقة قد أفضت إلى ترسيخ وظيفة المصارف المركزية في ضمان استقرار الأسعار واحتواء التضخم وإلى تكليفه بمهمة جديدة هي تأمين سلامة أنظمة الدفع والتسوية». ثم انتقل إلى عرض تجربة مصرف لبنان منذ إنشائه عام 1964 كشخص معنوي من القانون العام يتمتع بالاستقلال المالي ولا يخضع لقواعد الإدارة وتسيير الأعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام، وعدد أربع مهام رئيسية للمصرف هي:

المهمة الأولى؛ تحقيق الاستقرار في سعر صرف الليرة اللبنانية، وتبرز أهميته راهنا في إنجاح آلية أي برامج إصلاح مالي هادف إلى خفض العجز والمديونية بما فيه الخصخصة.

وأوضح «أن السياسة النقدية التي اعتمدت قبل 1973 تركزت على تعزيز الاحتياطات من الذهب، وبفضلها يتبوأ لبنان حاليا المرتبة الـ17 عالميا على لائحة مجلس الذهب للدول لجهة ما تملكه من احتياطي ذهبي، والمرتبة الأولى عربيا. ويبلغ حجم هذا الاحتياط 286.8 طن ذهب تقدر قيمتها حاليا بنحو 8.5 مليار دولار أميركي».

وأضاف: «منذ التسعينات تنوعت وسائل مصرف لبنان في تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف: تحقيق معدلات نمو معتدلة للكتلة النقدية، تدخل مدروس في سوق القطع، دون الإعلان عن حجم التدخل، مع الاعتماد على السوق لتحديد سعر صرف الليرة، تقييد تعامل المصارف والمؤسسات المالية غير المقيمة بالعملة اللبنانية مع المصارف والمؤسسات المالية المقيمة، تنظيم شروط اكتتاب المؤسسات غير المقيمة بسندات الخزينة بالعملة اللبنانية، اعتماد نظام المناقصة لتحديد الفوائد على جميع فئات سندات الخزينة، إصدار شهادات إيداع بالليرة اللبنانية لسحب فائض السيولة من السوق وبالعملات الأجنبية لتدعيم موجودات المصرف المركزي بهذه العملات وخلق أداة إضافية لتعزيز أسواق رأس المال وفرص استقطاب التحاويل إلى لبنان، تحديد السندات المصرفية القابلة للحسم والقيام بعمليات (سواب) لمد آجال استحقاق سندات الخزينة عند الاقتضاء».

وأشار إلى أن مصرف لبنان يفرض حاليا نسب احتياطي إلزامي ملائمة على الودائع لدى المصارف بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية لمساعدته على الإدارة الفعالة للسيولة والتسليف وتحقيق المنافسة بين التسليف بالعملة الوطنية وبالعملات الأجنبية ودعم دوره كمقرض أخير ولو بعملة غير عملته الوطنية».

وذكر أن الإجراءات والهندسات المالية التي اعتمدت منذ التسعينات لترسيخ الاستقرار في الأسعار أثبتت فعاليتها وجدواها بالتجربة مرات عديدة، آخرها الأزمة المالية العالمية الراهنة، حيث تشير الإحصاءات إلى تدخل مصرف لبنان مشتريا 8 مليارات دولار خلال العام الفائت ونحو 3 مليارات دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، الأمر الذي رفع موجوداته من العملات الأجنبية إلى رقم قياسي بحدود 23 مليار دولار أميركي.

ثم انتقل إلى الحديث عن المهمة الأساسية الثانية المندوب لها مصرف لبنان، وهي تأمين قطاع مصرفي سليم، فأشار إلى اتخاذ المصرف منذ التسعينات عددا من القرارات هدفت إلى تأهيله لمواكبة العولمة والانخراط في الأسواق الإقليمية والدولية والاتفاقات الدولية، ومنها الشراكة الأوروبية المتوسطية ومنظمة التجارة العالمية. والنموذج المرتقب عالميا لنظام مالي أكثر حصانة لن يكون له تأثير جوهري على منهجية العمل في لبنان، إذ سيكون هذا النموذج قريبا مما هو قائم ومعمول به. وفي ما خص المهمة الأساسية الثالثة لمصرف لبنان، ذكر أنها تتعلق بتنظيم وتطوير أنظمة الدفع والتسوية، وأهم إجراءات المصرف في هذا المضمار وضع شروط تنفيذ العمليات المصرفية والمالية بالطرق الإلكترونية.

وأخيرا عرض للمهمة الأساسية الرابعة لمصرف لبنان وهي تطوير الأسواق النقدية والمالية.