قنبلة موقوتة تهدد محصول القمح العالمي

مخاوف من اكتساح المرض الفطري «يو جي 99» أكثر من 80% من محاصيل القمح حول العالم

محاصيل القمح العالمية تواجه تهديدات حقيقية («الشرق الأوسط»)
TT

كانت حبوب القمح التي وصلت من كينيا جافة وأوراقها مصابة ومخبأة في طبقات عدة من الأغطية. علق علماء الحكومة، الذين يعملون في بيت زجاجي مؤمن بيولوجيا ومزود بمراصد للحركة وكاميرات مراقبة، في معمل أمراض الحبوب بالقديس بول في مينيسوتا بذور القمح المصابة بالفطر في زيت معدني خفيف، ثم بذروها لإنبات الآلاف من نباتات القمح السليمة. وبعد أسبوعين من بذرها، كانت سوق النباتات مغطاة ببقع حمراء مميتة تشبه داء وبائيا يسمى «يو جي 99»؛ وهلكت تلك النباتات كلها تقريبا.

يخشى علماء المحاصيل من أن يكتسح المرض الفطري «يو جي 99» الذي ينتشر من شرقي أفريقيا أكثر من 80% من محاصيل القمح حول العالم. وقد استطاع المرض بالفعل عبور البحر الأحمر والوصول إلى إيران.

ويقول الخبراء إنه من المتوقع وصول المرض إلى سلة خبز شمالي الهند وباكستان، ومن المحتمل أن تحمله الرياح إلى روسيا والصين، بل وحتى إلى شمال أميركا، إذا لم ينقلها الناس أولا.

يقول جيم بيتيرسون الأستاذ بسلالات القمح والعلوم الجينية في جامعة ولاية أوريجون بكورفاليز «إنها تتحرك في الهواء، ويمكن أن تنتقل عن طريق الملابس المسافرة على الطائرة. نحن نعرف أنها سوف تصل إلى هنا. إن المسألة فقط مسألة وقت، حتى تصل إلى هنا».

وبالرغم من أن معظم الأميركيين لم يسمعوا عنه أبدا، فإن مرض «يو جي 99» نوع من أنواع الفطريات التي يطلق عليها صدأ سيقان النباتات، لأنه ينتج قشورا بُنية اللون تميل إلى الحمرة، تجتاح سيقان النباتات، وهو التهديد الأول بالنسبة إلى أكبر المحاصيل العالمية.

ويقدر مركز تحسين القمح والذرة العالمي بالمكسيك أن يتعرض حوالي 19% من قمح العالم، الذي يوفر الطعام إلى ما يقارب مليار شخص في آسيا وأفريقيا، إلى خطر وشيك.

ويقول محسنو سلالات النباتات الأميركيون إن ما قيمته 10 مليار دولار أميركي من القمح سيتعرض للفساد إذا استطاعت تلك العدوى الفطرية شق طريقها إلى حقول الولايات المتحدة.

وقد أدت المخاوف من أن يؤدي ذلك المرض إلى دمار كبير إلى ارتفاع الأسعار متوسطة الأجل في أسواق القمح العالمية، وحتى الآن تم تجنب المجاعة، ولكن الخبراء يقولون إنها مسألة وقت فقط، حيث يقول ريك وراد منسق مشروع المقاومة القوية للصدأ في القمح بجامعة كورنيل في إيثاكا بنيويورك «من المحتمل أن نتعرض إلى كارثة إنسانية كبرى».

ويكمن الحل في تطوير سلالات جديدة من القمح، محصنة ضد مرض «يو جي 99»، وهو ما يسهل قوله، ولكن تطبيقه ليس بتلك السهولة.. فبعد عدة سنوات من العمل المحموم تعرف العلماء على حوالي ستة جينات لديها فعالية فورية في حماية القمح من مرض «يو جي 99»، ولكن زرع تلك الجينات في المحاصيل باستخدام تقنيات علمية معينة هو عملية تستغرق من 9 إلى 12 عاما، وقد تم البدء في تلك العملية الآن فقط، بالإضافة إلى أن تلك العملية يجب أن تكرر على كل سلالة من آلاف السلالات التي تنشأ في كل منطقة أو مناخ معين.

يقول روني كوفمان أحد المتخصصين في سلالات القمح، الذي يرأس مشروع مقاومة الصدأ في القمح «يجب تغيير كل الحبوب خلال الأعوام القليلة القادمة. إنه مشروع ضخم بحق». ويقول جورج دبكوفسكي أستاذ العلوم الجينية وسلالات القمح في يو سي دافيز «إن المزارعين كانوا يصارعون صدأ القمح منذ أن بدأوا في زراعته، وإن الفطريات كانت قد أصابت العشب البري قبل ملايين السنوات منذ أن بدأ الإنسان في زراعته كطعام، وقد استمر الفطر في التحول والتطور. إنه أحد وحوشنا الإنجيلية، فصدأ القمح ليس بالعدو الهين».

وعندما يصيب ذلك الفطر نبات القمح الأخضر، فإنه يشكل قشورا تكسو الطبقة الخارجية من الساق، وتسطو تلك القشور على المياه والعناصر الغذائية وتستغلهما لتكوين المزيد من القشور. وبعد أسبوعين من بداية الهجوم، تكون ملايين من القشور قد كست ما يقارب 2.5 أكر من الحقول. وتستطيع نباتات القمح، التي تتعرف على بعض المواد الكيميائية التي يفرزها الصدأ، شن حملة مقاومة ضده، ولكن الصدأ لديه القدرة على التطور واجتياح الجهاز المناعي للنبات، والاستمرار في الانتشار.

لقد دمر صدأ القمح أكثر من حوالي 20% من محاصيل القمح في الولايات المتحدة في الفترة من 1917 إلى 1935، وبلغت الخسارة حوالي 9%، وهو ضعف المعدل في الخمسينات من القرن الماضي. وكان آخر انتشار كبير لذلك المرض في عام 1962، وقد دمر حوالي 5.2% من محصول القمح الأميركي، وفقا لبيترسون الذي يترأس لجنة تحسين القمح القومي.

* خدمة «نيويورك تايمز»