استطلاع للرأي يرسم صورة قاتمة لتوظيف الشباب في العالم العربي

100 مليون وظيفة جديدة على مدى العقدين المقبلين

TT

أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسه «غالوب» الأميركية أن فرص عمل الشباب في العالم العربي تبدو قاتمة، في الوقت الذي يتعين فيه على الحكومات العربية إيجاد ما يقرب من 100 مليون وظيفة على مدى العقدين المقبلين، وفقا لتقديرات دولية.

وتشير بيانات دولية إلى أن نسبة من تقل أعمارهم عن 15 عاما في الوطن العربي تقدر بثلث إجمالي عدد السكان البالغ نحو 330 مليون نسمة، فيما يزيد إجمالي عدد أفراد الفئة العمرية (15 إلى 29) عن 100 مليون نسمة، بما يعني أن ثلثي عدد السكان في الوقت الحالي تقل أعمارهم عن 30 عاما.

ويأتي الاستطلاع، الذي أطلق عليه اسم «مؤشر صلتك: أصوات شباب العرب»، في خضم تحول سكاني ملحوظ يشهده العالم العربي، الذي بات مجتمعا فتيا في وقت تبحث فيه بعض المجتمعات الغربية عن حلول لمواجهة مشكلة الشيخوخة.

وشمل المسح، الذي أجري في الفترة من منتصف فبراير (شباط) إلى أوائل أبريل (نيسان) من العام الحالي، 8597 شابا، تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما عبر 19 دولة من الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية.

وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن معظم من شملهم الاستقصاء أفادوا بأن الوقت الراهن ليس مناسبا للبحث عن فرص عمل في بلدانهم، فيما ذكر 17 في المائة فقط من المصريين، و15 في المائة من اللبنانيين، و9 في المائة من الفلسطينيين أن الوقت الراهن (وقت إجراء الاستطلاع) موات للعثور علي فرصة عمل.

وركز الاستطلاع، الذي تم بالتعاون بين مؤسستي «صلتك»، و«غالوب»، وكشف النقاب عن نتائجه في ختام فعاليات «قمة صلتك 2009» الثانية، التي عقدت الأسبوع الماضي في العاصمة القطرية، على وجهات نظر الشباب العربي بشأن قضية خلق فرص العمل، والعوائق التي يرون أنها تعترض سبيل نجاحهم.

ومع تقلص عدد الوظائف المتاحة في معظم أرجاء المعمورة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، أبدى 58 في المائة ممن شملهم الاستطلاع في العالم العربي استعدادهم للانتقال إلى العيش في بلد آخر، إذا أتيحت لهم فرصة عمل مناسبة .

وأجمع معظم من شملهم المسح على استشراء ظاهرة «الواسطة»، وأهمية اللجوء إلى أشخاص من ذوي النفوذ، أو ممن يشغلون مناصب رفيعة في الدولة من أجل الحصول على فرصة عمل.

وأكد 69 في المائة من المصريين على أهمية وجود «واسطة» للحصول على عمل، فيما قال 32 في المائة من البحرينيين، و31 في المائة من السوريين، و30 في المائة من العراقيين، و9 في المائة من المصريين أن «الواسطة» هي السبيل الوحيد للحصول على عمل. وترى أغلبية كبيرة في معظم الدول التي شملها الاستطلاع انتشار الفساد على نطاق واسع في مجال الأعمال، حيث اتفق 89 في المائة من اللبنانيين، و87 في المائة من الجزائريين، و85 في المائة من المغاربة مع هذا الرأي، وفقا لنتائج الاستطلاع.

واتفق معظم الشباب العربي على أن أصحاب المشروعات الخاصة لا يعنيهم سوى مصالحهم الشخصية، حيث قال 82 في المائة من اللبنانيين، و72 في المائة من الكويتيين، ونفس النسبة من الفلسطينيين أن أصحاب مشروعات العمل الحر لا يفكرون إلا في تحقيق الربح لأنفسهم فقط.

ووفقا لنتائج الاستطلاع، فإن نسبة مرتفعة نسبيا من الشباب العربي من الذين لا يمتلكون في الوقت الراهن نشاطا تجاريا تعتزم البدء في عمل تجاري خاص بهم في العام المقبل، حيث قال 46 في المائة من السودانيين، و38 في المائة من التونسيين، ونفس النسبة من العراقيين أنهم سيشرعون في عمل خاص بهم في غضون 12 شهرا.

وأعرب أغلب الشباب العرب عن اعتقادهم بأن الانخراط في البرامج التدريبية بشكل منتظم يزيد من فرص الحصول على عمل، أو يسهم في إتاحة عمل أفضل. وتراوحت نسبه دعم هذا الرأي بين 60 في المائة من الشباب الموريتاني (وهي النسبة الأقل على مستوى العالم العربي) إلى 95 في المائة بين الشباب السعودي. وعلى الرغم من جاذبية الوظيفة الحكومية بالنسبة لعدد كبير من الشباب في بعض الدول العربية بما توفره من رواتب جيدة ومضمونة، إلا أنها باتت تواجه عزوفا في بلدان أخرى عبر العالم العربي، وفقا لنتائج الاستطلاع.

واختارت أغلبية الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي والعراق الوظائف الحكومية، بفرض تشابه الأجور وظروف العمل، بينما تباينت الآراء في مصر والمغرب، مما يشير إلى أن بريق الوظائف الحكومية بدأ يخبو مع تنامي الإقبال على الأعمال التجارية في تلك البلدان.

وأرجع المجتمعون في «قمة الدوحة حول الشباب والمشاريع وفرص العمل»العزوف عن الوظيفة الحكومية في بعض الدول العربية إلى قصورها في تلبية طموحات وآمال الشباب، مشددين على أن المنطقة العربية أمام تحد كبير في ظل النمو السكاني الهائل، وندرة فرص العمل المتاحة، وأن الوقت الحالي هو الأفضل للاستثمار في الشباب بالعالم العربي.

وسيجرى نشر مؤشر «صلتك :أصوات شباب العرب» الذي يقيس ويحلل اتجاهات الشباب العربي كل ستة أشهر على مدى العقدين المقبلين.

يشار أن مجلس أمناء مؤسسة «صلتك»، التي جرى الإعلان عنها في مطلع عام 2008، وتهدف إلى وضع حلول لتوفير فرص عمل لشباب العالم العربي، يضم حرم أمير دولة قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند، ومارتي اهتيساري رئيس فنلندا السابق، وماري روبينسون رئيسة جمهورية أيرلندا السابقة، وديفيد بيل رئيس مجلس إدارة صحيفة «فاينانشال تايمز»، والشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد إمارة دبي.